كان عمري سبعة أعوام ، عندما أيقنت أن الحياة تذبحني يوماً بعد يوم ، لم أعرف أبداً أن وجود زيتونةٍ في هذه الأرض قد يسبب لي كل هذا الألم .. كنت صغيرا ً ، عندما دخل قطيع ٌ من المجرمين إلى بيت جدي ، طالبين منه أن يترك الأرض و شأنها ، و لقد عرضوا عليه مالاً مجزياً للتخلي عنها
لكنه رفض ذلك العرض ، صارخاً بهم : الأرض ليست للبيع ، إبتعدوا عن أرضنا .. ولا تعودوا هنا أبداً
كنت ُ جالساً عند الباب عندما سمعت ذلك الحوار ... لم أفهم ما تعنيه الأرض لجدي !! ، خرجوا من البيت و أنا أنظر إلى ملابسهم الأنيقة و أحذيتهم السوداء ... لم أشاهد رجالاً يلبسون مثل هذه الملابس من قبل !!
ركضت إلى جدي مسرعاً ، فوجدته جالس يحدق من نافذته على اشجار الزيتون ، و في عينيه صرخة ٌ مدوية ٌ ، لم يسمعها أحد ٌ غيري ، اقتربت منه ، ومددت يدي لتداعب لحيته البيضاء
فنظر إلي َّ .. و كأنه يريد أن يقول لي شيئاً ما
أمسك يدي ، و أعطاني حبات ٍ من الزيتون .
و قال لي : يا حفيدي حافظ عليها جيدا ً ... فأنا خائف ٌ من فقدانها ، لم أفهم ماذا يعني ذلك
فكيف سنفقدها .. و شجر الزيتون مرسوم ٌ في فضاءات قريتنا ، فأنا لو أردت أن أحصي زيتون قريتنا
لمكثت أياما ً و أيام و أنا أحصي بها . و أنا أيضاً لن أستطيع ذلك لأنني ضعيف ٌ بالحساب
نظرت إلى جدي فرأيته أكثر حزما ً من ذي قبل أمسك معوله و بدأ يفلح الأرض .. لم أشاهد جدي بهذه القوة من قبل و كأنه شاب ٌ في العشرين من عمره ... تركته مع أرضه قليلاً .. و أسرعت إلى المنزل فرحاً منتشيا ً بكل ما حولي من جمال ، صنعت أبريقاً من الشاي و سكبت بعض الزيت في وعاء و حملت الخبز و بعض البندورة الحمراء .. و أسرعت بالرجوع إلى جدي لكي افرحه بما صنعت يداي فأنا أعلم جيداً مدى حب جدي لتناول طعامه عند أشجار الزيتون
و عندما وصلت إليه لم أجد جدي ... لقد كان معوله ملقاً على الأرض ، و كانت نظاراته أيضاً عند معوله ، بقيت أنتظره حتى المساء حاملاً طعامه على يدي - لقد برُدَ الشاي يا جدي ، أين أنت -
إنتظرته طويلا ً لكنه لم يعد .
و بعد أيام ٍ قليلة جاء الرجال مرةً أخرى إلى الحقل .. نعم هؤلاء الرجال الذين يرتدون بدلاتهم الجميلة
و احذيتهم السوداء .. و قد امتلئ الحقل بهم .. و أخذوا يقتلعون أشجار الزيتون الشجرة تلو الأخرى
و أنا أراقبهم بكل حزن و ألم ... لماذا يا جدي بعتهم الأرض ألم تقل لي أن أحافظ عليها
و ما زلت أنظر إلى حقل جدي الذي أصبح ملكاً لهم - لقد أصبح ثكنات ٍ عسكرية ٍ لهؤلاء المجرمين
و أنا ما زلت أحتفظ بحبات الزيتون التي أعطاها لي جدي ذات يوم ...لا أدري لما احتفظت بها كل تلك السنين ، لكنني أيقنت بأن تلك الحبات من الزيتون ستبقي جدي سعيداً و
لعله يجيء بمعوله ليحطم ثكناتهم ...
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...
المبدع اسامة الكيلاني
محبتي
سعيد ان اكون اول المارين على نصك الجميل والممتع
وسعيد ان أقرا لك للمرة الاولى قصة قصيرة فلديك امكانية رائعة للكتابة
دون اسفاف او زيادات لايحتاجها القص
تقبل محبتي
المبدع اسامة الكيلاني
محبتي
سعيد ان اكون اول المارين على نصك الجميل والممتع
وسعيد ان أقرا لك للمرة الاولى قصة قصيرة فلديك امكانية رائعة للكتابة
دون اسفاف او زيادات لايحتاجها القص
تقبل محبتي
أستاذي الحبيب / سعدون البيضاني ... شكراً لك على رقة حرفك و حضورك الانيق
أتمنى أن أكون عند حسن الظن .. حماك الله يا أديبنا الكبير .
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...
رائعة كعادة نصوصك يا صديقي .....
صحيح أن العاطفية كانت تدفعك للإسراع بالانتقال من جملة إلى جملة قبل إكمال فكرتها تماماً على غير عادتك ، لكن السبب واضح ...
فدفق الشعور بالحزن و نداء الوطن كلاهما كانا هما المتحكمين بك خلال الكتابة .... و بنا خلال القراءة
بارك ربي بك أيها الصديق الجميل ....
دمت مبدعاً كبيراً
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
رائعة كعادة نصوصك يا صديقي .....
صحيح أن العاطفية كانت تدفعك للإسراع بالانتقال من جملة إلى جملة قبل إكمال فكرتها تماماً على غير عادتك ، لكن السبب واضح ...
فدفق الشعور بالحزن و نداء الوطن كلاهما كانا هما المتحكمين بك خلال الكتابة .... و بنا خلال القراءة
بارك ربي بك أيها الصديق الجميل ....
دمت مبدعاً كبيراً
أخي الحبيب و الأديب الراقي / عبد الله راتب نفاخ ... شكراً لكلماتك الرقيقة
و سأنتبه في المرة القادمة لتلك الهفوات ... شكراً لك حماك ربي .
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...
رائع يا أسامة
الفكرة واضحة جداً وحبات الزيتون لا بد أن كل من اقتلع الغزاة أشجارهم احتفظوا بها
بقي فقط أنك لم تبرئ جدك من تهمة البيع ولم توضح مصيره ربما لاستعجالك أو اندمجاك أثناء الكتابة
وربما لأنك أحضرت المشاهد من خزائن الذاكرة
تحياتي ومودتي
رائع يا أسامة
الفكرة واضحة جداً وحبات الزيتون لا بد أن كل من اقتلع الغزاة أشجارهم احتفظوا بها
بقي فقط أنك لم تبرئ جدك من تهمة البيع ولم توضح مصيره ربما لاستعجالك أو اندمجاك أثناء الكتابة
وربما لأنك أحضرت المشاهد من خزائن الذاكرة
تحياتي ومودتي
فراشة نبعنا و أديبتنا القديرة / رائدة زقوت ... شكراً لمرورك الرقيق الذي أضاف البهجة و الفرح لنصي المتواضع ... أما بالنسبة لبرلءة جدنا في هذه القصة القصيرة .. فلقد برئته من ما اتهمته به
و كان ذلك في آخر القصة ... و عندما أتهمته كنت جاهلاً و صغيراً أما الآن علمت أن الجد لم يترك اشجاره بملئ إرادته ... حماك ربي .
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...