آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > دراسات نقدية,قراءات,إضاءات, ورؤى أدبية > قراءات ,إضاءات,ودراسات نقدية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 01-27-2010, 04:00 PM   رقم المشاركة : 1
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

دراسة ونقد وتحليل / عطاف سالم

26/3/1424هـ
بحث علمي مقدم على حلقات
حق النشر محفوظ للناقدة فقط ويمنع نسخه للإستفادة منه بغير إذن
المقدمة


إن التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة ، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة . ولغة الشعر هي الوجود الشعري الذي يحقق في اللغة انفعالاً وصوتاً موسيقياً وفكراً ، وهي مكوّنات القصيدة الشعرية ؛ من خيال ، وصور موسيقية ، ومواقف إنسانية بشرية .
والصورة الشعرية بمكوّناتها وأبعادها جانب من اللغة الشعرية([1])، ومهما قيل عنها من تعريفات ، إلا أنها باختصار كما عرّفها الشاعر الأمريكي إذزا باوند : " أنها تلك التي تقدم تركيبة عقلية وعاطفية في لحظة من الزمن " ، وهي لا تتقرّر بمحض الصدفة ، بل تولد من جهد الشاعر الفنان وفق انتقائية دقيقة تقررها الخصال الشخصية ؛ لأنّها عميقة الجذور في التجربة المحسوسة ، ولهذا استطاع الشاعر العربي الحديث أن يحقق خلال اعتماده على الخيال بناء وجود فنّي مستقلّ يستمدّ مكوناته من عناصر الصورة الشعرية التي هي أقرب إلى روح الشعر ، وألصق بمهوم الشعرية ؛ لأنّ المعادلة ما بين وضوح الصورة وجلائها وما بين تأثيرها تظلّ عكسية دائماً([2]).
ولقد وقع الاختيار على الصورة الشعرية في قصيدة (النسر) خاصة للشاعر عمر أبي ريشة ؛ لأنّ الحرية القومية هي ألصق بالوجه الإيجابي الذي يعبر عن إحساس الشاعر بقيم العزة والوطنية والانتماء ، والشاعر يحسّ إزاءها بأنّه يستطيع أن ينسى موقفه الوجداني من الحياة والناس ، ويسهم في قضية مشتركة تجمع بينه وبين أبناء وطنه دون أن يرتد عن مفهومه الجديد للشعر .
وكلّما اقترب الموضوع القومي من وجدان الشاعر زادت صورته الوجدانية وضوحاً فيما يستخدم الشاعر من معجم عاطفي ، وصور خيالية ، وتركيب جديد للعبارة على حين تقف وسطاً بين الكلاسيكية (الجديدة) والوجدانية إذا لم تتحول عند الشاعر إلى معاناة شخصية قريبة من معاناته في التجربة العاطفية .
والشاعر - مع ذلك - هو شاعرٌ وجداني ممن أجاد المزج بين التراث والأساليب الشعرية الحديثة ، وجمع في شعره بين رصانة القديم وطرافة الحديث([3]).

([1]) لغة الشعر العربي الحديث ، السعيد الورقي ، ص5 .
([2]) الاغتراب في الشعر العراقي ، محمد راضي ، ص99 ، بتصرّف يسير .
([3]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، عبد القادر القط ، ص309












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 01-27-2010, 04:01 PM   رقم المشاركة : 2
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة


لمحتوى
تناول البحث ثلاثة عناصر رئيسة :
1- تمهيد إلى مفهوم الصورة الشعرية .
2- الملامح العامة لقصيدة (النسر) بعد عرضها ..
3- البناء التصويري لها .
.....
ثم الخاتمة وبها أهم نتائج البحث .
فقائمة بأهم المراجع .












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 01-27-2010, 04:01 PM   رقم المشاركة : 3
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

