(1)
من تقنيات التنمية البشرية في الوصول إلى أهدافها:
أ- حصر قصص النجاح واستحضارها وتأكيدها وذكرها واستخلاص العبر والعظات والمحاور التي يمكن أن تفيد.
ب- ربط الإنسان بالقيم السامية بوسائل شتى ربطا دائما.
ج- إتاحة بيئة إيجابية للمرء حتى يتأثر بها تفكيرا ونفسا وسلوكا بعد ذلك.
د- ذكر القصة ثم ذكر النتائج بالطريقة الاستدراجية.
كيف؟
تذكر النتائج فيضطر المرء إلى إعادة القراءة مرة أخرى.
لماذا؟
لأنه يفاجأ بأن القصة ليست عابرة بل هي توجهه وتعنيه، وقد قرأها قبلا برؤية أخرى ظهر فيها غيره الذي هو بطلها.
ه- محاكاة الفنون فيما يسمى التطهير.
ما التطهير؟
إنها تجربة يقرأها المرء أو يشاهدها تجعله يعيشها من خلال آخر ينتقل به بين مختلف المشاعر من غضب إلى تنفيس عنه فيحدث الرضا ويتخلص الإنسان من طاقة العنف والتدمير داخله تخلصا نفسيا من دون آثار واقعية على الآخرين.
و-... إلخ.
(2)
وإذا جئنا للمسلم وجدنا أمره عجبا!
لماذا؟
لأنه متصل بالله تعالى واهب التصورات الإيجابية وواهب القوى الفكرية النافعة، وكلما ازداد المسلم معرفة بربه زاد سموا وتطهرا ونفعا وإيجابية.
كيف يعرف المسلم ربه؟
بمعرفة علم التوحيد لا سيما توحيد الأسماء والصفات المتصل بالأسماء الحسنى، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]، وقال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]، وقال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8]، وقال: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 24].
وورد في صحيح البخاري: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ!
(3)
كيف ينتفع المسلم بأسماء الله الحسنى؟
أ- مسند أحمد
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْجُهَنِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ! أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ- أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا! قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا.
ب- كتاب "القول السديد" للعلامة الإمام عبد الرحمن السعدي رحمه الله الوارد تعليقا على كتاب "التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ص118-120
يقول: قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ): أصل التوحيد إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من الأسماء الحسنى. ومعرفة ما احتوت عليه من المعاني الجليلة، والمعارف الجميلة، والتعبد لله بها ودعاؤه بها، فكل مطلب يطلبه العبد من ربه من أمور دينه ودنياه فليتوسل إليه باسم مناسب له من أسماء الله الحسنى؛ فمن دعاه لحصول رزق فليسأله باسمه الرزاق، ولحصول رحمة ومغفرة فباسمه الرحيم الرحمن البر الكريم العفو الغفور التواب ونحو ذلك.
وأفضل من ذلك أن يدعوه بأسمائه وصفاته دعاء العبادة، وذلك باستحضار معاني الأسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب بآثارها ومقتضياتها، وتمتلئ بأجل المعارف. فمثلا أسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلب تعظيما لله وإجلالا له، وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة لله وشوقا له وحمدا له وشكرا، وأسماء العزيز والحكمة والعلم والقدرة تملأ القلب خضوعا لله وخشوعا وانكسارا بين يديه، وأسماء العلم والخبرة والإحاطة والمراقبة والمشاهدة تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات وحراسة للخواطر عن الأفكار الردية والإرادات الفاسدة، وأسماء الغنى واللطف تملأ القلب افتقارا واضطرارا إليه والتفاتا إليه كل وقت في كل حال.
فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد بأسمائه وصفاته وتعبده بها لله لا يحصل العبد في الدنيا أجل ولا أفضل ولا أكمل منها، وهي أفضل العطايا من الله لعبده، وهي روح التوحيد وروحه، ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخاص والإيمان الكامل، الذي لا يحصل إلا للكمل من الموحدين. وإثبات الأسماء والصفات هو الأصل لهذا المطلب الأعلى.
وأما الإلحاد في أسماء الله وصفاته فإنه ينافي هذا المقصد العظيم أعظم منافاة، والإلحاد أنواع إما أن ينفي الملحد معانيها كما تفعله الجهمية ومن تبعهم، وإما بتشبيهها بصفات المخلوقين كما يفعله المشبهة من الرافضة وغيرهم، وإما بتسمية المخلوقين بها كما يفعله المشركون حيث سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، فاشتقوا لها من أسماء الله الحسنى فشبهوها بالله، ثم جعلوا لها من حقوق العبادة ما هو من حقوق الله الخاصة، فحقيقة الإلحاد في أسماء الله هو الميل بها عن مقصودها لفظا أو معنى، تصريحا أو تأويلا أو تحريفا. وكل ذلك مناف للتوحيد والإيمان.
ج- كتاب "أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة" للدكتور محمود عبد الرازق الرضواني
يقول: "وكلها أسماء وردت في نص الكتاب أو صحيح السنة، وإذا علم المسلم ذلك لزمه أن يؤمن بها ولا يسعه ردها، وأنه يجوز له أن يسمي ولده بالتعبد لها، وكذلك يدعو الله بها دعاء مسألة ودعاء عبادة".
دعاء مسألة؟
ودعاء عبادة؟
نعم.
ما معناهما؟
نقل الدكتور كلام ابن القيم فقال: وقد ذكر ابن القيم أن الإحصاء على ثلاث مراتب هي: أولها إحصاء ألفاظها وعددها، وثانيها فهم معانيها ومدلولها دعاؤه، وثالثها التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان:
الوجه الأول: أن تدعو الله بها دعاء مسألة لقوله تعالى: (فادعوه بها) بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسبا لحالك، كأن تقول في حال ذنبك: يا غفور اغفر لي، ويا رحيم ارحمني. وفي حال فقرك: يا رزاق ارزقني، ويا غني اغننى بفضلك عمن سواك. وفي حال ضعفك: يا قوى قوني، وفي حال جهلك تقول: يا عليم علمني. إلى غير ذلك مما يتطلب فقها في الدعاء.
الوجه الثاني: أن تدعوه دعاء عبادة، وهو أن تتعبد الله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتظهر بمظهر الفقر لعلمك أن الغني هو الله، وتظهر بمظهر الضعف لعلمك أن القوى هو الله، وتظهر بمظهر الافتقار والتواضع لعلمك أن العظيم العزيز هو الله.
هذا هو معنى أحصاها، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون إحصاؤها ثمنا لدخول الجنة.