مذ عرف الحياة لم يشم غير رائحة واحدة ،رائحة غرفته القديمة المتآكلة جدرانها ، كان يسمع أن في بيوت الآخرين نوافذ يفتحونها فيطلون على أشياء في منتهى الروعة ، لكنه لم يجرؤ يوماً على الاقتراب من نافذته الخشبية القديمة النائمة وسط جدار عتيق تهاوى أكثره .
عندما أنهكته رائحة الغبار و التراب فكادت تخنقه ، و بعدما عانى كثيراً في في إزالة ما على النافذة المهجورة من طين لاصق بفعل السنين ، فتحها فاشتم في لحظة رائحة لم يعهدها ، رائحة الهواء النقي التي أجرت الدماء في عروقه و دماغه ، أشرع ذراعيه كأنما يحتضن هواء الدنيا كلها،و أغمض عينيه مستكيناً لألق ما أحسه ، ففاجأته رصاصة قاتلة استقرت في بطن دماغه .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