الديوان ( او الديوانية كما يسمى في دول الخليج ) .. هو مكان يجتمع فيه ابناء القرية عند المساء
غالبا .. ويعود لشيخ العشيرة او لمن هو أكثر وجاهة في القرية .. ويكون مكانا لاستضافة الضيوف
أيضا .. في هذا المكان تدور مختلف اصناف الاحاديث .. من القصص او الاشعار او الدين .. كما تحل
فيه المشاكل المختلفة .. واحيانا يكون مكانا لصلاة الجماعة عند عدم توفر مسجد في القرية ..
من آداب دخول الديوان خلع الاحذية خارجه في الصيف .. وفي اول الدخول عند الشتاء ..
تتوسط الديوان حفرة يوضع فيها الخشب للتدفئة في الشتاء ولعمل القهوة والشاي تسمى الموقد ..
ان لم يكن هناك زاوية خاصة لهذا الغرض ..
في احدى المرات تحدث احد كبار السن عن قصة ذات مغزى كبير .. اراد منها ان يأخذ أحد الحضور
العبرة .. فقال
كان هناك رجلين على عداء شديد بينهما .. كل منهما يضمر للآخر الشر في نفسه .. وكلاهما
يظهر خلاف ما يبطن في نفسه .. غير ان الجميع يعرف انهما ليسا على وفاق وان العداء مستحكم
بينهما ..
لم تنفع معهما كافة الجهود التي بذلت لاصلاح ذات البين ..
في احدى الليالي طلب رجل له وزنه الاجتماعي والديني في القرية من كلا الرجلين ان يجلبا معهما
كيس اذا حضرا ليلة غد للديوان .. وهذا ما يحصل ..
فقال للرجلين هذه كمية من البرتقال مناصفة بينكما .. كل واحد منكما يسجل على كل برتقاله
واحدا من همومه وآلامه ويضعها في كيسه .. ثم طلب منهما ان يكون هذا الكيس معهما أينما
يكونا ليل نهار ولا يرميانه من ايديهما ابدا .. مضت ايام عديدة والكيس لاينزل من يد أحد من
الرجلين .. بدأ البرتقال يتعفن .. وتعبت الايادي من الحمل والتنقل به .. اصبح كيس البرتقال
يصدر رائحة كريهة تزداد شدة كراهتها مع الايام حتى صار الرجلان لايتحملانها ولا يتحملها احد من
الحاضرين في الديوان حين حضورهما ..
في أحد الايام قال احدهم في نفسه لارمي هذا الكيس في ساقية القرية .. وفي نفس الوقت كان الرجل
الآخر يفكر بنفس الطريقة ..
بالصدفة تلاقيا عند الساقية وكل منهما يروم رمي كيسه .. وكان على الطرف الآخر من الساقية الرجل
العجوز الذي اعطاهما البرتقال .. فشاهد المنظر بعينيه ..
بعد رمي الكيسين .. سالهما لماذا رميتما آلامكما وحقدكما في الساقية وهي تعشعش في داخل
نفوسكما ؟؟
هنا انتبه الرجلان لما يقصده العجوز .. فتقدم احدهما للاخر وتحاضنا وهما يعتذران لبعض ..
الحكمة المستقاة من هذه القصة .. ان الانسان عليه ان يرمي احقاده وضغائنه خلف ظهره ..
وان ينقي قلبه كل يوم .. لينعم بحياة هادئة صافية ..
تحياتي