ليست للبيع
(لايفسد إلا من هو قابل لأن يفسد )
( جراهام جرين )
تشدني إليها، كلما مررت بها ، تلك اللافتة المعلقة على جدار ضخم يسور أرضا فضاء.
أطرح الأسئلة ذاتها عند كل وقفة .
"لماذا يرفع صاحب الأرض هذه اللافتة .. أي معنى يريد أن يوصل من خلالها أم إنها لافتة عادية وحسب ؟! "
على قماش أبيض وباللون الأحمر والخط العريض ، كتبت عبارة "الأرض ليست للبيع "
تستفزني هذه العبارة ، فأقف عندها متفكرة ، لماذا هي ليست للبيع ؟
ربما لأنها الشىء الوحيد الذي يمتلكه صاحبها ، أو من المحتمل أن يكون قد مل أولئك الذين يترددون عليه لشرائها ، فقرر أن يقطع دابر مسعاهم .
نسيت اللافتة والغاية من وجودها ، لأنني غيرت خط سيري ، وصرت أمر بعمارات شاهقة تلتصق الواحدة منها بالأخرى ، وكأن الأرض ضاقت بسكانها ، أما اللافتات والإعلانات الضوئية ،فكلها تروج لسلعة ما ، أو منتج جديد ، كما أنني تعودت أن أسقط من رأسي أية فكرة قبل التوجه إلى عملي ، فطبيعته تقتضي خلوه من أية شواغل .
في الأسبوع الماضي ، حضرت إلى غرفتي زميلة قديمة ، أفضت إلي بسر خطير ، قالت أن رئيسها في العمل أوعز لها أن تتلاعب بالأرقام الضريبية لأحد الأشخاص ، مقابل مبلغ من المال، لم توافق بالطبع ، وما أن أنهت حديثها ، حتى قفزت أمامي ، وعلى الفور تلك اللافتة "ذممنا ليست للبيع".
لماذا يظن الذين يبيعون ضمائرهم أن الجميع بإمكانهم فعل ذلك ؟!
آلمتني تلك الحالة وظللت أفكر فيها ، فربما يجد ذلك المدير الذي باع ضميره وسيلة أخرى،أوشخصا آخر بإمكانه أن يبيع ذمته بثمن بخس ، ربما .. ولم لا .
لم ينته الأمر عند هذا الحد .. فمنذ بضعة أيام ، ذهبت لزيارة جارتي التي انقطعت عن زيارتي منذ أسبوع ، وجدتها مشغولة بإعداد الشطائر والعصائر استعدادا لزيارة ضيف مهم .
أخبرتني وهي منهمكة في العمل ، أن شقيقتها التي تخرجت من إحدى الجامعات، قد جاءها عريس ، وقبل أن أكمل كلمة مبروك ، فوجئت بالبنت تندفع راكضة خارج المطبخ .. تبعتها لأستطلع الأمر قالت وهي تنشج :
ـــ إن ذلك الرجل الذي يسمونه عريسا ، ليس الا شبح رجل في الستين ، كل ميزته ، أنه يمتلك أطيانا وعمارات ، وأنه يريد أن يشتري شبابها بما يمتلك .
قفزت أمامي تلك اللافتة .. قلت لها ارفضي .. فأنت لست للبيع ، ثم خرجت .
لست أدري لماذا تتابعت الأحداث متلاحقة وعلى هذا النحو هذه الأيام ، صباح أمس ، كنت أقف على الرصيف في انتظار الباص الذي سيقلني إلى مقر عملي .
ثمة شخص راح يتسلل من ورائي كلص ،أفزعني .. ابتعد قليلا .. أخذ موقعا في الاتجاه الذي أرصد من خلاله قدوم الباص .. راح يحرك كفيه بحركات مبهمة.. لم أعره اهتماما ، لكنه اقترب، استل من جيبه رزمة نقود ، ثم راح يعد أوراقها بخفة متمرس .
رفرفت تلك اللافتة أمام عيني مرة أخرى .. وثبت نحوه .. وفي حركة مباغتة وغير متوقعة بالنسبة له ، لطمته على خده الأيسر صارخة :ـــ جسدي ليس للبيع أيها الوغد .