تمهيــد

الصورة في الشعر هي (الشكل الفني) الذي تتخذه الألفاظ والعبارات بعد أن ينظمها الشاعر في سياق بياني خاص ؛ ليعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية الكاملة في القصيدة ، مستخدماً طاقات اللغة وإمكاناتها في الدلالة ، والتركيب ، والإيقاع ، والحقيقة ، والمجاز ، والترادف ، والتضاد ، والمقابلة ، والتجانس ، وغيرها من وسائل التعبير الفني ، والألفاظ والعبارات هما مادة الشاعر الأولى التي يصوغ منها ذلك الشكل الفني ، أو يرسم بها صوره الشعرية ، لذلك يتصل الحديث عن الصورة الشعرية ببناء العبارة وببعض المفردات من المعجم الشعري للشاعر([1]).
والحركة الرومانسية في الشعر العربي الحديث حاولت أن تستخدم مفهوماً جديداً للصورة الشعرية اعتمدت فيه على أن تكون التجارب خاصة هي مصدر هذه الصور الشعرية التي روعي فيها أن تكون على درجة عالية من الحيوية والإيحاء . وقد أدّى هذا بالشعر العربي الرومانسي إلى شبه إغراق في مجموعات الألفاظ ذات الإيحاءات والتهويمات الخيالية ، وعدد من الصفات المجازية ، لكنها عند الشاعر عمر أبي ريشة صور ارتبطت بتجارب من الحياة والمجتمع ، خاصة في هذه القصيدة ، ولم تكن تجربة ذاتية بحتة([2]).
والصورة تتداخل في إطار أوسع مع الخيال والمجاز لتشكل مااُصطلح عليه باللغة الشعرية التي تكون مشحونة بالتصوير بدءاً من أبسط أنواع المجاز وصعداً إلى المنظومات الأسطورية الشاملة العامة التي يلعب فيها الرمز دوراً حيوياً([3]).
فالرمز من أقوى البنى التصويرية في الشعر الحديث . وقصيدة عمر أبي ريشة قامت على هذا البناء ، واتخذت منه منطلقاً لبنائها التصويري مع بقية العناصر الأخرى المكونة هي أيضاً للصورة الشعرية العامة .

***********

([1]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، عبد القادر القط ، ص391 .
([2]) لغة الشعر العربي الحديث ، السعيد الورقي ، ص128 .
([3]) الاغتراب في الشعر العراقي ، محمد راضي ، ص99
.












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 01-27-2010, 04:02 PM   رقم المشاركة : 4
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة


قصيدة النسر(1)

أصـبح الـسفح مـلعباً للنسور فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري (2)
إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها فـي سـماع الدنى فحيح سعير
واطـرحي الكبرياء شِلْواً مُدَمّى تـحت أقـدام دهـرك السّكير (3)
لملمي يا ذُرا الجبال بقايا النسر وارمـي بـها صدور العصور
إنـه لـم يعدْ يكحل جفن النجم تـيـها بـريـشة الـمـنثور (4)
هـجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه شـيء مـن الـوداع الأخـير
تـاركا خـلفه مـواكب سحب تـتهاوى مـن أفْـقها المسحور
كـم اكـبّت عـليه وهي تندي فـوقه قـبلة الضحى المخمور
هـبط السفح طاوياً من جناحيه عـلـى كـل مطمح مـقبور
فـتبارت عصائب الطير ما بين شــرود مـن الأذى ونـفور (5)
لا تـطيري جوابة السفح فالنسر إذا مـا خـبرته لـم تـطيري
نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت مـنـكبيه عـواصف الـمقدور
والـوقار الـذي يـشيع عـليه فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقـف الـنسر جـائعاً يـتلوّى فـوق شِـلْوٍ على الرمال نثير
وعـجـاف البغاث تـدفعه بالمخلب الغض والجناح القصير (6)
فـسرت فـيه رعشة من جنون الـكبر واهـتزّ هـزّة المقرور (7)
ومضى ساحباً على الأفق الأغبر أنـقـاض هـيـكل مـنخور
وإذا مـا أتـى الغياهب واجتاز مـدى الـظن من ضمير الأثير (8)
جـلجلت منه زعقة نشت الآفاق حـرى مـن وهجها المستطير(9)
وهوى جثة على الذروة الشماء فـي حـضن وهجها المستطير
أيـها النسر هل أعود كما عدتَ أم الـسفح قـد أمـات شعوري ؟!

@@@
([1]) ديوان عمر أبي ريشة ، ص158 . انظر : نبذة يسيرة عنه في الحديث عن ملامح القصيدة .
([2]) السفح : عرض الجبل المضطجع ، أو أصله ، أو أسفله . القاموس المحيط ، باب الحاء ..............
الذرى - بالضم - : ذروة الشيء - بالضم والكسر - : أعلاه . السابق ، باب الألف ، فصل الذال .
([3]) شلواً : الشِّلْو - بالكسر - : العضو ، والجسد من كلّ شيء ، كالشّلا ، وكلّ مسلوخ أكل منه شيءٌ وبقيت منه بقية . السابق ، باب الواو والياء ، فصل الشين .
([4]) تيهاً : التيه - بالكسر - : الصّلَف ، والكبر : تاه . السابق ، باب الهاء ، فصل التاء .
([5]) عصائب : جمع عُصبة - بالضمّ - ، وهي من الرجال والخيل والطير : ما بين العشرة إلى الأربعين .. السابق ، باب الباء ، فصل العين .
([6]) البُغاث - مثلثة - : طائر أغبر . السابق ، باب الثاء ، فصل الباء .

