مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
لكي نستطيع التواصل مع هذه القصيدة لا بد من إدراك الطريقة التي اعتمدها الشاعر في بناء هذه القصيدة ، حيث وظف الشاعرُ قصة كليب والزير سالم ـ القصة المعروفة ـ كرمز تاريخي أسقطه على حال العرب أيام الرئيس السادات ومعاهدة الصلح التي وقعاها مع إسرائيل ؛ والشاعر في هذه القصيدة يسجل موقفه الرافض لهذا السلام ، الذي ينتقص في رأيه من كرامة العرب وحقهم ؛ من خلال قصة الزير سالم وكليب ؛ فيرمز إلى حق العرب في قضية فلسطين والأراضي المحتلة[ بثأر كليب المغدور]؛ وإلى الرئيس السادات برمز[ الزير سالم] باعتباره هو من أخذ على عاتقه الثأر لأخيه كليب ؛ ويطلب من السادات إلاَّ يقبل بالصلح أسوةً بما فعله الزير مع[ بني بكر قتلة أخيه كليب] الذين رمز بصورتهم في القصيدة إلى إسرائيل ، أما كليب فقد أخذ الشاعر مكانه في القصيدة ؛ فَصِيغَتْ القصيدة على لسان كليب موجّهةً إلى أخيه الزير سالم ؛ وهذا مايُسمَّى في الأدب بـ ( الإسقاط من خلال الرمز التاريخي ) أي أنَّ الشاعر أسقط شخوص حكاية الزير وكليب وهي مأخوذة من واقعة تاريخية قديمة على حدث عاشه الشاعر في زمانه ؛ فأعاد توظيف الحكاية القديمة بأشخاصها ، من خلال صياغة جديدة لصالح الحدث الحاضر، وليخاطب من خلالها بهذه الرمزية أشخاصا عاصرهم ؛ رأى فيهم صورةً لأبطال قصة الزير وكليب .
مقتل كليب و ( الوصايا العشر )
.. فنظر "كليب" حواليه وتحسَّر، وذرف دمعة وتعبَّر، ورأى عبدًا واقفًا فقال له: أريد منك يا عبد الخير ، قبل أن تسلبني ، أن تسحبني إلى هذه البلاطة القريبة من هذا الغدير ، لأكتب وصيتي إلى أخي الأمير سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي .. فسحبه العبد إلى قرب البلاطة ، والرمح غارسٌ في ظهره ، والدم يقطر من جنبه .. فغمس "كليب" إصبعه في الدم ، وخطَّ على البلاطة وأنشأ يقول ..
رد: مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
قصة الأمير سالم الزير
لا تصالح
[ 1 ]
ـــــــــــ لاتُصالحْ
ـــــــــــ ... ولو منحوكَ الذهَبْ
ـــــــــــ أتُرى حين أفقأُ عينيكَ،
ـــــــــــ ثمَّ أثبِّتُ جوهرتين مكانهما..
ـــــــــــ هل تَرَى ..؟
ـــــــــــ هي أشياءُ لا تُشتَرى ...:
ـــــــــــ ذكرياتُ الطفولةِ بين أخيكَ وبينَكَ،
ــــــــــ ـ حِسُّكمُا ـ فجأة ـ بالرجولةِ،
ــــــــــ ـ هذا الحياءُ الذي يكبُتُ الشوق .. حين تعانقُهُ
ــــــــــ ـ الصمتُ ـ مبتسَمنْ ـ لتأنيب أمكما ..
ـــــــــــــ وكأنكما
ــــــــــــــما تزالان طفلين !
ـــــــــــ تلك الطمأنينةُ الأبديّةُ بينكما :
ــــــــــــــــ أنَّ سيفانِ سيفَكَ ..
ــــــــــــــــ صوتانِ صوتَكَ ..
ـــــــــــ إنَّك إن متَّ :
ــــــــــــــــللبت ربّ
ــــــــــــــــوللطفل أبْ
ـــــــــــ هل يصير دمي ـ بين عينيك ـ ماءْ؟
ـــــــــــ أتنسى ردائي الملطخ ..
