أنهى أيمن جمعَ كُتبهِ المتناثرة.فأحبَّ أن ينظر إلى العالم الخارجي.وبيديهِ الصغيرتين أزاح ستارة النافذة،ثمَّ بدأَ يردد مقطوعة شعرية كان قد حفظها عندما كان في الصف الثاني،فجأةً رأى صديقهُ القمر.تُخفيهِ بعضُ الغيوم البيض الداكنة قليلاً،نظر أيمن إلى القمر.كان القمر يبتعدُ عنهُ شيئاً فشيئاً،سألهُ أيمن لماذا تبتعد عني؟!أرجوك لا تبتعد عني .سأحدثك عن أعمالي في الغد وعن آمالي أيضاً،ألا تسمعني يا صديقي أيها القمر؟! أرغب أن أكون متميزاً في دراستي.وسأعمل في أن أشارك في مهرجان الأطفال للسنة القادمة…سأغني معهمْ..نشيداً للسلام والحب ولجياع العالم والمشردين.وقف أيمن قليلاً وقال: هل نسيتني…؟ أنا صديقك أيمنْ! تذكر لقد أعطيتك مرةً زهرة فلٍّ، ومرةً ثانيةً يا سمينة قطفتها من حديقة دارنا..
هل تذكرتَ شكلي ووجهي ؟!أنا أُحبكَ كثيراً…وقد تحدثتُ اليوم لصديقي سامر عنك حين كنتُ معهُ في باحة المدرسة.لا…لا…لا تهرب مني يا صديقي…ياقمر،تعالَ لأخذ رأيكَ.إنَّ أبي لا يسمعني.لأنهُ مسافرٌ دوماً وهو منهمكٌ في أعمالهِ الكثيرةْ.
وأُمي لا يهمها إلاَّ أنْ تُطعمني…وتسقيني.وتضربني إذا ما جلستُ على الأرض واتسخت ثيابي،كما أنهّا تُعاقبني أشدَّ العقاب إذا كانت نتائجي الدراسية لا ترضيها،
تعال يا صديقي.أريد أن أُطلعكَ على ألعابي وأشتكي لكَ عن متاعبي …تعال يا قمرْ.فقد تحدثتُ مع قطتي الصغيرة.ولكنها لم تكلمني بل كانت تحرك ذيلها الطويل ورأسها الصغيرْ،وعندما وضعتُ لها قطعة خبزٍ أخذتها ومضتْ لتأكلها،كمْ هي طماعة.وجشعة..تصورْ؟!
لقد مضت قطتي وهي تعضُّ على قطعة الخبز.
ولكنك يا صديقي لا تعرف اسم قطتي…إيه…إيه…هل تعرف اسمها؟!أحزر سأدعك تفكر قليلاً…لا..لن تحز ر اسم قطتي..لقد أسميتها (بدر) هل هو اسم جميلٌ؟ أظنُّ أنكَ تُحبُّ هذا الاسم.وعندي حصانٌ صغيرٌ، لونهُ بني وشعر ذيلهِ طويلْ أسودٌ،سوف أضعهُ تحت تصرفكَ إذا شئتَ أن تذهب إلى مكانٍ بعيدٍ، إنهُ سريعٌ ومطيعْ،تابع أيمن حديثهُ مع القمر قائلاً:لماذا لا تكلمني ؟! أنتَ غاضبٌ مني؟! ماذا فعلتُ بكَ؟ هل أنت مريضٌ مثل جدي؟ لا… أنت لازلت صبياً مثلي..ما أجملك ومن حولكَ النجوم!أنتَ تركض في السماء الواسعة وتلعب مع الغيوم…وبلهجةٍ طفوليةٍ قال: أيمن…إذا كنت تُحبني تعال وخذني إليكَ حتى أصدقكَ…ثمَّ تابع أيمن حديثه قائلاً:كيف ترانا أيُّها القمر؟ّ!كمْ أرغب في مشاهدة بيوت المدينة وحدائقها من عندك؟آهٍ كم أتمنى أن أصعد إليكَ…هل أنت بعيد؟! أجلْ لقد قال: لنا المعلم أنك بعيدٌ عنّا…وأنكَ تشبه الأرضْ،وأنَّ نورك الذي يشع على الأرض .هو من الشمس، ويوجد على سطحك. أوديةٌ، وجبالٌ وصخورٌ وأتربةٌ.والناس يسمونك (هلالاً)و(بدراً).وأنا اسميك (قمراً)…وأجدادي كانوا يسمونك (سينو)أو سين أو شين… تعال أيُّها الصديقْ.فقد أحضرتُ لك طعاماً وهو في غرفتي،نظر أيمن إلى القمر نظرة حزينةً،لأنه لم يأتِ إليهِ.وأراد أيمن أن يبكي، أوه من أخبرك عني؟!
أعرف، أعرف…من أخبرك ،إنَّ أُمي هي التي قالت لكَ...إي أُمي .رجع أيمن إلى سريره…وهو يقول: لنفسهِ.قد يكون اليوم غاضباً مني لأنني لم اسمع كلام أُمي حين قالتْ:لي أكتب وظائفكَ يا أيمن..
