زاوية أفتحها هنا ، وفاء لسيد الكلمة وفارس النبع وأستاذنا الراحل الكبير / عبد الرسول معلة رحمه الله هنا أترك المجال أمام الأوفياء ، أبناء المعلم وتلاميذه ، لينقل لنا كل واحد منهم ، كيف عرف بالخبر ، وكيف كانت ردّة الفعل .
راجيا من كل من يعبر هذه الزاوية ، أن يترك تحت إسمه ، إسم بلده ... حتى نستعرض الأقطار والبلدان التي لفّها الحزن ..وإن كنت أرى أن الكون بأسره قد فقد قمر فضائه ...
عدتُ منزلي عندما انتصف الليل ، وكنت أحب هذه الفترة ، لأنَّ التيار الكهربائي في عراقنا يكون قد عاد فأجد تواصلي اليومي مع فقيدنا الكبير ، وكما هي طقوس المساء ، أقوم بتشغيل جهاز الحاسوب ، وأتوجه لمطبخ منزلي ، فأعدّ الشاي وأستعد لرحلة النبع المسائية ...
عدت لجهاز الحاسوب ...وجدت هذه الرسالة من سيدة النبع أطال الله في عمرها ..
السلام عليكم الصدمة كبيرة باستناذنا الكبير عبدالرسول احتاج للحديث معك بخصوصه تحياتي
لم أتمالك نفسي ، دخلت النبع بسرعة أبحث دون تحديدٍ لوُجهتي ، فوقعت عيناي على شريط الإهداء فلمحت النبأ برحيل المعلم
فسقطتُ على الأرض ، ودار حوار باكي بيني وبين سيدة النبع ....
اتصلت بصديقتي الغالية سلوى حماد لأُعلمها اننا لا زلنا على الموعد .. ف ضيوفي لم يغادروا بعد، و لقد رتبنا ان نستقبل السنة القادمة من سنينها الطويلة والمديدة انشاء الله سوية على المسنجر، و لكني سأتأخر قليلاً ..و سأشبك بمجرد مغادرتهم، وهو طقس سنوي لا نغيره، اخبرتني انها تستقبل عامها الجديد بخبر محزن، وهو وفاة الأستاذ عبد الرسول معله، و كانت صدمة كبيرة، بكيت بحرقة و سارعت الى النبع لأتأكد من الخبر، لم استطع ان أُمسك عن البكاء، و الجميع استغرب من منظري، و ربما تسائلوا .. اين غابت و عادت بعد خمس دقائق بهذا الشكل، بالبداية حاول زوجي مواساتي ببعض المزاح و أننا جميعاً على الدرب سائرون، و لمّا لم أستطع التوقف عن البكاء .. عاد يواسيني، و يسألني عن الشاعر الكبير رحمه الله، و لما اخبرته عنه، أقّر بأن رحيله خسارة كبيرة و عزّاني به ..
بالطبع لم ادخل المسنجر، و ربما سلوى لم تتمكن بعد ذلك من الدخول .. فلسنا بحالة تسمح بأي احتفال .
رحمه الله رحمة واسعة، و أسكنه فسيح جناته، و رفع منازله عنده مع الصديقين و الشهداء ..
استلمت النبأ على دفعات .. وفي كل دفعة كان هناك احتباس في الانفاس حتى جاء الخبر أكيدا من زوجي
كان الوقت بعد صلاة المغرب فتحت صفحتي على الفيس بوك تلقيت سلاما من فقيدنا الكبير رحمه الله لكن فوجئت انه يستخدم اللهجة المحكية .. قلت يبدو أن حساب أستاذنا قد تم السطو عليه مجددا فقد أخبرني سابقا بأنّ حسابه القدييم قد تمّت سرقته
قال لي : أنا ابن الاستاذ عبد الرسول معله .
لم أصدقه أول الأمر فسألته حسنا مادمت ابنه اعطني دليلا
قال : اسأل
قلت ماذا يعمل والدك ؟
فاجابني بأنه مدرس للغة العربية . لكن الشّك بقى يساورني فبإمكان السّارق ان يطّلع على معلومات الصفحة ثم قال أنه يريد حساباته في المنتديات لان والده توفي وهنا انقطع الاتصال على الفيس بوك صدمت كالمجنونة دخلت المنتدى وجدتُ اسمه موجودا فتنفست الصعداء وكتبت له على الخاص ان يجبني بسرعة لكنه لم يرد فأكلني الخوف والقلق
دخل زوجي للبيت وجدني ذاهلة سألني : مابك شرحت له الحكاية
قال لاتصدقي الم يكن معكم بالأمس ؟ ربما هذا الشّخص " هكر " والا فكيف ترك مجلس العزاء ليجلس على النت ؟ فاطمأن بالي نوعا ما وأفهمت نفسي وعقلي ان هذا مجرد هكر يريد السطو على حساب استاذنا
أخذني زوجي للمستشفى معه لكن طوال الطريق وأنا مشتتة وهو يحاول ابعاد الفكرة عن رأسي .. تأخرنا في المستشفى وعدنا ليلا ...
