رايتُ وجهكِ مذبوح الهوى وَجِلا = وقد بكى الصّمتُ في عينيكِ مؤتمِلا ؟
لأنتِ بغداد ،قد سالت نوائبها = من كل فجٍّ مطير الحزنِ إذ هطلا
فشهرزاد حداءُ الوجدِ غنوتها = وشهريارُ غَروبَ الدمّع إن ســـُئلا
وكنت أنت ِ كنبع الماء في عطشي = جعلت من جنّــة الأشـــواق ِ لي نزلا
وكنت ِ وعدي على مَرِّ الجراح ، وفي = دجى الدروب ، ضربت ِ الحب لي مثلا
فمن صنيع الهوى ، شعرا وقافية = على عيون المها ، فليُسكب الغزلا
فأيـــن نخلك مـــن شمـــس تمشطه ؟= على مرايا الغروب ضوءها ً وَجِلا
وأين بابل َ من عشتار تملؤها = شوقا لألوان حبٍّ لو يجيء ؛ – هلا-
أأستقيل من الأفراح يا وجعي = وأنزف الدمع يوم ألتقي المقلا؟
أم يرتدي النخل جرحي ، أم أغني ما = أضاع ليلي ، وما تقوّل الجهلا ؟
أرقت ُ يا لون ميلادي على ألمي = وما سلاك سؤال القلب أو غفلا
على مناديلك الزرقاء أحلامي = ترفُّ لي ، وتغني لي هوى رحلا
ألملم الشوك َ عن حبري وأقلامي = وعن عصافير حزنٍ أثقلت مُقَلا
وحول جفني َّ يرسم السلام يدا = وبين أسىً ودمي يمّدها أمــــــلا
حتى م َ يأخذكَ المساء إلى المساء
ودمي يسربله انتظارك في الخفاء
ويظلُّ يمضغني السّؤال
ذاتُ السّؤال..متى تعود ؟
ذا ألف فجرٍ عاد من أحزانه
وحصان فجرك لم يعد
مازال يوميء من بعيد
ولا جديد
وأظل انتظر الصباح إلى الصّباح
ولا تعود...
عادت إلى أعشاشها كل الطّيور
وهفت إلى أحضانها الأطفال
الكل عاد إلى وطن
إلا أنا ..مازال حضني باردا
يلتف بالذكرى كفن ...
فمتى تعود ؟
هرمت نهاراتي
وسال العمر يركض للزوال
وأنا انتظارك ما أزال
مازلت أقتسم الرغيف
وأحطّ ملعقتين فوق المائدة
وأظل أمعن في الجدار
أتذكر الضحكات
والقبلة النّدية في النّهار
وأعود أصرخ في السّراب
بلا جواب
لم كلما آنست ُ بابا
سُدّ في وجهي باب
آه قد ولى الشباب
وأطل من غدك الخريف
ولا يزال الصمت منسيا
ينام على الرّصيف ... متى تعود
.
.
ذبلت عناقيد الصّبا
وتهدل الجسد الجميل
وتهامس َ الواشون
عن طول انتظاري في الطريق
وحدي أعود بلا رفيق
وحدي تهدهدني الظنون
ويقلقني الجنون
وصمتُّ احتسب الغد الموعود
في كل الوعود
متى تعود
مازلت تجرحُ صمتي َ المقتولا = وتزيد في وجع الغرام عويلا
وتهيلُ بالحرمان ِ فوق َ رسائلي = عطشا ، تزيد به السّطور ذبولا
وتشدُّ في وتر العناد ، فيرتخي = جفناي إذ أمسى هواك عليلا
فكأنني الحُلُم الذي مزقته = أسفا ، تمر ُّ على الدروب مَلولا
وكأن خطوك َ إذ بدا متثاقلا = سفن ٌ تدق ُّ إلى الرّحيل طبولا
تطأ النّدى وألوذ ُ بي من زفرتي=مزَقَاً أُذَرُّ على التّراب ،مهيلا
أجد الصّباح على نواك معاندا=والليل - إلا في مداك - ثقيلا
فإلامَ تأسرني الهواجس أيُّها الـ= مرسوم في لون المساء رحيلا
وإلام َيمضغني انتظارك في الخفا= وخيول حزنيَ لاتكفَّ صهيلا
ألأنّك الموشوم في قلبي أنا =أبكيتَ وردي في الغروب طويلا
ستظل يا من لست أسلو حبه= قمرا ينام على العيون كسولا
وتظلُّ في طيّات ثوبي لمسةً= دقّت على باب السّماءِ رسولا
وسترتمي بيني وبين دفاتري =زمن الغياب حكاية وفصولا
يا غصة ً أبت الرّقاد وسافرت = في لوح عمري ، ما أردت ُ بديلا
ناءٍ عَنِ الدّارِ
للنّهارِ الذي لاتكون به شَمْسُكَ أفـُقـي الملوّنَ بالشّعرِ؛ وماأطولهُ هذا النّهار..!
غافٍ على حَجَرٍ في هدأةِ الأرقِ = سِيانِ أنْ ذّبُلّتْ عينايَ في الغَسَقِ
أو بلّـلَ المطرُ الأحلامَ في رَحِلي= عندَ التماعِ النّدى جرحاً على حَدَقي
كلّ الدّروبِ لها أنشودةٌ وسنا = إلا دروبي بدتْ ملتاعةَ الشّفَقِ
فكم أويتُ إلى صمتي أسامرُهُ =وكم سَكَبْتُ على ظلي من الحَنَقِ
ناءٍ عن الدّارِ سلطانا أعاتبه = بجمرِ دمعٍ على الأيامِ ِمندلقِ
فكيفَ بي لو مضتْ ريحُ النّوى قُدُما = تقتاتني وأنا أقتاتُ من رَمَقي
أأصمتُ الدّهرَ والأمطارُ تشرَبُني = ويُنْبُتُ العشبُ أحزاني على طبقي؟
ففي عيوني عصافيرٌ مكبلةٌ = وفي خطاكَ مواعيدٌ من الورقِ
وذي أنا في رحابِ الفجرِ سنبلة ٌ = تمايسُ الرّيحَ والأنوارُ لم تفِقِ
مرّ النّهارُ وعيناك اخضرارُ ندى = أو جدب قلب إلى لقياكَ محترقِ
تضَرّجَتْ بانتظاري ألف مَحرَقةٍ = من الغيابِ الذي يغفو على طُرُقي
منَ الرّحيلِ الذي قد عاثَ في سُحُبٍ =يأوي لها مدمعي المبتلّ بالأرق ِ
ياشاعر َ الوجدِ كم ليلٍ أعانِدُهُ =تاقتْ إليك أزاهيري ولم تَتُقِ
أدمنتُ صوتَكَ يدنيني ويبعدني = وكبّلتْ مُدُني في كفِّكَ العبِقِ
آمنتُ أنّ نِبالَ الشّوق ِ تذبحني = فجيء بالصّبر معقودا على أفقي