في أرض جرداء غير ذي زرع توقفت بهم القافلة بعد أن عقر الحصان بحيّة من حيّات الأرض
التي كانت تجوب القفار طولا وعرضا بحثا عن أرزاق لها
لم يكن الحصان مباليا بما هو فيه قبل تعرضه للعقر ربما هذا كان سببا من أسباب موته بهذه الطريقة
التي تعتبر مأساوية لحصان فتي يقود قافلة محملة بالأشخاص الذين لا وسيلة لهم للعبور خارج دائرة
الجرداء القاحلة غيرهُ .
تلفت أكبر من في القافلة حوله يمينا وشمالا وقرر أن يستقر في نفس مكان عقرالحصان ..ربما كان
نوعا من الوفاء الغبي للراحل أو هو الخوف من الانتقال من مكان حّطت فيه القافلة لمكان مجهول آخر.
استكان كل من كان في القافلة للمكان الجديد رغم الفرق الشاسع بينه وبين الأرض الحلم التي كان
الحصان ينوي أخذهم لها
كانت الجرداء محاطة بسور مطاطي على شكل دائرة يفتح من أحد أطرافه في بداية النهار لدخول
الغرباء والباعة والباحثين عن الرزق ويلفظهم آخر النهار , وكل من حاول الدخول من غير هذا
الطريق ارتد مدفوعا بقوة ارتداد تتضاعف أضعاف القوة التي حاول فيها اختراق المطاط أقصد السور
مضت الأعوام مسرعة وكل من كان في القافلة كبر وأسس لنفسه ركنا يتناسب مع طموحه وحلمه
وحدها كانت لا تحاول الدخول لداخل السور , اتخذت لنفسها مكانا قصيا
أسّست لها حياة خاصة خارج الأسوار ….كانت تضع الحلم بكفة ميزان مع الواقع , كان الحلم يّرجح
الكّفة, فتنظر مستبشرة فرحه كلما رأت كفّة الحلم ترجّح , كان هذا يعني لها أمرا واحدا وهو قرب ترك
الجرداء …أي حلم كان هو ترك الجرداء ؟؟!!
كانت تخيط الأمل بمغزلها وهي تعد الثواني والدقائق قبل الأيام والشهور , بدأ الضعف يدب فيها
كان يؤلمها أن يتسرب الضعف ليدها وهي تحيك الأمل , فقد عاشت عليه …كانت ترفع الغزل بين
فترة وأخرى وتنظر له وإلى أين وصلت فيه وكم تبقى لها لتنهي الأمل بنهاية تليق فيه
كانت توشك على الاستسلام عندما تسربت بعض خيوط الغزل الجديدة لها
ياااه كم كانت بحاجة لهذه الخيوط وهي التي كانت تحرص كل الحرص على خيوطها المتبقية
خوفا عليها من النفاذ , في هذه الدفعة الجديدة زادت خيوط الأمل وأصبحت أكثر قوة وأكثر متانة
مازالت تغزل والأيام تمضي , وهي تراقب الغزل تارة والسور المطاطي حول الجرداء تارة أخرى
كان السور هو ما يدفعها للتمسك في الغزل وتسرع في العمل .
كان وداع الجرداء وامتطاء الحلم والهروب هو كل ما تُمني النفس فيه بعد أن تنهي غزلها
ما زالت تغزل الأمل وعينها تحلق خارج الجرداء