ماتخبئه الرّوح من هواجس تعلنه بحرية على الورق ،وتترك شيئا من الأسرار بين زوايا السّطور ، وفي هذه الرّسالة أعلن لي ولك بأنّ زمان الإحتلال يختلفُ عن كلّ زمانِ قبله ، وتتبدل به ألوان الحب ، منها مايشحب ، ومنها مايزداد عذوبة فيسكن منّا الأماني ..
نعم ياصديقتي
ففي زمان الاحتلال نعيد اكتشاف علاقتنا مع ماغاب عنّا بين ركام الذّاكرة واعتلى الغبار تلك الرّفوف المنسية فيها ؛ أعلم أنّك سوف تسألينني مالذي حدا بي لأكتب لك من جديد بعد طول غياب بريدي ..! فأسرّ لك أنّه منذ أن أعادت قوات الاحتلال فتح الطرّيق الرّئيسي الذي يوصلني لمكان عملي قبل عام من الآن، والمحاذي لمسجد المتوكل العباسي وأنا " أشهقُ " مرّتين في اليوم ؛ شهقة عند الصّباح حين ألمحُ خيوط الشّمس قصيدة باسمة تمشّطُ وجه منارة المسجد ، وشهقة أخرى عند المساء حين تتخذ الشّمس شكل قرصٍ كأنّه طوق عشق يغيب تدريجيا مع الأفق ملّوحا للمئذنة الملوية بلقاءٍ قريب عند الصّباح فيشاركه قلبي حين يلوّح مرفرفا بمنديله بأنّ كلّ دروب الوجد تؤدي إلى سرّ من رأى ، فأبدا بحساب مساحة العزم في تاريخ هذا المسجد العظيم ، وعلوّ همّة البنيان في جدرانه التي صمدت أمام مئة احتلال واحتلال ، بينما لم يصمد قنّاص الغزاة الذي اعتلاها سوى أشهرٍ معدودات ...
أتعلمين ياآية أنّه منذ فتح الطريق هذا ، مع الإبقاء على قوة من جيش الاحتلال تراقبه بإحكام ؛ وأنا أعود مساء كلّ يوم بأمنية مؤجلة ، بل بأمنية أتركها ورائي محشورة بين الأسلاك الشّائكة والأكياس التّرابية التي تضرب طوقا يحاول أن يلقف كل نظرة زهوٍ يمدّها القلب ؛ فيشهد السّمع والبصر ؛ أنّه في يومٍ ما من زمانٍ ما ، وأنّه هنا تحديدا قامت مملكةٌ من حلمٍ سريعٍ خاطفٍ ؛ تداركه الصّباح سراعا ، ولم يكمل سوى ثمانية وخمسين ربيعا من الشّعر ..
كان حلما سَرّ كلَّ من رآه ؛ صنعه المعتصم وغفل عنه المعتمد ؛ فنُقِضَ وتلاشى ..! وكلّ ماورثته منه أن أنهض َ صباح كلّ يوم وأمنية تضربُ طوقا حول قلبي لو أتمكن اقتناص لقطة قريبة للمسجد العباسي ومئذنته الملوية ، لقطة أحفظها في ذاكرة ألبومي ، خاصة بي أنا ، ألتقطها بعيني التي تبصر التاريخ على امتداد دجلة ، لكن ، أنّى لي هذا وأجهزة رادار الاحتلال تطوّق المكان ؟!
في كل يوم ياصديقة أرتقي معها ذكريات طفولتي سلّمة سلّمة ، نبضة نحو التّاريخ وأخرى نحو الفرح ، وهناك عند قمتها يملؤني نقاء ٌ يعرجُ بي إلى فلسفة الأجداد حين تغدو المنارة برزخا فمن شاء أكمل رحلة الإيمان ومن شاء عاد إلى دنايا الأرض حيث تعاقب عليها الزّناة والرّعاة والطّغاة ...
ياإلهي يااية .. إنّه هذيانٌ ، بل أنّه يقينٌ محموم يعيد لي قصص الطّفولة المشدودة بحبل دعائم المئذنة وبحبل آخر من الهزيمة ؛ فكيف يكون هذا التّاريخ لي ولااملك حقّ تصويره ؟..!!
2008ِ
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
رائع ما قرأت ...
أعادتنا هذه الرسالة الأدبية ، لتلك الرسائل القيمة ...
التي تضيف لذاكرة القاريء...رسالة غنية بما حوت ..