([7]) المقرور : الذي أصابه البرد . ويوم مقرور ، وقَرٌّ : بارد . السابق ، باب الراء ، فصل القاف .
([8]) الغياهب : جمع غيهب ، وهي الظلمة . السابق ، باب الباء ، فصل الغين .
([9]) نشّت : النّشُّ : السَّوْق الرقيق . السابق ، باب الشين ، فصل النون
.












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 01-27-2010, 04:03 PM   رقم المشاركة : 5
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة


ملامح قصيدة (النسر)

لما كانت سوريا غائصة في ذلّ الاستعار الفرنسي واستعباده ، ولما كان الشاعر عمر أبو ريشة([1]) على هذا القدر من الإحساس الدافق بالعروبة والإسلام ، وهذا الالتحام الشديد بأمّته وتاريخها وطموحها ، مستشعراً آلامها وآمالها ، بل هي تنبض حيّة في نفسه ، وتؤرّقه أحياناً ؛ جاءت هذه القصيدة الثائرة الحادة ذات الزخم العالي من الكبرياء ، مؤكّدة أن هذه الأمة لن تعضد شوكتها الأحداث ، ولن يُقصّ لها جناح ، بل لن تلين وتخضع مهما عصفت بها الأيام ، وتكالبت عليها قوى اللئام .
ويصرخ الشاعر فيها من أعماق نفسه ، ويصيح بالحرية وبالطموح والمطالب الإنسانية السامية ، وترتفع نبرته في موجة تلو أخرى ؛ مما يعكس ضجره وجزعه ، لكن هذا لا يفضي به إلى تشاؤم قائم([2])، وهي قصيدة رمزية الموضوع ، أسماها (النسر) ، يرمز فيها بالنسر - في شيخوخته - إلى العزة الذاتية التي تأبى أن تقضي في مهاوي الحضيض ، فتنهض من شيخوختها نهضة أخيرة تحلّق في سماواتها القديمة ، ثم تهوي على ملاعبها الأولى فوق القمم بدل أن تموت في وهدة السفوح .
والقصيدة تتضمن طرفين متناقضين : ضعف البدن ، وعزة الهمة ، فكان طبيعياً أن يستدعي كلّ طرف ما يتصل به من أخيلة وصور . لكن التداعي هنا ليس تداعي ألفاظ ، بل تداعي معانٍ يجلب بعضها بعضاً ، ويرتبط بعضها ببعض ، فالسفح يرتبط بالجراح والكبرياء الدامي وبغاث الطير ، على حين تستدعي القمة صور الآفاق الرحبة والنجوم العالية والأجنحة الخفاقة . وما دامت الصورة مركبة على هذا النحو من جانبين متقابلين ، فلا بدّ أن يجسم الشاعر كلاًّ من هذين الجانبين حتى تكون المقابلة قادرة على إبراز تلك الانطلاقة الأخيرة للنسر بعد أن أدرك ما بين ماضيه من خلافٍ رهيب .
وفي القصيدة مزاوجة ناجحة بين إيقاع الشعر القديم وطرافة المعجم الشعري وحداثة الصور والمجاز([3])..
والقارئ حينما يتعمق في قراءة ملامح هذه القصيدة يشعر بعاطفة الشاعر القوية الصادقة التي تأخذه إلى قلق الشاعر نفسه ، وإلى ضيقه وضجره وما يقاسيه من آلام نحو أمّته ، وما تكتنفه من آمال محزنة لا يقرّ لها قرار ، فانظر إليه وهو يقول :

وبين جنبيه آمالٌ مبعثرةٌ
تكاد لولا بقايا الصبر تنتحر([4])

ثم كيف لا يشعر القارئ بهذا ولا تنصهر نفسه مع نفس الشاعر ، ويقدر فيه هذه الشاعرية وهذا الدفق العاطفي وهذا الاحتراق الداخلي على أمته وهو يستحضر قوله :
نجيك اليوم من أزرى الزمان به
وردّه عن مدى آفاقه الكبر([5])

وإذا كان الشاعر قد تضيق به الدروب كما يقول :


كلما أوغلت ركائبنا ضاق
على زحمة الدروب مدانا([6])
فإنه هو نفسه الذي يقول :
قد ترف الحياة بعد ذبولٍ
ويلين الزمان بعد جفاء([7])


