خَمْرَةُ الْحُزْنْ عِنْدَمَا يَأْتِي الْمَسَاءُ، تَشْرَبُ الْخَمْرُ صَدَى السُّكْرْ. يَعْجِزُ الَّليْلُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ الْكَأْسَ إِلَى النَّوْمْ. أَمْتَطِي صَهْوَةَ أَفْكَاِري وَأَمْضِي... يَسْبِقُ النَّبْضُ غُيُومَ الْحُزْنِ يَعْلُو قِمَمَ الْجُرْحْ. فِي دُرُوبٍ تَعْتَلِيهَا خُطُوَاتِي، تَرْكَنُ الذَّاكِرَةُ الْحُبْلَى الَّتِي... مِنْ صُلْبِ قَهْرِي تُنْجِبُ الْخَوْفْ. فِي لَيَالٍ حُزْنُهَا يَطْوِي فُصُولَ الْعُمْرِ فِي الصَّيْفْ. تَنْحَنِي شَمْسُ الْأَمَانِي، بَيْنَ أَنْقَاضِ الْفَرَاغَاتِ، يَذُوبُ الْحُلْمُ فِي رَاحٍ بِلاَ كَفْ. يَتَلاَشَى بَيْنَ أَمْنٍ وَتَوَجُّسْ. دُونَ أَنْ يُوقِظَ أَوْجَاعِي يُنَاجِي حَائِرًا أَوْجَاعَهُ فِيْ... أَنْطَوِي تَحْتَ ظِلالِي أَصْلُبُ النَّعْشَ الَّذِي مَا عَادَ يَنْزِفْ. يَثْقُلُ الَّليْلُ عَلَى وَجْهِ السَّمَاءِ أَرْتَمِي فِي حُضْنِهِ... أُعْطِي يَدِي كَيْ يَرْفَعَ الْعَتْمَةَ عَنِّي، وَطُيُورُ الْقَلْبِ تَصْحُو وَتُرَفْرِفْ. تَرْتَدِي أَشْبَاحُهُ طَيْفَ انْشِطَارِي، أَنَا وَالْغُرْبَةُ نِصْفاَنْ. نَحْتَمِي خَلْفَ بَقَايَا مِنْ جِدَارٍ، نَشْتَكِي، وَالْوَقْتُ مَكْسُورُ الْجَنَاحِ، فَمَتَى تَغْتَالُنَا فَوْضَى الدَّمَارِ، أَنْزَوِي صَوْماً وَصَمْتاً، تَتَهَاوَى صَرْخَتِي... أَسْئِلَتِي تَسْقُطُ فِي لَيْلٍ بِلاَ صُبْحٍ، بِلاَ فَجْرِ انْتِظَارٍ. تَتَلَظَّى فِي مَهَاوِي الذَّاتِ أَغْصَانُ الْجِرَاحِ، يَنْزٍفُ الْبَوْحُ شَظَايَا وَانْكِسَاراتْ. تَحْتَ سَقْفِ الْحُلْمِ أَمْضِي... أَمْتَطِي صَهْوَةَ رَأْسِي/كَأْسِي، أَمْسَحُ الْحُزْنَ عَلَى خَدِّ الْمَسَاءِ، أَشْتَهِي نُوراً يَشُقُّ الْقَلْبَ لَمَّا... تَرْزَحُ الْأَضْوَاءُ مِنْ تَحْتِ الظَّلاَمِ. أَشْتَهِي صَمْتاً يَسُلُّ الصَّمْتَ، مِنْ عُمْقِ الْكَلاَمِ، أَشْتَهِي خَمْراً مُبَاحاً، يَحْمِلُ الرَّأْسَ إِلَى بَرِّ الْأَمَانِ. تَعْجِزُ الْخَمْرُ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ الرَّأْسَ إِلَى السُّكْرْ. تَعْجِزُ النَّفْسُ عَلَى أَنْ تُرْجِعَ الْخَطْوَ إِلَى الصَّدْرْ... تَخْتَفِي بَيْنَ بَقَايَا الْعُمْرِ وَالْأَرْضِ الْخَرَابِ، بَيْنَ نُورِ الْفَجْرِ وَالْحُلْمِ السَّرَابِ، إِنْ سَأَلْتُمْ عَنْ مَدَاهَا، فَانْظُرُواْ صَوْبَ غُيُومٍ أَسْكَرَتْهَا خَمْرَةُ الْحُزْنِ، فتََاهَتْ فِي الْمَدَى،تَلْثُمُ وَجْهاً مِنْ ضَبَابٍ.