الأديبة كوكب ...نشتاق لرسائلك مع آية ...نترقبها ..
مبدعة ورائعة أنت ، رغم الغصّة التي اكتنفت رسالتك
الأدبية والتي تسلط الضوء على جزء هام من تاريخ العراق الحديث ...
وهي بحق تعتبر وثيقة تاريخية هامة ...
يا كوكب:أبحرت في دمك هذا
قلت لعلي أُريحني من بعض ألم !
جئت ليزداد وجعي لكنني اجتمعت في روحي الإثنتان
جميل أن نتذكر ونكتب ما تنطقه فيافي الروح رغم التعب~
ماشاء الله~
رائع ما قرأت ...
أعادتنا هذه الرسالة الأدبية ، لتلك الرسائل القيمة ...
التي تضيف لذاكرة القاريء...رسالة غنية بما حوت ..
الأديبة كوكب ...نشتاق لرسائلك مع آية ...نترقبها ..
مبدعة ورائعة أنت ، رغم الغصّة التي اكتنفت رسالتك
الأدبية والتي تسلط الضوء على جزء هام من تاريخ العراق الحديث ...
وهي بحق تعتبر وثيقة تاريخية هامة ...
ملحوظة : الرئيسي ، خطأ شائع الصواب : الرئيس .
استاذ وليد
هناك من الاصدقاء من يشبه الأشجار حين تستظل بروحهم وأنت تقصّ عليهم بعضا من آيات الوجع
وآية من هؤلاء الأصدقاء الذين ترك غيابهم معبرا لرياح الحروف حين تهب بين شظية وأخرى .. وماأكثرها شظايا العراق
شكرا لك استاذ
وشكرا لتوصيفك الرّسالة بأنّها وثيقة تاريخية
وألف شكر للملاحظة اللغوية
الف تحية
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
يا كوكب:أبحرت في دمك هذا
قلت لعلي أُريحني من بعض ألم !
جئت ليزداد وجعي لكنني اجتمعت في روحي الإثنتان
جميل أن نتذكر ونكتب ما تنطقه فيافي الروح رغم التعب~
ماشاء الله~
سلّمك الله استاذ فريد وابعدك عن برك الدّم أو بحاره
لقد نشرت بعضا من رسائلي لها سابقا .. وهذه رسالة أخرى ...
مازلت أبحث عنها لأكتب لها من جديد ...
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
والطريق المحاذي للمتوكلية وأبي دلف هو الممر الربيعي لسفرات الشباب والنزه المدرسية
ورأيتُ سيدتي ما رأيتيه أنتِ
لكنك أجدت الوصف وأوصلت الصورة الى آية بدقة أدبية عالية
تحية لك تليق
والتثبيت بامتياز
نعم ياأستاذي الكبير
فانت الوحيد هنا من رأى مارأيت
وكيف كان االطريق وكأن الأرض قائمة بعد انفجار كوني هائل
وربما صامتة كأنها ترقب قيام المسيح بعد صلبه
نعم يااستاذي الكبير
قناص الغزاة اعتلاها وهمجية التكفير حاولت نسفها
وهو المسجد الذي نفاخر به الأمم والذي مازال منظره يغسل قلبي في كلّ لحظة أمر به
وكأنّ سامراء وطفولتي والرّبيع والليل وأساطير كل مامضى قد تجمّعت به
وبين هذا وذاك
سيقام مهرجان ابن المعتز السنوي للشعر العربي في سامراء في الفترة 18/19 نيسان وستعقد أحد الجلسات به بإذن الله
فحاول المجيء اساذنا
وشكرا للتثبيت
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
فانت الوحيد هنا من رأى مارأيت
وكيف كان االطريق وكأن الأرض قائمة بعد انفجار كوني هائل
وربما صامتة كأنها ترقب قيام المسيح بعد صلبه
نعم يااستاذي الكبير
قناص الغزاة اعتلاها وهمجية التكفير حاولت نسفها
وهو المسجد الذي نفاخر به الأمم والذي مازال منظره يغسل قلبي في كلّ لحظة أمر به
وكأنّ سامراء وطفولتي والرّبيع والليل وأساطير كل مامضى قد تجمّعت به
وبين هذا وذاك
سيقام مهرجان ابن المعتز السنوي للشعر العربي في سامراء في الفترة18/19 نيسان وستعقد أحد الجلسات به بإذن الله
فحاول المجيء اساذنا