وهناك أخبرني زوجي متأثرا بأنّ النبأ كان صحيحا
ومنذ تلك اللحظة مازلت غير مصدقة بين بكاء واسترجاع .. وتصبير للذات
صدقا أن هناك من الآباء يعادل حجم رحيلهم فاجعة احتلال العراق
لاحول ولا قوة الا بالله
اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جنّاته
العراق
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
منذ سنة تقريباً وأنا لا أتواصل مع أحد كالسابق بسبب السفر
ودخولي للنبع كان قليل جداً ولا استخدم المسنجر لضعف النت، منذ أيام عدت من السفر، ودخلت النبع وحاولت التواصل مع البعض، وكنت أتابع الفيس بوك بنفس الوقت، ما أن فتحت الفيس لأتابع حتى وجدت مشاركة باسم ابن الأستاذ الراحل الأكبر عبر صفحته بالفيس يخبر فيها عن موت شهيد الأدب عبدالرسول معلة، ذهلت صرخت بصوت عالي وكانت أختي المكلومة بابنها تجلس بجانبي، وانخرطت أنا وهي في نوبة بكاء قوية وأتذكر أنها قالت كلمة واحدة " الموت قاهر " لا نملك معه أن نتصرف، عدت للنبع وجدت المشاركة من قبل الزملاء بموته، كتبت على الشريط نعي له وأنا أتمنى أن يقوم أحد من الزملاء بتكذيب الخبر، وبقيت غير مصدقة إلا أن دخلت روح النبع السيدة عواطف وكتبت عن الخبر
لله ما أعطى ولله ما أخذ
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
رائدة زقوت
الأردن / مدينة معان
منذ بداية الأحداث في سوريا و دخولي للنبع قليل ليس كسابقه
لكني اعتدت فتح صفحاته و الاطلاع على ما فيها و لو بشكل سريع
و في الأيام الأخيرة كنت أفتح جهازي صباحا قبل الخروج للعمل
حتى كانت صبيحة الأحد
استيقظت في الرابعة فجرا
و على غير عادتي .. و قبل أن أقوم بأي شيء
حتى قبل أن أغسل وجهي .. قبل الوضوء و الصلاة
شيء ما دفعني لفتح الجهاز و أنا لا أزال على فراشي
لأجد الخبر في أعلى صفحة الفيس بوك منشورا من قبل الأخت رائدة
يا الله .. و الله لم أصدق
تارة أقرأ ما نشر .. و تارة أنظر للصورة و أقول في نفسي : لا .. خبر الوفاة ليس لهذه الصورة
بقيت نصف ساعة هكذا .. دخلت بعدها للنبع
لأقرأ الخبر يقينا و حقيقة .. أتلقاه كالصفعة على وجه ذهولي و تخبطي
دخلت للموضوع الذي كتبته أمي عواطف
لأجدكم تبكون و تنتحبون كما الثكالى و كلكم غير مصدق
في الساعة السادسة صباحا اتصلت بي إحدى الصديقات من النبع
لتطمئن علي و تواسيني
لكنه كان اتصالا للبكاء فقط .. نستجدي دموع بعضنا لعل شيئا من الحزن يرعوي و ينقشع
لكن .. هيهات .. هيهات يزول حزن على مثله .. و هيهات تجف دموع تبكي مثله
يوم أسود بامتياز .. يوم اختلطت فيه الأوراق و تاه نور صبيحته بحزنه
رحمك الله يا أستاذي
سألتني عن غيابي فقلت لك أن ما حل بسوريا أشغلني
طمئتني كالوالد حين يمتص قلق ابنه
و ها قد رحلت .. و بقيت طمأنتك لي جاثمة في قلبي
رحلت جسدا و بقيت فينا روحا و نورا
رحمك الله تحت الأرض .. و رحمك يوم العرض