([1]) ولد عمر أبو ريشة في منبج ؛ إحدى مدن سوريا ، من أسرة كان لها في عهد العثمانيين شأن ، انتقل إلى حلب ، وتعلّم في مدارسها الابتدائية ، ثم انتقل إلى الجامعة في بيروت . ذهب إلى باريس ليعيش أجواء الأدب الفرنسي ، لكنه سرعان ما عاد إلى حلب عام 1932م ليشترك في الحركة الوطنية في سوريا أيام الاحتلال الفرنسي . تولّى عدّة مناصب ، كسفير سوريا في عدّة دول .
([2]) دراسات في الشعر العربي المعاصر ، شوقي ضيف ، ص239 .
([3]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، ص359 .
([4]) ديوانه ، ص75 .
([5]) المرجع السابق ، ص75 .
([6]) المرجع السابق ، ص467 .
([7]) المرجع السابق ، ص515
.












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 01-27-2010, 04:04 PM   رقم المشاركة : 6
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة


البناء التصويري للقصيدة :

رغم أن القصيدة ذات بناء رمزي ، إلا أن صور المجاز والتشبيه لبنة من لبنات هذا البناء .
وإذا كانت الصورة التقليدية من تشبيهٍ واستعارة وكناية هي أداة من أدوات التخييل ، فإنها عند عمر أبي ريشة ليست هدفاً ؛ وإنما هي تظهر ضمن الصورة الكبرى التي يرسمها بريشته ويرمز بها إلى معنى أكبر ..
يقول عن شعر بودلير : " إنه أشبه بلولب صور في حانوت رسام ، كيف ما حركته وجدت صوراً جديدة ، تختلف كلّ صورة عن أختها ، وفي كلّ منها رمز ينقلك من أفقٍ إلى أفق ، فلا تشعر بملل ، ولا تحسّ بتعب " .
وكأنما أحسّ عمر أنّ هذا اللون من الشعر هو الذي يسير على هداه ، فهو الذي يزخر بصور تنقلك من عالم الواقع إلى عالم الرؤى الخاصة بالشاعر ، وهي صور مركّبة ومتعاقبة تذكر بالفن التصويري في شعر أبي تمام وابن الرومي .
فالصورة الشعرية هنا في هذه القصيدة ذات طبيعة إيحائية تكثر فيها ألفاظ محمّلة بالدلالات والمشاعر والرموز .
ولما كانت الكلمة قد تستقل برسم صورة شاخصة تارة بجرسها الذي تلقيه في الأذن ، وتارة بظلّها الذي تلقيه في الخيال ، وتارة بالجرس والظلّ([1])، فإنّ الشاعر عمر أبا ريشة يعتمد في صوره الشعرية على تحريك مجموعة من الأفعال والأسماء في دلالتها وعلاقتها مع بعضها للتعبير عن موقفه الانفعالي .
وتبدأ الصورة الأولى في القصيدة على هذا النحو :

أصبح السفحُ ملعباً للنسور
فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها
في سماع الدنى فحيح سعير
واطرحي الكبرياء شلواً مدمّى
تحت أقدام دهرك السكير !!
لملمي يا ذرى الجبال بقايا النسر
وارمي بها صدور العصور

فلو أعدنا النظر في الصورة السابقة لوجدنا أن الشاعر قد اعتمد في صورته على عددٍ من الأفعال في صيغ الأمر ، وهي النسبة المسيطرة ، وسيعطينا هذا - بلا شك - إحساساً أكبر بصرخة الشاعر وتمرّده على الذل ، ورفضه للهوان ، وهو يرى أن السفح أصبح ملعباً للنسور .
وهذا الإحساس هو الذي يشكل موقف الشاعر الذي هو محور القصيدة كلحظة انفعالية ثائرة .
ومن خلال الاعتماد على تحريك الجمل الفعلية يلمح عنصر الزمن كأهمّ ما في الموقف .
فتبدأ صورة ثانية بزمنٍ آخر ، هو الحاضر أو الحال ، وإن قابله أحياناً بصيغة الماضي ، لكن صيغته هي الغالبة :

إنه لم يعد يكحّل جفن النجم
تيهاً بريشه المنثور
هجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه
شيءٌ من الوداع الأخير
تاركاً خلفه مواكبَ سحب
فتهاوى من أفقها المسحورِ
كم أكبّت عليه وهي تُندّي
فوقه قبلةَ الضحى المخمورِ
ويقول :
وقف النسر جائعاً يتلوّى
فوق شلوٍ على الرمال نثيرِ
وعجاف البغاث تدفعه
بالمخلب الغض والجناح القصيرِ
ويقول :
أيها النسر هل أعود كما عدت
أم السفح قد أمات شعوري ؟!.