ـــــــــــ تلبسُ ـ فوق دمائي ـ ثيابًا مطرَّزةً بالقصبْ؟
ـــــــــــ إنها الحربُ !
ـــــــــــ قد تُثقلُ القلبَ
ـــــــــــ لكنَّ خلفكَ عار العرب
ـــــــــــ لا تصالح ولا تتوخَّ الهَرَبْ !
[ 2 ]
ـــــــــــ لا تصالح على الدم .. حتَّى بِدَمْ !
ـــــــــــ لا تصالح ! ولوقِيلَ رأسٌ برأسْ !
ـــــــــــ أَكُلُ الرؤوسِ سَوَاء؟!
ـــــــــــ أَقلبُ الغريبِ كقلبِ أَخِيك؟!
ـــــــــــ أَعَينَاهُ أَعَينَاهُ؟!
ـــــــــــ هل تتساوى يدٌ .. سيفُها كانلَكْ
ــــــــــــــــبيدٍ سيفُها أَثْكَلَكَ؟
ـــــــــــسيقولونَ :
ــــــــــــــــجئناكَ كي تحقنَ الدم ..
ــــــــــــــــجئناكَ . كُنْ ـ يا أميرُ ـالحَكَمْ
ـــــــــــسيقولون :
ــــــــــــــــ ها نحن أبناءُ عمْ .
ـــــــــــ قل لهم : إنهم لم يُراعوا العمومةَ فيمن هَلَكْ .
ـــــــــــ واغرس السيفَ في جبهةِ الصَّحراءِ ..
ـــــــــــ إلى أن يجيبَ العَدمْ .
ـــــــــــ إنَّني كُنتُ لَكْ
ـــــــــــفارسًا .
ـــــــــــــوأخًا .
ـــــــــــــــوأبًا .
ــــــــــــــــومَلِكْ !
رد: مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
[ 3 ]
ــــــــــ لا تصالح
ـــــــــــولو حَرَمَتْكَ الرقادْ
ـــــــــــصرخاتُ الندامةْ
ـــــــــــوتذكَّرْ
ـــــــــــ ( إذا لان قلبكَ للنسوةِ اللابسات السوادْ ولأطفالهن الذين تُخَصِمهم الابتسامةْ )
ـــــــــــ أنَّ بنتَ أخيكَ (( اليمامة ))
ـــــــــــزهرةٌ تتسربلُ ـ في سنوات الصباـ
ـــــــــــبثيابِ الحدادْ
ـــــــــــكنتُ إن عدتُ :
ــــــــــــــــتعدو على دَرَجِ القصرِ،
ــــــــــــــــتُمسكُ ساقي عند نزولي ..
ــــــــــــــــفأرفعها ـ وهي ضاحكةٌ ـ
ــــــــــــــــفوق ظهر الجوادْ .
ـــــــــــ ها هي الآن .. صامتةٌ
ـــــــــــحرمتها يدٌ الغدرِ :
ــــــــــــــــمن كلمات أبيها ،
ــــــــــــــــ ارتداءِ الثيابِ الجديدةِ،
ـــــــــــمن أن يكون لها ـ ذات يوم ـ أخٌ !
ـــــــــــمن أبٍ يَتَبَسَّمُ في عرسها ..
ـــــــــــوتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها ..
ـــــــــــوإذا زارها .. يتسابق أحفادُه نحو أحضانهِ،
ـــــــــــلينالوا الهدايا ..
ـــــــــــويلهوا بلحيته ( وهو مستسلمٌ )
ـــــــــــويشدُّ العمامةْ .
ـــــــــــ لا تصالحْ !
ـــــــــــفما ذنبُ تلك اليمامة
ـــــــــــلترى العشَّ محترقًا .. فجأةً،
ـــــــــــوهي تجلس فوق الرمادْ !
[ 4 ]
ـــــــــــ لا تصالحْ
ـــــــــــولو توَّجوك بتاج الإمارة .
ـــــــــــكيف تخطو على جثةِ ابن أبيكَ ..؟
ـــــــــــوكيف تصير المليك ..
ـــــــــ على أَوْجُهِ البهجةِ المستعارة؟
ـــــــــــكيف تنظر في يدِ من صافحوكَ ..