صعدت الباص ، وأنا أفكر في المغزى الذي أراده ذلك الرجل من رفع تلك اللافتة ، ثم رحت أبحث عن وسيلة تحمينا من تطاول المفسدين .
تطلعت إلى الشارع ، كان مزدحما كالمعتاد .. تراءى لي أن بعض المارة يخفون بين طيات ملابسهم لافتات صغيرة مكتوب عليها " لسنا للبيع "
التوقيع
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 12-06-2009 في 11:34 PM.
نعم بالرغم من كل شئ،وما انتهى إليه عالمنا المعاش
فعبارتك "ليست للبيع" لا تفقد طريقها الى العقول والقلوب
وجميل ما قراءة لك،ورائعٌ ما خطه قلمك
فتقبلي سروري بما قراءة،وأعجابي بحرفك...
ليست للبيع
مخالفة مالية في مهرجانات الصكوك
ليست للبيع
وعكة صحية في جسد الأنانيين
ليست للبيع
مشاكسة أخلاقية في سوق الرقيق
ليست للبيع
سلوك بذيء في عالم باعة الطيور
ليست للبيع
انتكاسة في عالم المدللين
ليست للبيع
هرولة في سباق الموانع
ليست للبيع
أمانة مرفوضة في صناديق المنتَخبين
لذا أبعدو الـ ليست
وجعلوها بعد للبيع
( للبيع .. للبيع .. للبيع هذه الـ ليست ، وذلك لعدم الجدوى )
والمزاد مفتوح ياسادة وعلية القوم الآنيين
ليست للبيع
مخالفة مالية في مهرجانات الصكوك
ليست للبيع
وعكة صحية في جسد الأنانيين
ليست للبيع
مشاكسة أخلاقية في سوق الرقيق
ليست للبيع
سلوك بذيء في عالم باعة الطيور
ليست للبيع
انتكاسة في عالم المدللين
ليست للبيع
هرولة في سباق الموانع
ليست للبيع
أمانة مرفوضة في صناديق المنتَخبين
لذا أبعدو الـ ليست
وجعلوها بعد للبيع
( للبيع .. للبيع .. للبيع هذه الـ ليست ، وذلك لعدم الجدوى )
والمزاد مفتوح ياسادة وعلية القوم الآنيين
للبيع .. للبيع .. للبيع
نعم أستاذ عمر
هذا ما آلت إليه الأمور بكل أسف
والمزاد مفتوح لللآنيين الذين باعوا ضمائرهم قبل كل شيء
وما يزال البيع مستمرا ...
تحياتي وتقديري
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راتب عبد العزيز القرشي
نعم بالرغم من كل شئ،وما انتهى إليه عالمنا المعاش
فعبارتك "ليست للبيع" لا تفقد طريقها الى العقول والقلوب
وجميل ما قراءة لك،ورائعٌ ما خطه قلمك
فتقبلي سروري بما قراءة،وأعجابي بحرفك...
الأستاذ القدير راتب عبد العزيز القرشي
سعيدة أنا بوجودك بيننا
و يسعدني أكثر هذا التواصل الجميل
لك تحياتي وتقديري
لماذا هي ليست للبيع.سؤال موضوعي ومهم ..ليست أراض للبيع فحسب..أوطان بأكملها بيعت يا سولاف...ربما في هذا الزمن الردئ أصبح كل شيء للبيع ولذلك حالة شاذة ألا تكون الأرض للبيع خاصةً إذا كان موقعها يسيل لها لعاب المُرابين وصيارفة هذا العصر !!
وكذلك ليست كل الذمم لاتقبل الشراء وهذه حالة شاذة أيضاً..لأن باعة الضمائر جعلوا كل شيء قابل للابتياع بما فيه الجسد وحوله وحوالبه..
والعجوز الذي يشتري الشباب هو أيضاً يقف في طابور الجواري؟؟!! .
ولأن كل شئ للبيع فإن راكب الباص ايضاً يعيش تحت مظلة ذات الثقافة ولذلك من الصعب أن يصدق انه لاتوجد امرأة للبيع..وهكذا..ألم عصرته هنا وفهمته يا سولاف..كان الله في عون الشرفاء والشريفات لأنهم بالفعل قابضين على الجمر..شكراً لقلبك.