وكأن نور الشمس لم يكن كافياً لإيقاظها، كانت قد توسدت يدها لتذهب في ثبات عميق، طغى صوت أعلى من ضجيج السيارات وصخب المارة،ليُنبئ برحيل الفتاة الشابة عن عالمنا، على عُجالةٍ سابقت عجلات الزمن في دورانها، وسرعة انقضاء أيامه.
هرعت نسوة الحي للمساندة في المصاب الجلل، وصورة ابتسام في مخيلة كل واحدة، تستدعي مواقف وكلمات كانت صادرة عنها،كم من آياد بيضاء لها على نسوة كادت الغيرة أن توديَ بحياتهن! وكم من فتاةٍ استودعت قلب ابتسام أسراراها !
وكم من حكايات سيغمدها التراب برحيل ابتسام المفاجئ!
تناقلت صبايا الحي عنها قصة كان فارسها طبيباً شاباً تعلق بالراحلة كثيراً، لكنها ابتعدت عنه لأنه أخفى عنها بأنه متزوجٌ من آخرى!!.
أمضت بعدها ابتسام حياتها شبه منعزلة، قليلة الكلام، هادئة، يكتسي ملامحها الحزن، وبعض من براءة الطفولة احتفظت بها عيناها، لتجذب مُحدثها إذا ما نجح في إخراجها من صمتها!!
لم تتجاوز الأربعين، لها سحرها الخاص، والكثير من تفاصيل الوحدة ترويها شفاهها، ورقة المشاعرورهافة الحس انتزعا من أعماقها أبجدية الخداع، ببساطة كانت صادقة في كل شئ، إنها الأبجدية التي علمتها إياها الوحدة على حد تعبيرها.
ـ نادت أُم هاشم على ابنتها رغد، لتناولها ملابس الحِداد
لقد تأخرنا.
ـ كانت رغد منغمسة في حُزنها، غير مُصدقة نبأ رحيل صديقتها، ورفيقة مقاعد الدراسة، بل كم شغلت أخاها هاشم بضفائر ابتسام لتحصل منه على تذاكر سينما اومسرح نهاية كل اسبوع، فتدعو ابتسام لتخرج برفقتها ،لتتغلب بذلك على مشاكسات أخيها
هاشم خريج كلية الإعلام، كان حُلمه تبوء مكانة عالمية في فن الإخراج
إلا أن كيد رغد وزرع ابتسام لغماً في قلبه، بدد حلم الشهرة ليسرح بعالم الخيال الذي توج ابتسام بطلةً له
ـ دخلت أم هاشم مجلس العزاء بخطى مُتثاقلة، حضنت أم الراحلة والدموع تشارك عبارات العزاء، والألم
داعين لها بالرحمة والمغفرة، اقتربت رغد من أم ابتسام وهي تغالب الدمع عبثاً، ليتراءى وجه ابتسام في ملامح رغد
فتنهال الأُم عليها بالقبل ودعوات الرجاء بأن يكون مأواها الجنة، كنت صديقتها وأختها لقد رحلت اختك يارغد.
ضج المجلس بالنحيب، والدعاء، إلى أن تقدم أحمد من أُمه همس في أُذنها كلمات كانت كفيلة بأن تجعلها تترك مكان العزاء
لتتجه إلى غرفة الفقيدة، فتحت الباب ببطء، كانت رائحة ابتسام عالقة في زوايا غرفتها، تلمست صورتها غير مُصدقة أمر رحيلها، وكأنها ستعود بعد حين لوحدتها، وممارسة حياتها بشكل طبيعي
ـ ما بك أبا أحمد لقد قلقت عليك ؟
ـ هل تذكرين الطبيب غانم يا أم أحمد؟
ـ غانم!!
مالذي أتى على ذكره بهذا اليوم؟
ـ لقد صادفته صباح هذا اليوم، بينما كانت ابنتنا توارى الثرى
لم تقف عند كلماته التي أنهاها بكاؤه، واتجهت إلى حيث مجلسها من جديد، متمنية الصبر والسلوان
لم يستسلم أبو أحمد لحُزنه، اتجه وسط استغراب الحضور حيث ترقد ابنته، كان المساء بدأ يدلهم، وصمت المقبرة أخذ يطبق على الأنفاس، تفاجأ بخيال رجل عِند مرقد ابتسام، تقدم بِحرصٍ شديد لِيُفاجأ بغانم، وقد أخذ ينبش التراب، انهال عليه دونما تفكير
ـ مالذي تريده من جثة ابنتي.؟؟
ووسط عِراك، وعِناد، تقدم راكضاً حارس المقبرة ليخبر والد ابتسام، بأن غانم يقتنص فرص دفن أموات حديثي الوفاة
ليسرق بعضاً من أعضائها!!
وفي كل مرة يتمكن من الإفلات
نظرأبو أحمد بدهشة ، ليجد طيف غانم وقد تلاشى وسط ضباب المساء، وصمت المقبرة.
