ترددتُ قليلاً ، قبل أن أرفعَ رأسي عن الأوراق المتناثرة أمامي .. لكنْ ثمة صوت تلا الطرق الخفيف ، على الباب .. عكّر مزاج الصمت الذي تسيد مكتبي .. خِلته صوت راهب يترنم في محراب عتيق ، مستقر على درجة القرار.
فأزحت خصلة الشَعر التي انسابت على وجهي ، بيدٍ .. تشنجت ، بعد أن تناثرتْ نظراتي على هذا الكائن الذي هبط أمامي من عالم قصي .. فهالة الوقار التي أحاطتـه ، وطول قامته الأطول من أيامي العجاف ، وسواد شعره الذي استعار الليلُ منه سحنته .. أجهضت محاولتي بالوقوف لاستقباله.
لم أقوَ على شيء سوى التمتمة بحروف لا تمت لرد التحية بصلة.
حتى البسمةُ خابت .. حين باحت عيناه بحكايا ، وأسرار .. رجل اختزل قبيلة رجال.
استجمعتُ قواي ، بكل بما أوتيت من خبرة ، ورسمتُ على وجهي علامة استفهام .. خشية أن يفضحني تهدجُ صوتي عند السؤال .. ولم أمد يدي لاستلام أوراقه ، فالرعشة استوطنتني .. لكنّ لياقته أعفتني من ذلك .. فوضعها على مكتبي ، بأناقة ديبلوماسي يقدم أوراق اعتماده.
صدى صوته يعصف بأنوثتي ، وأذناي لم تلتقطا إلا بعض مؤهلاته ، فتبرع مخيالي باستقبال شهادات خبرته بنشوة .. إستطلع فيها أغوار عمره الذي تجاوز الثلاثين.
ترى .. كم هو خبير هذا الواثق من نفسه حد زرع الإرتباك.
ترى ..
كم غانية معشوقة .. زارت رباه !!.
كم زهرة يانعة .. ارتشفت نداه !!.
كم حلمة وردية .. نالت رضاه !!.
لكنْ عوادي الحظ .. تفننت باغتيال نشوتي ، حين داهم انهياري المقمط بالتماسك .. بلملمة اوراقه .. وقَصَفَ آخر معقل من معاقل رصانتي حين عاتبني عن إهمال وجوده .. تيبست الكلمات على شفتي ، فساءلت نفسي كم من الوقت مضى ؟.
دقائق .. ساعات .. دهور ..
لا ادري ، كل ما أدريه أني لست أدري.
صفعتني كياستي ، وتمرغت انوثتي بالفشل.
صرختُ
ـــ لا .. لا تخرج .. تعال .. تعال يا ...
آه أنا لم أنتبه حتى لاسمه
ـــ ارجع .. لا تذهب .. مؤهلاتك تفوق مؤهلاتي .. فتعال وتسيد المكان
لكن صرختي لم تغادر صدري .. خرساء كانت .. ألجمها كبرياءُه ...
صدري الناتئ صار يعلو ويهبط بــجنون .. يرتج لضربات القلب ، كطبول الحرب .. طرق لايشبه أناقة طرقات الباب ألأولى ، قبل انتحار أشواقي.
وقَعَتا على الأوراق المنثورة على مكتبي .. فشعرتُ بتفاهة ما حولي .. كله غير جدير بمضيعة الوقت .. وبحركة هستيرية نثرت كل الأوراق ، وصوتي المخنوق ، انطلق من عقاله فصرخت
ـــ تعااااااااااال
فوجدتني أرتعد ، شبه عارية على سريري المتخم بالبرد والأسى , والشراشف ملقاة على الأرض ... تندبني.
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 05-19-2012 في 08:42 PM.
نقلتنا بحرفية عالية من مشهد الى مشهد ..كنت أتابع وكأنني في مسرح ومع نهاية كل مشهد تنحبس أنفاسي وأنا أعد نفسي لسيناريو النهاية...لكن النهاية كانت مدهشة ..لقد كانت خارج إطار توقعاتي.
