خبراء: قلة الوعي والمخدرات وراء ازدياد العنف الأسري في السعودية
حذر رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني من خطر ازدياد حالات العنف داخل الأسرة، مؤكداً "أن العنف موجود في المجتمع السعودي لكن خروجه للعلن مرتبط بالضوابط الاجتماعية والتقاليد".
وجاءت تصريحات رئيس جمعية حقوق الإنسان بعد أن كشفت وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية عن وجود 60 حالة عنف أسري في الرياض وحدها خلال الشهور السبعة الأخيرة فقط.
وقالت وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية في تقرير رسمي مشترك إن عدد حالات العنف الأسري المسجلة رسمياً بلغت العام قبل الماضي 1979 حالة، منها 41 حالة للنساء، وكشف تقرير آخر غير رسمي أن 45 % من الأطفال السعوديين يعانون من العنف الأسري.
وكشف القحطاني أن الجمعية ستصدر إحصائية جديدة لحالات العنف تبين الحالات التي وصلت وتوزيعاتها الجغرافية، التي تظهر تمركزاً للحالات في بعض مناطق المملكة دون غيرها، لكنه لفت إلى أن ذلك التمركز ليس معناه سوى سهولة ظهور الحالات في تلك المناطق أكثر من غيرها.
وأشار القحطاني إلى أن "الفقر قد يكون من العوامل المؤدية للعنف الأسري"، لافتاً إلى أن "شعور الأب بعدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته ينعكس سلباً على تصرفاته تجاه أسرته، إضافة إلى سوء سلوك بعض الأزواج وإصابتهم بأمراض نفسية أو إدمانهم للمخدرات أو المسكرات، ووجود نوع من الرغبة في التحرر من القيود الأسرية عند بعض الأبناء والفتيات".
مراكز حماية الطفل
وأمام ازدياد حالات العنف الأسرية تم مؤخرا تأسيس مراكز حماية الطفل في المنشآت الصحية في السعودية واعتماد فرق حماية الطفل العاملة فيها، وذلك إثر إقرار مجلس الخدمات الصحية اعتماد 38 مركزاً لحماية الطفل في القطاعات الصحية المختلفة في جميع مناطق السعودية، ومن المقرر أن يعمل بكل واحد منها فريق مكون بحدٍ أدنى من استشاري أطفال أو جراحة أطفال (رئيس الفريق)، اختصاصي اجتماعي، واستشاري أو اختصاصي نفسي.
وكشفت تقارير صادرة عن برنامج الأمان الأسري عن رصد 64 حالة، وشكلت حالات الإهمال 44 % منها، ثم تلتها حالات الإساءة الجسدية بـ38 %، والإساءة الجنسية بما يعادل 14 %، والإساءة العاطفية 4 %.
وأظهرت البيانات أن الوالدين يشكلان النسبة الأكبر من المعنفين للأطفال بنسبة 74 %، وتوزعت نسبة 14 % من المعنفين بين الإخوة والمعلمين والعمالة المنزلية والمعنفين الغرباء، فيما بقي المعنف مجهولاً في 12 % من الحالات.
كما بلغ متوسط أعمار الأطفال ضحايا الإساءة ست سنوات (30 %) رضع دون سن العامين، ومعظم الحالات كان الضحايا من الذكور (60 %)، بينما تمت إحالة 29 % من الحالات إلى الجهات الأمنية، فيما بلغت حالات الوفيات الناتجة عن الإساءة أو الإهمال هذا العام في المركز خمس حالات بنسبة 8.3 %.
قصور في الدراسات الاجتماعية
وطالب رئيس لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية شرق العاصمة السعودية الرياض، الدكتور محمد العتيق بإجراء مزيد من الدراسات المتعمقة حول العنف الأسري وأسبابه.
وقال إن "للعنف الأسري عدة جوانب.. وليس شرطاً أن يكون ذلك العنف جسدياً.. بل قد يكون عن طريق ألفاظ هي أشد إيلاماً من الضرب وهذا هو المنتشر في السعودية في الغالب.. أيضاً عدم التقدير والإهانات تدخل في هذا الجانب مع أننا لا نبالي بها".
ويشدد العتيق على أن الدراسات والإحصاءات الرسمية تفتقد للتفصيل ما يجعلها قاصرة.. "العنف الأسري يختلف من منطقة إلى أخرى ونحن نفتقد للدراسات التي تكشف الأرقام الحقيقة لذلك العنف.. وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبة بدراسات معمقة لنعرف هل العنف الأسري ظاهرة أم قضية أم مشكلة".
أرقام أكبر من الظاهرة
وكشفت دراسة سعودية حديثة أن 61 % من أفراد المجتمع يعتبرون أن الحالات الحقيقية لإيذاء الأطفال والمرأة أكثر مما يظهر على السطح، كما اتفق 79 % من عينة الدراسة على أن الاعتداء على الأطفال وإهمالهم موجودان في السعودية، غير أن 71 % من العينة أكدوا وجود العنف الأسري، خصوصاً العنف ضد المرأة في السعودية.
ولفتت الدراسة التي قام بها برنامج الأمان الأسري الوطني في 36 مدينة ومحافظة وشكلت عينتها 5075 مواطناً، إلى أن 61 % من عينة الدراسة اتفقوا على أن الأرقام الواقعية لحالات الاعتداء على الأطفال وإهمالهم تفوق الأرقام في التقارير الرسمية، فيما شدد 80 % من عينة الدراسة على أن السعوديين في حاجة إلى أنظمة حماية الأطفال من الاعتداء والإهمال، كما أن 42 % فقط من عينة الدراسة ذكروا أنه توجد مؤسسات وجهات أخرى في السعودية تقوم بحماية الأطفال.
وأوضحت الدراسة أن 49 % من عينة الدراسة اتفقوا على أن مشكلة العنف الأسري تشكّل ظاهرة في السعودية، فيما يرى 60 % من عينة الدراسة أن الأرقام الرسمية لأعداد ضحايا العنف الأسري أقل من الأرقام الحقيقية على أرض الواقع. وطالب %68 بوجود أنظمة لحماية المرأة من العنف الأسري في السعودية.
ويتفق المستشار القانوني د.علي محمد السواحي مع نتائج الدارسة.. ويؤكد في حديثه أن هناك "قلة وعي لدى السعوديات والسعوديين في الحصول على حقوقهم والتصدي للعنف الذي يعانون منه".
ويقول "خلال عملي لم أر قضايا أسرية كثيرة.. ومن النادر جداً أن تصل إلى المحاكم"، مشيراً إلى أن "هناك استحياء من المجتمع في هذا الجانب وتغليب جانب أن لا تظهر المشاكل الأسرية خارج البيت.. فالزوجة تجهل أبسط حقوقها.. وللأسف نحن تربينا على هذا الشيء ونجهل حقوقنا بشكل عام ولا نبحث عن الخبرات لندفع بها الشر عنا".
ويعتبر السواحي الأرقام الرسمية الصادرة "أقل من الحقيقة"، قائلا "هناك حلقة مغيبة، فالرقم المعلن رسمياً يجب أن يضاعف أربع أو خمس مرات، فهو لا يشكل حقيقة المجتمع فهناك حالات كثيرة لا يستطيع المتضررون فيها اللجوء للجهات الرسمية لإنصافهم".
(العربية. نت)