تلمس بيده التراب وقد غطى جسد ابنته، كان ندياً كما ملمسها حين ودعها صباح هذا اليوم.
سأله الرفق بمن ترقد تحت ذراته، تمنى لها السلام وتمنى لها الرحمة والمغفرة.
وكثيراً من الدعوات وسدها الثرى
لتبدأ السماء بالاستجابة، فتُنذر الأرض بغيث يبلل باطنها حناناً ورحمةً
فيبتعد أبو أحمد عن المكان
وبعضاً من أنفاس الراحة في صدره
تعده بمنزلة أمينة لابنته عند رب السموات والأرض
ليسألها الرحمة له من رب العالمين
متمنياً دنو أجله، ليجاور وحيدته، التي رحلت باكراً عن عالمه.
قصة رائعة جميلة كتبتها أديبة واعدة ، أديبة لديها من الأدوات ورحابة الخيال ما يَعد ُ بقاصّة سيكون لها
الشأن والمكان بين روّاد هذا اللون من الأدب .
قرأت هذه القصة أكثر من مرّة ...والقصة تتحدث عن فتاة تعرضت لحادث سير أودى بحياتها ، واستطاعت الكاتبة أن ترسم ملامح لبطلة القصة ( ابتسام ) ومدى تأثيرها ومكانتها وكيف تغار منها قريناتها وحكاية حب لم تكتمل مع عاشق كان حلمه أن يتبوأ موقعا ومكانة في عالم الإخراج لتصبح هي همّه وبطلة أحلامه ...وأدخلت الكاتبة الحوار بشكل عارض دون أن يكون مُكونّا أو سمة من سمات هذا العمل ، لكنه جاء ليعمّق الفكرة التي أرادتها ...وقد ظهر الحوار في صورتين ...في المرة الأولى في مَعرض استفسار والثانية في سياق التوطئة للخاتمة ...
الفكرة التي أرادتها الكاتبة من هذا النص الجميل ، هو رسالة سامية للتحذير من ظاهرة سرقة أعضاء الأموات ...
هنيئا للنبع بحرفك وخيالك وجمال تصويرك
لنا ملحوظات فنية على بناء النص
تتعلق في الأسلوب ...
ربما نلتقي بحول الله مجددا
في نص قادم سننتظره منك
قصة رائعة جميلة كتبتها أديبة واعدة ، أديبة لديها من الأدوات ورحابة الخيال ما يَعد ُ بقاصّة سيكون لها
الشأن والمكان بين روّاد هذا اللون من الأدب .
قرأت هذه القصة أكثر من مرّة ...والقصة تتحدث عن فتاة تعرضت لحادث سير أودى بحياتها ، واستطاعت الكاتبة أن ترسم ملامح لبطلة القصة ( ابتسام ) ومدى تأثيرها ومكانتها وكيف تغار منها قريناتها وحكاية حب لم تكتمل مع عاشق كان حلمه أن يتبوأ موقعا ومكانة في عالم الإخراج لتصبح هي همّه وبطلة أحلامه ...وأدخلت الكاتبة الحوار بشكل عارض دون أن يكون مُكونّا أو سمة من سمات هذا العمل ، لكنه جاء ليعمّق الفكرة التي أرادتها ...وقد ظهر الحوار في صورتين ...في المرة الأولى في مَعرض استفسار والثانية في سياق التوطئة للخاتمة ...
الفكرة التي أرادتها الكاتبة من هذا النص الجميل ، هو رسالة سامية للتحذير من ظاهرة سرقة أعضاء الأموات ...
هنيئا للنبع بحرفك وخيالك وجمال تصويرك
لنا ملحوظات فنية على بناء النص
تتعلق في الأسلوب ...
ربما نلتقي بحول الله مجددا
في نص قادم سننتظره منك
تقبلي باقات تقديري لرقي حرفك وجمال قلمك
الوليد
السيد وليد
قرأتم بتأني وعمق، وقفتم عِند الفكرة الأساسية( سرقة الأعضاء من الموتى)
أجل!
الحب وتحقيق الذات!
والكثير ما بين السطور
سطرتم تشريفكم بمتصفحي نقداً وترحيباً
إعجاباً وتقييماً
سرني كل حرف، ودفعني للأمام، لا تبخلوا بمروركم، ونقدكم
جزيل شكري وعميق امتناني
للمرة الثالثة أدخل قصتك وتنطفئ الكهرباء فاعذريني
بالنسبة للقصة ..الفكرة جميلة وأسلوب السرد ممتع ولكن ومن وجهة نظري
الخاتمة قد بدت طويلة مما أذاب متعة الدهشة وفتح باب المخيلة ...طبعا لكل وجهة نظر
وللحق قصة جميلة وهادفة
تحية ومحبة وتقدير
التوقيع
حين
دخلت محرابك....
كنت قد توضأتُ بدمعة
ولأن البحر لم يصل مدّهُ لقاعك
سأرجع له الدمعة