مرحبا بكم جميع وكل عام وانتم بخير
بداية اود التوضيح ان كل كتاباتي بحاجة الى تحرير ومراجعه وعليه اقتضى التنويه
هذه قصه قصيره من القصص التي كتبت وتحدث في فلسطين ومع اهل فلسطين نرجو ان تلقى الاعجاب مع تحياتي
عيد الإســـــــــتقلال
مريم فتاة فلسطينية , مسلمة , وربما .......مسيحيه.
وهي فتاة جريئة , سريعة التأثر خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكرامة الانسان وقهره ,عندما تتذكر مريم تلك اللحظة , قبل خمسة عشر عاما , تلك اللحظة التي أدمت قلبها , وعصفت بكل أحلامها , كانت تستذكر حياة أهل الرباط .
كان جو العائلة تلك الأمسية مشحونا بالغضب , فالوالد عاد بعد خمسة عشر يوما من العمل في فلسطين المحتلة ــ المحرمة على الفلسطينيين ــ عاد متألما متعبا ويائسا , ذلك أنه يذهب متسللا عبر البساتين ويعود كذلك متسللا, ينام في البناية التي يعمل فيها , يحرم عليه اشعال النور , او الخروج من البناية إلى أي مكان آخر, وفي ذلك اليوم أيضا تأخر شقيقها سمير ولم يعد من الجامعة حتى غروب الشمس على غير عادته .
لم يكن سمير الوحيد المتأخر ذلك اليوم , الكثير من الشباب والشابات لم يعودوا حتى تلك اللحظة , كل العائلات تترقب في خوف وألم عودة أبنائها من الجامعة , الجميع في الساحات والشوارع . الانتفاضة الثانية في بدايتها , في لحظة صمت قاتله دوت السيارات معلنة نهاية الكابوس المرعب , سمير وقد تحولق حوله كل العائله شاحب الوجه منهك القوى , عندما تكلم عن سبب تأخره زاد من غضب وألم مريم , أخبرهم بأن جند الإحتلال منع الجميع من دخول البلدة وأرغمهم على العودة للمدينة , لكن الشباب إلتفوا حول كروم العنب التي تشتهر به مدينة الخليل وما حولها بعيدا عن (المحسوم ) كما هومتعارف عليه في فلسطين ويعني حاجز عسكري , لكنهم تفاجئوا بدورية تمشط المكان بحثا عن شباب مغامرين ,ألقت القبض عليهم , قيدت أيديهم وراء ظهورهم أجبرتهم عى الوقوف على قدم واحده , وأجبرتهم أيضا على أن يواجهوا الجدار .
كلما كلّ أحدهم من الوقوف ,وأراد أن يقف على القدم الأخرى منعه الجند وطعنوه بكعب البندقية في ظهره , هكذا أمضى الشباب ساعات من الألم والمعانة والذل ,غربت الشمس وهدأ الصوت المزعج الذي كان يصدر عن الجنود المستهترين, التفت شاب فلم يجد أحدا حولهم , علم بأن الجنود رحلوا , ثم غادرالشباب المكان وما زالوا مكبليين حتى وصلوا الشارع العام حيث أنقذهم أحد المارة , كانت أيديهم تكاد تنزف من شدة الألم.
مريم تكاد تبكي , منذ وصول مريم وعائلتها إلى البلدة قبل شهور وهي تتألم لما يجري من حولها , كانت تحلم بالزواج والزفاف والفرح والسفر كما تعودت ان تشاهد ذلك في عمان في صالات الافراح ,لكنها عندما شاهدت في الأخبار إمرأة تضع مولودها على حاجز عسكري ,عروس ببدلتها البيضاء تمشى على الأشواك وتتسلق الجدران ( السناسل ) حتى تتخطى حاجز عسكري آخر , جند يقتحموا المنازل ويرعبوا الأطفال والنساء , و ... و ...
عادت بذاكرتها إلى أيام طفولتها ، في عمان، حيث عاشت بأمن وأمان وحرية التنقل في كل مكان، والابتسامة والفرحة تغمر كل إنسان.
عرفت أن الطفولة في فلسطين موؤوده، والبراءة مفقودة، أطفال فلسطين يولدون ويكبرون دون أن يمروا في فترة الطفولة الجميلة , فكانت تتساءل دائماً.....
