قرّ عيناً عبد الرسول
تدثّرَ بالأكفانِ وارتاحَ مُتعَبُ=وأسلمَ للإغماضِ جفنٌ معذّبُ
وورِيَ لحداً في الثرى ذو مهابةٍ=ولكنّ هذا الموتَ للنفسِ أهيبُ
وعُفّر حرُّ الوجهِ منك بحفرةٍ=وحُقّ لمجبولِ الترابِ تترُّبُ
جزعتُ من الناعي يقتِّمُ ليلتي=ونعيُ حبيبي في الظهيرةِ غيهبُ
يجادلُ عقلي بالإشاعةِ نافياً=وأُقنعُ قلبي كِذبةً فيكذّبُ
فلما تبينتُ اليقينَ مرغّماً=هربتُ إلى سلوانِه وهو يهربُ
اُفتّحُ جفني والظلامُ كجحفلٍ=يحاصرُ بِيضَ الذكرياتِ وينهبُ
فليس أرى غيرَ الدموعِ غشاوةً=وعبدِ رسولي للردى يتأهّبُ
مضى إذ دعاهُ في العشيّةِ صارخٌ=وأسلمَ روحاً طيّعٌ متأدّبُ
بصمتٍ وقورٍ مثلما كان دأْبُه=وكلُّ رضيِّ النفسِ ما كان يصخبُ
أَحبَّك أهلُ الأرضِ يا خيرَ صاحبٍ=فلا غروَ في أهلِ السماءِ محبَّبُ
عليك صلاةُ اللهِ نوراً ورحمةً=فقرَّ عيوناً فالجِنانُ ترحِّبُ.