ـــــــــــفلا تبصر الدمَ ..
ـــــــــــفي كلِّ كفْ ؟
ـــــــــ إنَّ سهمًا أتاني من الخلفْ ..
ـــــــــــسوف يجيئُكَ من أَلفِ خَلفْ .
ـــــــــــفالدمُ ـ الآن ـ صار وسامًا وشارةْ .
ــــــــــ لا تصالحْ ،
ـــــــــــولو توَّجوكَ بتاج الإمارةْ
ـــــــــ إنَّ عرشَكَ : سيفٌ
ــــــــــــــــوسيفُكَ : زيفٌ
ـــــــــ إذا لم تَزِنْ ـ بذؤابته ـ لحظاتِ الشَّرفْ
ـــــــــــــــــــواستطَبتَ ـ التَّرفْ .
رد: مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
[ 5 ]
ــــــــــ لا تصالحْ
ـــــــــــولو قال مَنْ مال عندالصِّدامْ
ـــــــــــ (( .. ما لنا طاقةٌ لامتشاق الحُسامْ ))
ــــــــــ عندما يملأ الحقُّ قلبَكَ :
ــــــــــــــــتندلع النَّار إنْ تَتَنَفَّسْ .
ــــــــــــــــولسانُ الجَرِيمةِ أخرسْ .
ــــــــــ لا تصالحْ
ـــــــــــولو قيلَ ما قيلَ من كلمات السّلامْ .
ـــــــــــكيف تستنشقُ الرئتانِ نسيم السلام المُدَنَّسْ؟
ـــــــــــكيف تَنظرُ في عيني امرأةٍ ..
ــــــــــ أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها في الظلام؟
ـــــــــــكيف تُصبحُ فارسها في الغرامْ؟
ـــــــــــكيف ترجو غدًا .. لوليدٍ ينام
ـــــــــــوهو يكبرُ ـ بين يديك ـ بقلبٍ مُنَكَّس
ــــــــــ لا تصالحْ
ـــــــــــولا تقتسم مع من قتلوك الطعام .
ـــــــــــواروِ قلبَكَ بالدمْ ..
ـــــــــــواروِ التراب المقدَّسْ ..
ـــــــــــواروِ أسلافَكَ الراقدينَ ..
ــــــــــ إلى أنْ تُجِيبَ العِظامْ!
[ 6 ]
ــــــــــ لا تصالحْ
ـــــــــــولو نَاشَدَتْكَ القبيلة
ـــــــــــباسم حزنِ "الجليلة"
ــــــــــ أن تسوق الدهاءَ،
ـــــــــــوتُبْدي - لمن قَصدوكَ – القَبُولْ .
ـــــــــــسيقولونَ :
ـــــــــــــــ ها أنتَ تطلبُ ثأرًا يطولْ
ــــــــــــــــخُذْ -الآنَ- ما تستطيعُ :
ــــــــــــــــقليلاً من الحقِّ ..
ــــــــــــــــفي هذه السنواتِ القليلة .
ـــــــــــــــ إنه ليس ثَأرَكَ وحدَك،
ــــــــــــــــلكنه ثأر جيلٍ فجيلْ
ــــــــــــــــوغدًا..
ــــــــــــــــسوف يُولدُ من يلبسُ الدرع كاملةً،
ــــــــــــــــيُوقدُ النَّارَ شَاملةً،
ــــــــــــــــيطلب الثأرَ،
ــــــــــــــــيَسْتَولد الحقَّ مِن أَضْلُعِ المستحيلْ .
ــــــــــ لا تصالح
ـــــــــــولو قيلَ إن التصالحَ حيلةْ .
ــــــــــ إنه الثأرْ .
ـــــــــــتبهتُ شُعلتهُ في الضلوع ..
ــــــــــ إذا ما توالتْ عليها الفصولْ ..
ـــــــــــثم تبقى يدُ العارِ مرسومةً ( بأصابعها الخمسِ )
ـــــــــــــــــــفوق الجباهِ الذليلةْ !
