قراءة في نص" مجرد بوح"
للشاعر الجزائري كمال ابو سلمى
بقلم : الناقد جوتيار تمر
1/
خمِّر كؤوس الجوى في غلت الرغاب,,
ياباعثا في العمر أشجاني,,
كالمدام المعتق في زبد العمر,,
يحاكي ويلاته بقلبي,,
ياعمري المنبعث في أخاديد الليل عنوته,,
ياوجعي المتألم من بخور التوريد ,,
كمهرة تهرب في دموع الريح,,
خمِّر يراعاتك الوهاجة رجراجة من سفر طويل ,,
من سفر في الحكايات المتأززة من خيل المسافة,,
ناتئ جرحي في عذابات السنين ,,
ناتئ بالقلب كوخزاته العابرة,,
رابض في ليل بهيم يحتمي بالأنين,,
تحتفيه انكسارات وجيعة ,,
تعتعات كسيرة ,,
والقلب من سؤر العذاب,,
تجمع في أرخبيل الرهبة,,
2/
الليل طويل ,,والحكايات طويلة,,
ظلت تداعب ريشة القلب لأعمار بطول الحكايا,,
تمرس شطحات الليل المتكسر على أجنحة اللذة,,
كانت الفاصلة ,,
هزيع وجيع ,,
وبوح متهدل في تلابيبه,, كصدر غانية,,
3/
تسألني ,,
كم مضى من نسيم الروح ؟!,,
كم مد السنونو أجنحته للريح.؟!..
وكم يدا تصفق للسهو؟!!,,
قلت أطت الخطيئة وحق لها أن تئط,,
الروح تنسمت من عطر قدومك,,
وكنت المنتهى لأجنحة السنونو المالحة,,
ويدا يصدقها التصفيق,,
4/
قالت :
كم مضى من عمرك,,ياكمال..؟!..
قلت بمقدار مامضى من حبنا,,
5/
في حينا,,
الناس تلبس العطر,,
وتركب الريح,,
وأنا أغازل الريح ,,وأركب روح العطر,,
ــــــــــ 7جوليت 2008 ــــــــــــــ
كتابة العنوان بالتركيبة الباعثة على نوع من اللامبالاة المتمثلة في تحوير المفهوم الذاتي عن البوح ، بكونه مجرد بوح ، يفضي بعاديته ، لكنها في الوقت نفسه تجعل المتلقي يبحث في النص عن مايعيق هذه اللامبالاة بقصدية .
1/
خمِّر كؤوس الجوى في غلت الرغاب,,
ياباعثا في العمر أشجاني,,
كالمدام المعتق في زبد العمر,,
يحاكي ويلاته بقلبي,,
ياعمري المنبعث في أخاديد الليل عنوته,,
ياوجعي المتألم من بخور التوريد ,,
كمهرة تهرب في دموع الريح,,
خمِّر يراعاتك الوهاجة رجراجة من سفر طويل ,,
من سفر في الحكايات المتأززة من خيل المسافة,,
ناتئ جرحي في عذابات السنين ,,
ناتئ بالقلب كوخزاته العابرة,,
رابض في ليل بهيم يحتمي بالأنين,,
تحتفيه انكسارات وجيعة ,,
تعتعات كسيرة ,,
والقلب من سؤر العذاب,,
تجمع في أرخبيل الرهبة,,
خمر ، انبعاث ، وجع ، قلب ، ليل ، منابع استقى النص في وهلته الاولى منه ، ومن يحاول جمع الاضداد دائما يلاقي في طريقه الكثير من الانين والوجيعة والانكسارات ، وهي بمدلولاتها وما تفضي اليه محملة بتأوهات الذات ، الممتزجة باتأوهات الزمكانية ، وكأن الخمر ، هنا منفذ تخيلي ذاتي من اجل التخدير الجسدي ، بما ان الروحي لم يعد بالامكان اسكات انينه.
2/
الليل طويل ,,والحكايات طويلة,,
ظلت تداعب ريشة القلب لأعمار بطول الحكايا,,
تمرس شطحات الليل المتكسر على أجنحة اللذة,,
كانت الفاصلة ,,
هزيع وجيع ,,
وبوح متهدل في تلابيبه,, كصدر غانية,,
توظيف ينم عن ادراك ووعي ، بالحالة النفسية للذات الشاعرة ، التي اصبحت الزمكانية تثقل بوطأتها عليها ، فجعلت تسرد مخالجاتها بعفوية ولغة حكائية تجعل المتلقي يعيش على صدى انينها ، من حيث دلالاتها التي تفضي باللذة احيانا ، والوجيعة الناجمة من تركم اللذة هذه في زوايا تحمل معاني تعددية المرور ، كصدر الغانية.
3/
تسألني ,,
كم مضى من نسيم الروح ؟!,,
كم مد السنونو أجنحته للريح.؟!..
وكم يدا تصفق للسهو؟!!,,
قلت أطت الخطيئة وحق لها أن تئط,,
الروح تنسمت من عطر قدومك,,
وكنت المنتهى لأجنحة السنونو المالحة,,
ويدا يصدقها التصفيق,,اللغة في طورها الباعث هنا تعلب دورها في ايصال الفكرة ، ومع انها لم تتخلص من تقمضها الحكائي الا انها اضفت الى عوالمها الداخلية موسيقى دفيئة ، تجعل من الخطيئة تبرز وكأنها مقدرة ، والملوحة هنا لها دلائها الحلولية المتعانقة .
4/
قالت :
كم مضى من عمرك,,ياكمال..؟!..
قلت بمقدار مامضى من حبنا,,
رومانسية استفهامية موحية ، تختصر الزمكانية في جملة معبرة منتقاة بحرفية تامة ، حيث تعري المكنون الداخلي والحارجي في نفس الوقت ، وتجعل الصورة الاستهفامية في اصلها ، اجابة قطعية بماهية المشاعر التي يكنها للمقابل.
5/
في حينا,,
الناس تلبس العطر,,
وتركب الريح,,
وأنا أغازل الريح ,,وأركب روح العطر,,
انغماس الذات هنا جاء وفق معايير داخلية ترصد الحدث من الخارج العياني ، لذلك نجدها تقوم بفعل المقارنة على اساس وجداني موحي بالتعددية والاندماج الوجدني بالتركيبة الاجتماعية ، ولحظة الترصد هذه جلبت للنص مساحة اوسع ، حيث اخرجته من طور البوح الباعث على اللذة في الالتحام الوجداني والروحي ، ليضيف اليها لذة الانتظار الرومانسي .