الساعة الثانية بعد منتصف ليلة كئيبة مدلهمة السواد في بيت الدكتور ماجد وزوجته سندس وبمرور الدقائق تزداد حالة القلق المشوب بالفزع على بكرهم يوسف ذي الثمانية عشر ربيعا وجميع اتصالاتهم بالموبايل والهاتف الارضي باءت بالفشل لمعرفة مكانه او سبب تاخره منذ خروجه من الدار في الواحدة ظهرا ولحد هذه الساعة وليس من عادة يوسف ان يتاخر هكذا وكان يتصل دائما بوالده في العيادة او بوالدته في البيت ليعلمهم عن سبب تاخره .. موبايل يوسف يرن .ولكن تنتهي رناته بدون رد .. اذن اين هو .... حالة القلق المشوب بالفزع تزداد .... ويكررون الاتصال و يوسف لا يجيب ..افكار سوداء تراود والديه ولكن لا يفصح احدهم عما يدور براسه للاخر . وعيونهم مشدودة بالهاتف الارضي بعد اتصالهم بجميع اصدقائه والجيران والاقرباء والجميع لا يعرف عنه شيء ...صمت رهيب يعم غرفة الجلوس والاب والام نظراتهم شاردة ...يدورون بالغرفة ولايستقرون بمكان.... لا يعرفون مصير وحيدهم .. .. وتسألت الام الحنون بصوت متحشرج النبرات هو اقرب الى البكاء لماذا لايجيب يوسف على نداءاتنا ؟ وفي اى مزبلة القي هاتفه؟ .......وقاطعها الدكتور ماجد بحركه عصبية من يده مشيرا اليها ان تكف عن هذه الافكار وقال لها ليقوي من معنوياتها: ربما سقط الموبايل منه او فقده باحد المحلات ...ومسك يد زوجته بحنان محاولا تهدئتها وشحذ القوة لنفسه...وبلع ريقه بصعوبة بالغة وقال : يا حبيبتي انا واثق من عودته سالما فقط اصبري ....اصبري ....!قالها واشاح بوجهه عن عينيها حتى لا يفتضح ضعفه .وبعد ساعة من الزمن تصورها الوالدين الحزينين انها قرن من الزمان ..رن جرس الهاتف الارضي فبدد السكون الرهيب الحزين في دار ابو يوسف ..
ركض الوالدين بدون شعور وامسك ابو يوسف سماعة الهاتف بيد مرتجفة وسمع صوت اجش من رجل يوحي صوته بالخشونه ::
-هذا بيت دكتور ماجد ؟
وضاعت الحروف والكلمات من فم ابو يوسف
نطق بفم جفت عنه لعاب الكلمات ...
-ن ن ننعم انا دكتورماجد من يت ...
وقبل ان يكمل كلامه كان صاحب الصوت الاجش يتكلم مع من حوله:
- طلع هذا بيت الدكتور صحيح !!
وراودت الدكتور ماجد افكار كثيره خلال ثواني هل هذه عصابة خطفت ابني وتساومني على مبلغ كبير من المال ام احد الاشخاص الطيبين عثر عليه جثة هامدة واتصل .. والام تقول : .
-ماذا ماذا....؟؟؟
وتريد ان تاخذ سماعة الهاتف والاب لا يطاوعها ثم نطق ذو الصوت الاجش:
- انت دكتور ماجد اليس كذلك ؟؟؟
_نعم انا دكتور ماجد اتفضل !!.....نطقها وهو يرتعش .
_: دكتور عندك ولد اسمه يوسف ؟
..خارت قوى الدكتور ولم تعد قدماه قادرة على حمله فجلس وقال بفزع وجزع:
- اى نعم ابني يوسف ماذا به ماذا حل به.. ارجوك ؟؟
اجاب صاحب الصوت الاجش ببرود:
_انه عندنا هنا في مركز الشرطة موقوف ..
الاب:- موقوف لما ؟ ماذنبه ؟ ماذا فعل ؟
الشرطة:_ عند حضورك سوف تعرف كل شيء
دكتور ماجد: _نعم نعم اعطني العنوان من فضلك
تنفس الوالدين الصعداء لان وحيدهم حي يرزق ولكن استغربو لتوقيفه في مركز الشرطة وهم يعرفون ان ابنهم مستقيم بتصرفاته وهدوئه واتزانه ...وتوجه الاب بمرافقة احدى سيارت النجدة للمركز حسب العنوان ومن حسن الصدف ان مدير المركز عرف الدكتور واطلق سراح يوسف ولكن الدكتور اصر على معرفة اسباب توقيف ابنه ..وبعد الاتصال بالمفرزة التى القت القبض على بعض الشباب ومن ضمنهم يوسف من احد شوارع بغداد.. قال الشخص الذي اوقف يوسف :-- - اتعرف ماذا فعل ابنك؟؟
قال الدكتور :
-لاوالله ماذا فعل ؟ فاجاب الشرطي محتدا :
-علق نظارته هنا ...واشار الى مكان زرايرالقميص
ابتسم الدكتور وقال: بتهكم:
- والله؟... لماذا يا يوسف تضع نظارتك هنا ؟
وارتسمت ابتسامة عريضة على وجه يوسف وقال:
- قميصي لا يحتوي على جيب اذن اين اضع نظارتي ..؟؟؟
ولكن الاب تصنع العصبية وقال بصوت ممزوج حزنا وسخرية وعصبية : - سالقنك درسا قاسيا لوضعك النظارات هنا . . ,واشار الى مكان زرايرالقميص.
وبعد ان خرجو من المركز واصبحو بعيدين ..لم يتمالكو انفسهم من الضحك الهستيري الذي انتابهم ...حتى ادمعت عيونهم .. من شدة الضحك .