أظن ان بطلة نصك امرأة سرقتها السنون من ممارسة حقها كأنثى وبات هذا الحلم أسير اللاوعي عندها، ربما طغى صوت طموحها على صوت حاجتها لإرضاء الجانب الأنثوي فيها، سيتكرر وجعها حتماً.
كنت هنا أديباً راقياً بتعبيراتك الجميلة ، ومخرجاً مسرحياً متميزاً بنقلاتك للمشاهد، وفناناً متمرس في إضفاء الحياة والنبض للوحة بالصوت والصورة.
أسجل تقديري وإعجابي بما قرأت،
دام لك الألق أستاذ عمر،
سلوى حماد
التوقيع
فلسطينية أقولها بكل فخر ودوماً سأكون
نغمة عز ترحل بين الفاء والنون
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 05-19-2012 في 08:47 PM.
نقلتنا بحرفية عالية من مشهد الى مشهد ..كنت أتابع وكأنني في مسرح ومع نهاية كل مشهد تنحبس أنفاسي وأنا أعد نفسي لسيناريو النهاية...لكن النهاية كانت مدهشة ..لقد كانت خارج إطار توقعاتي.
أظن ان بطلة نصك امرأة سرقتها السنين من ممارسة حقها كأنثى وبات هذا الحلم أسير اللاوعي عندها، ربما طغى صوت طموحها على صوت حاجتها لإرضاء الجانب الأنثوي فيها، سيتكرر وجعها حتماً.
كنت هنا أديباً راقياً بتعبيراتك الجميلة ، ومخرجاً مسرحياً متميزاً بنقلاتك للمشاهد، وفناناً متمرس في إضفاء الحياة والنبض للوحة بالصوت والصورة.
أسجل تقديري وإعجابي بما قرأت،
دام لك الألق أستاذ عمر،
سلوى حماد
من الممتع أن أجدك تفكرين معي بصوت مسموع
وما ملاحظاتك هذه إلا وضع إبهام على مكمن الوجع.
دمت بهية أيتها المترعة وعياً وأناقة.
دام بهاؤك أيها الكبير
وجعي يتكرر كلما ضغطت أصابع الفقد اللئيمة
على حنجرة الأنوثة المدركة لفنون الدلال
حتى صار الأنين ذئب يعوي في صحاري الروح.
لك بالغ تقديري واحترامي.
لا تسل عني فقد أرتعدت وبحروف شخوصك تلعثمت أردت أن أعرف النهاية فأبدعت
ولأكثر من مرة تناولت حروفك فهربت فأي أبداع تتنفسه أقلامك المرهفة بنمطية عالية الوصف والاحساس
وكيف نقلتنا الى أوراقها وكأن حروفك تتصاعد وتهبط كأمواج بحر لا يعرف قرارها سوى حالم حروفها
تحية طيبة أيها الفنان والمبدع والجميل والرائع بحروفك لك مني كل تحية وإكبار لشخصك المتفرد
التوقيع
نكتب حينما نجوع .... لعل لفافة ورق تسد قرقرة أقلامنا
لا تسل عني فقد أرتعدت وبحروف شخوصك تلعثمت أردت أن أعرف النهاية فأبدعت
ولأكثر من مرة تناولت حروفك فهربت فأي أبداع تتنفسه أقلامك المرهفة بنمطية عالية الوصف والاحساس
وكيف نقلتنا الى أوراقها وكأن حروفك تتصاعد وتهبط كأمواج بحر لا يعرف قرارها سوى حالم حروفها
تحية طيبة أيها الفنان والمبدع والجميل والرائع بحروفك لك مني كل تحية وإكبار لشخصك المتفرد
سنان .. أيها النبيل
ألوجع يتكرر .. والروح تتكئ على عكاز أعرج
فجميلاتنا اللواتي صرن بمدى قصف الأنين
تقمطن الأسى الموشح بالنواح
فما جدوانا إذاً؟.
لك بيادر ورد صديقي