بهذه البساطه الصادرة من فم العجوز ابو الجون اندلعت اروع ثورة شعبيه عراقية في العصر الحديث ... ثورة العشرين التي ضربت عشائر الفرات الاوسط فيها اروع صور التضحية والمجد والبطولة .. والتي اذهلت الانكليز واوقفتهم عن العبث بمقدرات الشعب ... وعلمت العراقيين كيف يكونون يدا واحدة بوجه المعتدين .. وكيف يدافعون عن سيادتهم واستقلالهم مع رفضٍ كاملٍ للذل والهوان ...
يُروى ان قائد المحمية الانكليزية في الرميثه استدعى بعضا من شيوخ القبائل في المنطقه .. ونظرا لتأزم الوضع آنذاك فقد قرر شيوخ القبائل ان يرسلوا الشيخ شعلان ابو الجون شيخ عشيرة الظوالم وحيدا الى المحمية الانكليزية ليرى ماذا يريد ذلك القائد ... وفور وصول ابو الجون قام القائد الانكليزي بأستفزازه عندما سأله ما بك ترتجف .. ظنا منه بأن الجون خائفا من مثوله امام الانكليز .. جاهلا بالرعاش الذي كان الشيخ مصابا به .. وهنا كان رد ابو الجون بهذه الجمله والتي اصبحت فيما بعد شعارا للثورة في شحذ الهمم ..
والطريف في الأمر انه وبعد حدوث مشاده كلامية بين ابو الجون والقائد الانكليزي فقد امر الاخير بحبس الشيخ بينما اومأ الشيخ لمرافقه بأن أرسل لي عشر ليرات مع هبوط الظلام .. وكان قصد الشيخ هو ان ارسل عشرة رجال اشداء يخلصوني من الأسر .. وبالفعل ,, حدث ما كان مخطط له .. فقد حضر مع جنح الظلام عشر رجال .. هاجموا المحمية الانكليزية فقتلوا جندي واصابوا اثنين وفكوا اسر الشيخ المحتجز ... لتنطلق بعدها الثورة على الانكليز وعبيدهم والتي تكبدت خلالها القوات الاجنبية خسائر كبيرة ما زالت تذكرها حتى يومنا هذا .. فأغلب المصادر تشير الى ان الخسائر الانكليزية في هذه الثورة تجاوزت الاربعة آلاف ...
وعلى العموم ورغم فشل الثورة في النهاية الا ان اسئلة كثيرة ما زالت تطرح نفسها حتى يومنا هذا .. أسئلة تتعلق بالصحوة العراقية المفاجأة بعد قرون طويلة من التناحر والسكون .. فكيف استطاعت قبائل الفرات الأوسط الاندماج بهذه السرعه والتوافق على مبدأ واحد لا غير .. ألا وهو محاربة المحتلين .. وكيف استطاع الفا رجل ( بحسب المصادر ) ان يصمدوا لفترة طويلة نسبيا بوجه اعتى قوى العالم آنذاك .. كيف انتصر المكوار على المدفع الانكليزي الثقيل ... وكيف تمكنت الفاله وهي آلة تستخدم في الزراعه ان تواجه اسلحةً رشاشه سريعه ودقيقه .. كيف لقي ما يزيد عن اربع الاف جندي بريطاني مصرعهم بهذه السهولة .. كيف توحد الفرات الاوسط ومن ثم العراق ومن وَحَدَه ... فعلى الرغم من معارضة بعض الساسه في بغداد الا ان لا صوت علا فوق صوت الثورة ورجالها ..
وكيف تمكنت الثورة الشيعية الأصل ان تقنع شيوخ الدين السنه وتجعلهم يلقون الخطب الحماسية في الأعظمية وغيرها من المناطق للتحريض على الاشتراك بالثورة .. من اين اتى كل ذلك الاصطفاف والاتحاد ..
بربكم .. هل يعقل عاقل ان شعبا يصنع مجدا كمجد ثورة العشرين يعيش في هذه الاوضاع اليوم .. يرضخ لها ويقبل بها روتينا يوميا لحياته .. ويا ترى مالذي سيقوله ابو الجون ان مَرَ على ايٍ من مدن العراق .. وهل عراق اليوم كالمرأة العاقر .. غير قادر على انجاب ابطالٍ على وزن ابو الجون ورفاقه .. وهل ان شعباً يواجه بريطانيا العظمى بمكوار وفاله غير قادر على ان يستعيد مجده !!
لأحفاد ابو الجون وحدهم اترك الاجابه....