ـ أيتها الوسادة الصلعاء...لا تترددي ببث كائناتك الليلية في هذه الصومعة المتعطشـــــــــــة لصرخات سوط الجلاد.
قال ذلك واسترخى على السرير كمن أكمل دعاءا مفضوح،هو على موعد يومي كلمـــــــــا طوحت برأسه تطرفات الفكرة مع بالونات منتفخة ومشبعة بالسموم والكائنات الحمر،كــان يراقب في كل يوم كيس الفكرة أو الكرة المعدة للتلاشي والأفول،كلما زفر آخر أنفاس عوالم الحقيقة تنفلق من رأسه كرة تتنامى بداخلها كائنات عديدة تكبر بهدوء فتكبر معها الجماليات والألوان،الدائرة تتسع حتى تشمله هو بكليته،بجسده المتهالك على السرير.
كانت كرة الفكرة الأولى مترعة بالربيع،حيث توغل فيها الجمال موزعا مجساته على المروج والسمـــــــــاء والمرأة والفراشات،كان يعدو خلف الجمال ربيع كان أو امرأة أو فراشات،يركـــــض دون توقف والكركرات التي تصاعدت منه ومن تلك المراة باتت تتلاقح في الفضاء لتحبل مزيدا من الزهور والفراشات والسنونوات،صار في كل يوم يراقب المشهد ويتابع أحداثه المبتورة ،يراقب من خارج الفكرة ركضاته المنتشية حتى سيطر أو احتوى بنظراته المشهد كلـــــــه فصار يرى جدران الفكرة الهشة والرجراجة،يراها تتسع كلما بثت وسادته المزيد،وذلـــــك المزيد يتوغل في ذلك الجوف الأثيري لدرجة انه أوجس خيفة من ذلك الاتساع المبشــــــــر بالانفجار،وفي كل مرة يحدث الانفجار،كان يعدو وتعدو حبيبته والسماء تبشر بصفــــــــاء مهيب قبل أن تخترق تلك السماء المحددة بالجدران الرجراجة رصاصة تئز في سماء الفكرة وتشحن فيها دوي شديد حتى استحال كل شيء إلى مزق صغيرة عدا قهقهة مدوية صـــارت تصطدم بجدران مسمعيه،ثم ظهور ذلك الوجه المتشفي واليد التي كانت تشهر المســـــــدس بإتقان،إنها صدمة تولد دوما من أزيز رصاصة وضحكة متشفية،حدق في مزق الفكرة فرأى أشلاء حبيبته هناك في عالم يجهله ورأى نفسه هنا في غرفته التي ما زالت تحتضــــــــــــن علامات الاندحار،انه اختناق يراوده في كل ليلة بل في كل لحظة،في البيت،مقر العمل،بــل حتى في لحظات التبحر التي يقتنصها في الباص،الشيء ذاته يتكرر بطرق إجهاض متعددة، طعنة سكين،أزيز رصاصة،وحتى ركلة حذاء كبير،كانت كلها من ذلك الوجه المتشفي، وفي آخر المطاف،أحس بتداعي قواه،حاول أن يفكر رغما عن الضربات والآخر الذي اعتاد أن يسمع منه تلك الضحكات المتشفية،كان في هذه المرحلة يحتضن حبيبته تحت سماء خاويـــة إلا من الزرقة وأسراب السنونوات،وكان من مكانه ينظر للكرة الفكرة وهي تحبل بالأمنيات ،أو القبلة التي أجلت بفعل ذلك الضاحك والماسك بإتقان أسلحته الأنيقة،الشفاه تقتــــــــــرب والوسادة تتماوج وتبث في السماء غيوما ورياح،سقطت السنونوات،تمزقت أجنحة الفراشات،الدائرة تكبر،اصطفاق السوط يتعالى،كان كبرق يشق عتمة الغيوم،عباءة الغيــوم تمزقت والشفاه ماضية في إتمام مشروع القبلة المؤجل،الجلد...جلد السياط يزداد عتـــــــوا، يفرقع في فضاءات الفكرة العنيدة والشفاه باتت مترددة وخائفة،صار يصرخ من مكانه على السرير ويتوسل بذلك الذي يحمل السوط:
ـ لا تجلد مثل هذه الأفكار...أرجوك لا تجلد الغيوم...
الرعد يدوي وذلك الرجل يلوح بالسوط ويهوي به دون تردد،السماء تمطر والشفاه تباعدت حتى صارت محض بكاء،كذلك كانت الكرة تكبر وتحبل بالمزيد من الأمنيات واليـــــــــأس والبكاء والغيوم والرعد والبرق والسياط.
تفجرت كرة الأحلام فأبصر غرفته وهي مترعـــة بمقابر من الفراشات والسنونوات والغيوم والدموع والقبل والضحكات.
المبدع مشتاق
نصك اليوم من النوع الباذخ جداً
لا أعرف لما أحسست بأنك جلدتنا بسياط قلمك هذه المرة
وتدحرجت زفرات منا ونحن نتلفت حولنا باحثين عما تبعثر من أفكار بحكم الجلاديين
الذين وإن اختلفت أساليبهم وتنوعت إلا أنهم يقفون بالمرصاد للأفكار لبعثرتها
لا خوف على القلم ما دام يسيل بكل هذه الخفة بين أناملك
دمت بكل روعتك
تحياتي ومودتي
المبدعة والرائعة
رائدة زقوت
الله عليك يا استاذة
كم هوه رائع تحليلك للقصة
ويكاد ان يكون مطابقا لها بنسبة 99,99
دمت اختا لي ودام هذا الحضور الانيق
تقبلي انحنائي