رد: مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبدالله
قصة الأمير سالم الزير
لا تصالح
[ 1 ]
ـــــــــــ لاتُصالحْ
ـــــــــــ ... ولو منحوكَ الذهَبْ
ـــــــــــ أتُرى حين أفقأُ عينيكَ،
ـــــــــــ ثمَّ أثبِّتُ جوهرتين مكانهما..
ـــــــــــ هل تَرَى ..؟
ـــــــــــ هي أشياءُ لا تُشتَرى ...:
ـــــــــــ ذكرياتُ الطفولةِ بين أخيكَ وبينَكَ،
ــــــــــ ـ حِسُّكمُا ـ فجأة ـ بالرجولةِ،
ــــــــــ ـ هذا الحياءُ الذي يكبُتُ الشوق .. حين تعانقُهُ
ــــــــــ ـ الصمتُ ـ مبتسَمنْ ـ لتأنيب أمكما ..
ـــــــــــــ وكأنكما
ــــــــــــــما تزالان طفلين !
ـــــــــــ تلك الطمأنينةُ الأبديّةُ بينكما :
ــــــــــــــــ أنَّ سيفانِ سيفَكَ ..
ــــــــــــــــ صوتانِ صوتَكَ ..
ـــــــــــ إنَّك إن متَّ :
ــــــــــــــــللبت ربّ
ــــــــــــــــوللطفل أبْ
ـــــــــــ هل يصير دمي ـ بين عينيك ـ ماءْ؟
ـــــــــــ أتنسى ردائي الملطخ ..
ـــــــــــ تلبسُ ـ فوق دمائي ـ ثيابًا مطرَّزةً بالقصبْ؟
ـــــــــــ إنها الحربُ !
ـــــــــــ قد تُثقلُ القلبَ
ـــــــــــ لكنَّ خلفكَ عار العرب
ـــــــــــ لا تصالح ولا تتوخَّ الهَرَبْ !
[ 2 ]
ـــــــــــ لا تصالح على الدم .. حتَّى بِدَمْ !
ـــــــــــ لا تصالح ! ولوقِيلَ رأسٌ برأسْ !
ـــــــــــ أَكُلُ الرؤوسِ سَوَاء؟!
ـــــــــــ أَقلبُ الغريبِ كقلبِ أَخِيك؟!
ـــــــــــ أَعَينَاهُ أَعَينَاهُ؟!
ـــــــــــ هل تتساوى يدٌ .. سيفُها كانلَكْ
ــــــــــــــــبيدٍ سيفُها أَثْكَلَكَ؟
ـــــــــــسيقولونَ :
ــــــــــــــــجئناكَ كي تحقنَ الدم ..
ــــــــــــــــجئناكَ . كُنْ ـ يا أميرُ ـالحَكَمْ
ـــــــــــسيقولون :
ــــــــــــــــ ها نحن أبناءُ عمْ .
ـــــــــــ قل لهم : إنهم لم يُراعوا العمومةَ فيمن هَلَكْ .
ـــــــــــ واغرس السيفَ في جبهةِ الصَّحراءِ ..
ـــــــــــ إلى أن يجيبَ العَدمْ .
ـــــــــــ إنَّني كُنتُ لَكْ
ـــــــــــفارسًا .
ـــــــــــــوأخًا .
ـــــــــــــــوأبًا .
ــــــــــــــــومَلِكْ !
الأستاذ محمد عبد الله ما هو بالأحمر الأصح هو الآتي
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
شكراً كبيرا لهذا الاختيار الأجمل
تحية ملء الكرامة
التوقيع
لايكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك , عليك أن تخطو تجاهها و التوقف عن الاختباء خلف الزمن,
رد: مقتل كليب و ( الوصايا العشر ) للشاعر الكبير أمل دنقل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرمر القاسم
الأستاذ محمد عبد الله ما هو بالأحمر الأصح هو الآتي
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
شكراً كبيرا لهذا الاختيار الأجمل
تحية ملء الكرامة
أهلا وسهلا بك عزيزتي ابنة حيفا الغالية وأشكر لك اهتمامك وتنويهك الكريم ورحم الله خطأ ساق الكرام إلي
أرجو التعديل ألى ( أعيناه عيناه ) كما هو ثابت في مصدر نقلي
دمتي بود وكل عام وأنت بخير