لماذا حياة الفلسطيني ألم وعذاب ؟
لماذا تهان في فلسطين حياة الإنسان ؟
لماذا لم يشعر بهم أي إنســـــــــان ؟ أين تكمن المشكلة ؟
في الإعلام.....في الحكام....أم في الإنسان الفلسطيني الذي ضحى...جابه... وصمد في وجه الطغيان ؟
لماذا لم نأخذ من الجميع إلا.... كلام...في كلام ؟
كانت تحدث نفسها...وهي تسبح في بحر من الظلام.... وفي قسوة الطغيان.... وتتمتم
هنا أرض مقدسة مباركة.
هنا الوطن الغالي....هنا أولى القبلتين ...هنا ثالث الحرمين الشريفين...ماذا ينقصنا...سوى الحرية...الحرية...الحرية ؟
في صباح اليوم التالي طالبات الصف الثامن بانتظار معلمة اللغة العربية ,مريم تحمل قلبا متألما , غادرت شفتيها الإبتسامة من أول يوم وطأة قدميها أرض البلدة , ذلك اليوم الذي اقتحم الجند البلدة بحثا عن شباب المقاومة , فيما كانت تلعب مع صديقاتها , تفاجأت بالجند حولها ككلاب الصيد , صرخت تألمت , فقدت وعيها تلك اللحظة , ما زالت تلك الذكرى تعذبها , تدخل المعلمة مبتسمة كعادتها, تحيي الطالبات تضع الكتاب على الطاوله , تمسك تبشورة , تكتب على السبورة بخط كبير , عيد الإستقلال , حملقت مريم متجهمة من عنوان الدرس ,ضربت بيديها الطاولة بغضب , فيما لاحت ابتسامة باهتة شفاه الطالبات , رمقت المعلمة مريم نظرة تحذير , تابعت المعلمة قائلة : ـ انه في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني من عام الف وتسعمائة وثمانية وثمانون أعلن المجلس الوطني الفلسطيني قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف .
صفقت الطالبات بحرارة ، لكن مريم دمعت عيناها , صرخت بانفعال ، ـ إنه وهم وخيال ـ انزعجت المعلمة منها , وقالت : مريم قفي لو سمحتي .
وقفت مريم حزينة ومنفعله، قالت المعلمة : ما حكايتك يا مريم، ألم يعجبك عنوان درسنا اليوم ؟
قالت مريم : إنه حلم...حلم ، صدري يتوقد ناراً، قلبي يعتصر غضباً، لم أعد أحتمل إنه وهم .
قالت المعلمة : لكننا ندير شؤوننا بأنفسنا وهذه البداية.
قالت مريم : هل يستطع أحداً الوصول إلى عاصمتنا القدس ؟
كم مر من الزمن دون أن يسمح لأحد الصلاة في الأقصى ؟
كم مرة منعت يا سيدتي من الوصول إلى المدرسة وأنت تسكنين بالجوار ؟
قالت المعلمة: تذكري قول الشاعر: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
هكذا كان حال معظم شعوب العالم، وأخيرا حصلوا على استقلالهم .
قالت: لم تكن إسرائيل التي يدعمها العالم أجمع موجودة , وإلا لما حصلوا على ذلك ، كل قرية هنا سجن، كل مدينة في فلسطين سجن، فلسطين كلها سجن كبير، والعالم من حولنا لا يأبه بنا، لقد أغمض عينيه لكي لا يرانا، وسد أذنيه لكي لا يسمعنا، إنها إسرائيل. حياتنا هنا....دفاعنا عن أنفسنا ... إرهاب .
قتلهم لنا، هدم بيوتنا، تخريب أرضنا، اقتلاع أشجارنا، سجن أبناءنا، تحميه الشرعية الدولية، وأمريكا الإمبريالية، و أوروبا الصليبية ، وكل ذلك أمام عيون الدول العربية، أين الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب ويتهمنا بالرجعية ، كانت مريم منفعلة وهي تتكلم بأعلى صوتها.
حلم مريم الان هو حلم كل فتاة فلسطينية، حلم كل شاب فلسطيني، حلم كل رجل وامرأة فلسطينية، إنه حلم الصغير والكبير، حلمها تحرير الأرض، تحرير الانسان الفلسطيني حلمها هو الحرية... الحرية .
صفقت الطالبات بحرارة، توجهت المعلمة نحو مريم ، نظرت إليها بحنان، وإحتضنتها بين ذراعيها، ومسحت الدمع عن عينيها، وقالت ، لقد قلت يا مريم ما يشعر به كل فلسطيني وفلسطينية، لا بد أن نكافح لنصنع الحرية، وهتفت الطالبات .