سأعود أيها الصديق إلى أُمي واسمع كلامها.وأكتب وظائفي.ولن أتحدث في الصف إلاَّ إذا سألتني معلمتي.وسأنامُ بهدوءٍ ولن أزعجَ أخي الصغير حين ينامْ، أيُّها الصديقْ.لن أزعجك بعد اليوم…ولكن أرجوك أجبني..لماذا تهرب مني؟؟! أريدكَ أن تأتي وتزور غرفتي الصغيرةْ…قد لا تأتي لأنها صغيرة…?!!تكفيني .
فقد رتبتُ كتبي على الطاولة الخشبية.فبدت وكأنها مكتبةٌ صغيرةٌ.تعالَ لديَّ سكاكر وحلوى.لقد جلبها أبي معهُ من المدن البعيدة،دخل أيمن فراشهُ، كانت علامات الحزن على وجههِ.ولكنه كان يرددُ …
سوف يزور القمر غرفتي.لقد وعدني اليوم بالزيارة،كان مسرعاً.كان لديه لقاء مع البحرْ، مع المدن والقرى البعيدة،من يدري قد ينتظره الأطفال في مكانٍ آخر.سيتحدثون معهُ.ربما تأخر عن موعده .أغمضَّ أيمن جفونه وهو يرددُ..
يا صديقي سوف تأتي في المنامْ
يا صديقي سوف تذهب للسفرْ.
أنت حبي…يا قمر…أنت حبي يا قمر.
*** الحسكة.29/4/1987م.
اسحق قومي
شاعر وأديب سوري مقيم في ألمانيا Sam1541@hotmail.com
قُدمت هذه القصة لمسابقة القصة القصيرة (للأطفال) في موقع المربد للإستاذ طارق شفيق حقي.وهي منشورة في موقع إينانا وعدة مواقع
هامش:لقد أُلقيت في لقاءات قراء الأطفال.في إدلب(عام 1987) وريف دمشق.(1988)
التوقيع
ليّ مملكة ٌ واسعة الأرجاء ِ أسميتها الحبّ والنهار سيجمعُ البشرْ
رد: قصة بعنوان: أيمن والقمر...............اسحق قومي
الأستاذ القدير اسحق
سرد جميل ومميز
ربما من النقائض أن الأطفال في الوطن العربي لا يوجد تركيز
على الأدب الخاص بهم رغم كثرة الأدباء والكتاب وإن وجد
لا يرقى ليكون بمستوى ما هو مطلوب
أعجبتني الفكرة الراقية للحوار بين الطفل والقمر
تحياتي ومودتي
رد: قصة بعنوان: أيمن والقمر...............اسحق قومي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رائدة زقوت
الأستاذ القدير اسحق
سرد جميل ومميز
ربما من النقائض أن الأطفال في الوطن العربي لا يوجد تركيز
على الأدب الخاص بهم رغم كثرة الأدباء والكتاب وإن وجد
لا يرقى ليكون بمستوى ما هو مطلوب
أعجبتني الفكرة الراقية للحوار بين الطفل والقمر
تحياتي ومودتي
سيدتي رائدة زقوت الموقرة
مرورك سيدتي العزيزة موضع تقديرنا وودنا،
أتمنى أن أكون كلمة في نثاركم ومواسم الطفولة.
دمت ألقاً وصديقة الحروف والكلمْ.
مع أمنياتي لك
اسحق قومي
ألمانيا
التوقيع
ليّ مملكة ٌ واسعة الأرجاء ِ أسميتها الحبّ والنهار سيجمعُ البشرْ
رد: قصة بعنوان: أيمن والقمر...............اسحق قومي
الأستاذ الأديب والشاعر الكبير
إسحق قومي
أحييك على هذا النفس المعطاء والسرد
الطويل المفعم برائحة طفولة كنا نتعايشها
أستاذي الكبير هذه كما قلت هي قصة للأطفال
ولكني رأيت في النص عدة جمل مكررة جدا
على سبيل المثال لا الحصر ... إسم أيمن تكرر كثيرا
وبشكل واضح وفاضح للنص
كما أرى بأن النص بحاجة لإعادة صياغة من جديد
وأنا واثق بأنه سيكون أجمل وأبهى وأحلى من قبل
ولا أخفيك بأن مثل هذه الكتابات لا يتقنها إلا المتمرسون فيها
فأدب الأطفال ليس سهلا كما يظنه البعض بل هو من أصعب كتابات الأدب في القصة القصيرة وهو من فنون الأدب
كما أرى مكان النص قي قسم القصة القصيرة وليس ال ق ق ج ...
أتمنى بأن تتسعني سعة الصدر التي بين جنبيك وأعتذ على الإطالة
دام لك ألق الحرف سيدي
تحيتي وتقديري الكبيرين
رد: قصة بعنوان: أيمن والقمر...............اسحق قومي
الاستاذ الاديب المبدع اسحق قومي
محبتي
تملكتني السعادة وانا اقرا نصا متقنا للاطفال
ان هذا النوع من الكتابة الصعبة التخصصية لايجيده الا المبدعون
الحوار المتداخل كان جميلا جدا ..احييك