هذا التداخل والتقابل بين هذين الزمنين يعطي إيحاءً بأن الشاعر وكأنه
يتحسّر على الزمن الماضي لأمته بقوله : (لم يعد ..) ، وبقوله :
(هجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه .: شيءٌ من الوداع الأخير) ، وهو في نفس الوقت يستحضر أمامه صور الحاضر الراهنة البائسة التي تمثل ما وصلت إليه أمته من الهوان والذلّ والانكسار .
وكم نشعر بغصص يتجرّعها الشاعر غصّة تِلو أخرى ، وهو شعور صوّرته بعض الأفعال المضارعة ، مثل قوله : (تتهاوى ..) ، (يتلوى ..) .
ففي (تتهاوى) بما احتوته من ثقلٍ وتعثُّر تُصوِّر سقوطاً للكواكب من عليائها ، والشاعر ينظر إليها يائساً لا محالة ؛ إذ لا سبيل إلى إرجاعها ، وهي تسقط بثقلٍ واضطراب !!.
وفي (يتلوى) بهذا التضعيف تشخيصٌ لمعاناة آلامه وهي ترزح تحت الاستعار ، وهذه العزة فيها هي التي تأبى أن تقضي في مهاوي الحضيض .
ثم تبدأ صورة ثالثة امتداداً لهذه الصور المتتابعة من المعاناة والحسرة والضجر والثورة والانفعال :

فتبادت عصائب الطير ما بين
شرودٍ من الأذى ونفور
فسل الوهنُ مخلبيه وأدمت
منكبيه عواصفُ المقدورِ

وصورة رابعة :
فسرت فيه رعشة من جنون
الكبر واهتز هزّة المقرورِ
ومضى ساحباً على الأفق الأغبر
أنقاض هيكلٍ منخورِ ..


حيث تعكس يقظة النسر أو عزة الأمة بعد لأيٍ ولأواء ، وبعد انطراحٍ وانكسارٍ مرير ، لكنها يقظة انتهت - كما يقول الشاعر - إلى :
وهوى جثةٌ على الذروة الشماء
في حضن وكره المهجورِ !

.................................................. ....................يتبع


([1]) الظاهرة الجمالية في القرآن الكريم ، لنذير حمدان ، ص24
.












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2010, 03:01 AM   رقم المشاركة : 7
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة : عواطف عبداللطيف متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

ابنتي الغالية عطاف

أنتِ نبع

دراسة عميقة سوف أعلقها ليطلع الجميع على هذا المجهود الرائع

دمت بخير

محبتي













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 02-06-2010, 03:19 PM   رقم المشاركة : 8
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   ابنتي الغالية عطاف

أنتِ نبع

دراسة عميقة سوف أعلقها ليطلع الجميع على هذا المجهود الرائع

دمت بخير

محبتي

عواطفي الحبيبة
أشكرك جزيل الشكرعلى تواجدك العاطر دوماً
هذه ثقتك وودك الكبير لي لترينني نبعاً
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
تقبلي تحياتي ومودتي
واحترامي
ولاعدمتك ماما
وثبتك الله على كل مايحبه سبحانه ويرضاه












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
قديم 03-03-2010, 06:55 PM   رقم المشاركة : 9
شاعر
 
الصورة الرمزية فريد مسالمه






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :فريد مسالمه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

حريٌّ بِكل مُهتم أنْ يتواجد هُنا
لينهلَ مِن هذا العذب الصافي
النقد والشعر متلازمان
وضرورة تخدم الفكر والمفكر والادب
راقت لي موضوعاتكم دون شك






  رد مع اقتباس
قديم 06-29-2010, 02:24 PM   رقم المشاركة : 10
شاعرة
 
الصورة الرمزية عطاف سالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عطاف سالم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد مسالمه نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
حريٌّ بِكل مُهتم أنْ يتواجد هُنا


لينهلَ مِن هذا العذب الصافي
النقد والشعر متلازمان
وضرورة تخدم الفكر والمفكر والادب

راقت لي موضوعاتكم دون شك

الأستاذ الفاضل / فريد مسالمة ..
أشكرك جزيل الشكر على تواجدك الراقي الجميل ..
وكلماتك يحق لي أن أعتز وأفتخر بها لأنها شهادة كبيرة وثقة ثمينة تقدمها لي
تقبل تحياتي وكل تقديري
ودمت بكل الود والسلام












التوقيع


ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::