طاردته قوى الأمن ، وكلفت جيوشا من المخبرين تتابع كل حركة من حركاته ، وكل همسة من همساته ، أمرت نقابة المحامين بفصله من النقابة ، وبالتالي فقد عمله كان يعيش مع أمه العجوز ودائما تردد عبارة كان يعشقها ، : ترجع منصورا يا ولدي بإذن الله فكر طويلا فاقترح على خاله الذي يعيش في أمريكا ولا يأتي إلى قريته إلا كل عدة سنوات أن يعيش في مزرعته الصغيرة فوافق قال لأمه أنه ذاهب لبعض الأعمال في مدينة بعيدة وسوف آتي لزيارتك كل فترة وفترة كررت الأم دعاءها وانتقل إلى المزرعة ، حيث لا أحد يعرفه في القرية فتظاهر بأنه عامل زراعي وهو أخرس ولا يسمع دخل المزرعة ونظفها ونظف الغرفتين فيها وبدأ حياته فقد أصلح محرك الماء وبدأ يزرع الأشجار والخضروات وعلى حوافها زرع أشجار الورد وكان يمضي طوال يومه في الاهتمام بالأرض وتنقيتها من الأشواك الكثيرة التي سببها الإهمال الطويل لم تمض أشهر حتى بدت المزرعة جنة وإذا أتى أحد لزيارته يعرف أنه أخرس ويتكلم معه بلغة الإشارة التي أتقنها على مر الأيام حتى اشتهر باسم الأخرس لفت انتباهه وجود فيللا راقية غير بعيدة عنه وكانت الخضار قد أنتجت ففكر أن يعطي جيرانه بعض إنتاجه دق جرس الباب الخارجي وانتظر قليلا ، فكشف انفراج الباب عن وجه ملائكي الطلة ، نوراني البشرة ، ابتسمت له فافتر ثغرها عن ضحكة شمس مشرقة أشار إليها أن خذي هذه الأشياء وأفهمها بلغة الإشارة أنه لا يستخدم المواد الكيميائية ردت عليه بالإشارة المختلطة ببعض عبارات الشكر في يوم من الأيام بينما كان منهمكا بعمله وقفت سيارة فخمة فظنها سيارة التحريات وللحظات حاول الهرب وفتح السائق الباب فنزل رجل يبدو عليه الوقار حاول مع السائق إفهامه أنهم يحتاجونه في البيت وكرر إشارات الاستفهام بالرغم من أنه فهم قصد إشاراتهم الممتزجة ببعض الكلمات أشار برأسه أنه موافق وذهب معهم ليرى البيت ويتفحصه ليعرف ماذا يريد وتجول في حديقة المنزل متفحصا الأشجار والأرض والأزهار وهو يهز رأسه بما يوحي أنه عارف ماذا يريد أن يعمل لمح الفتاة التي ابتسمت له وأشارت له أن اعمل الحديقة متل مزرعتك ، شعر بحنانها وهو الذي تربى في حضن السياسة وجفافها فضحك هازا رأسه بالموافقة كان يغادر المزرعة يومين في الأسبوع لمتابعة أعمال التنظيم ويلتقي ببعض عناصر الارتباط ويعطي توجيهاته وتعليماته ويزور والدته ، بينما كان يزوره بعد منتصف الليل واحد منهم في فترات غير منتظمة تكررت زيارته لمنزل جيرانه وكان يتقصد أن يأتي بعد انتهاء الدوام المدرسي ليرى الفتاة التي عرف أن اسمها ( رانية ) كانت كل مرة تقدم له الشاي وطالما جلست معه تتحدث بلغة الإشارة التي أتقناها معا سألها ماذا تدرس؟ ـــ الشهادة الثانوية ـــ والجامعة؟ ـــ سوف أسجل الحقوق ـــ أشار بإصبع إبهامه ممتازة تعرف من خلال ذلك على عمل والدها أنه ضابط تحريات كبير ومرة دعاه ليساعده فعنده ضيوف على العشاء فقام بعمله في شواء اللحم وتجهيز المقبلات ببراعة تامة ، كان يرفض بعزة نفس أن يأكل لقمة واحدة رغم إصرارهم وطالما كانوا يحسدون مضيفهم على هذا الجار كان يستمع إليهم وهم يناقشون قضية ( الأسطورة ) قائد التنظيم الذي اختفى ولم يستطيعوا الإمساك به رغم إكثارهم من المخبرين رد أحدهم قائلا : لا تثقوا بالمخبر فهو إنسان نذل ويمكن أن يكون مخبرا مزدوجا لنا وعلينا قال الآخر: والله لو أمسكت بهذا الأسطورة لكسرت عظامه أجابه المضيف بخبث شديد : ــ وماذا سوف يتبقى لنا لو انتهى ( الأسطورة )؟ ، لن يبقى لنا عمل ويمكن أن نحال إلى المعاش خطر ببال الأخرس أن تنصته عليهم حرام ولكن كما تعلم في حياته السياسية لا أخلاق في السياسة وتكررت سهراتهم وفي كل مرة يفهم أنهم سيلاحقون فلانا وفلانا من كوادر التنظيم فيخبرهم منذ الصباح حتى يتخفوا عن الأنظار سجلت رانية في كلية الحقوق فأوعز إلى رفقائه بمحاولة تنظيمها فهي فتاة ذكية ومتحررة من عقلية والدها من خلال ما كان يسمع من حوارها مع أمها وهذا ما تم وكانت نشيطة مما جعلها ترتقي في موقعها التنظيمي لجأت إليه كي تخبئ عنده بعض الأوراق الهامة والسرية حتى لا يكتشف أحد في البيت أمرها ، وبعض الكتب الممنوعة فقبل ذلك دون إشعارها برغبته أحبته وسمعها مرة تهمس : أه يا وسام لولا أنك أخرس لتزوجتك سألها ماذا قالت : أشارت لاشيء وهمست : يا حبيبي ازداد نشاط التنظيم وأصر الضباط على سجن أعضائه غضب والدها مرة في مكتبه وصرخ بالجنود : هاتوا لي الأن هذه المسماة /عروبة /( الاسم الحركي لرانية ) لحظات أتوا بها من الجامعة وخلال الطريق قررت الاعتراف أمامه دخل العسكري محييا رئيسه ــ عروبة يا سيدي وخرج ـــ نظر الوالد مندهشا ووضع رأسه بين يديه : رانية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ـــ نعم رانية وضعها في سيارته وبدأ حوار طويل كان وسام خارج غرفتهم في الحديقة يستمع إليهما واشتد النقاش ــ أنتم ضباط الأمن لا تفكرون إلا في أنفسكم ، تعيشون في بذخ العيش ولا تهتمون بأحد ، وماذا سيصيبكم لو انتصر التنظيم؟ ولماذا هذا العداء لمن يقول : هدفنا الحرية؟ كان يتمنى أن يصرخ بأعلى صوته : بوركت يا رانية يا حبيبتي أنا الأسطورة تسارعت الأحداث والأمور وانحت السلطة أمام التنظيم وخرج المعتقلون من السجون ، وأتت الأوامر بإعفاء جميع المخبرين لأنهم عبء مالي على الدولة وأحيل كثير من ضباط الأمن إلى التقاعد ومنهم الثلاثة بعد فترة غير قصيرة وقفت سيارة أجرة ترجل منها الرجلان الضيفان وكعادتهما جلسا على كراسي طاولة الحديقة خرجت رانية من با ب الفيللا صرخ أحدهم واااااااااااااااااااااااااااا أنت تشبيهين الناطقة الرسمية باسم التنظيم ـــ نعم أنا هي أنا عروبة يا ( عمو ) ولحقها وسيم وقف قربها وأمسك بيدها قائلا ـــ وأنا وسام الأخرس ودعني أقل لك أنا ( الأسطورة ) وخطيب عروبة ( رانية) تجمد الاثنان ونظرا كل بوجه الآخر وهمسا بصوت واحد مسموع : ـــ نحن أغبياء
رمزت إبراهيم عليا
آخر تعديل رمزت ابراهيم عليا يوم 09-08-2011 في 10:37 AM.
((- أنتم ضباط الأمن لا تفكرون إلا في أنفسكم ، تعيشون في بذخ العيش ولا تهتمون بأحد ، وماذا سيصيبكم لو انتصر التنظيم؟ ولماذا هذا العداء لمن يقول : هدفنا الحرية؟))
تقديري الأعمق
التوقيع
لا تأكلي الشمس...فما في حوزتي سوى كلمات و وردة ...هي لك