أمي ... يا ذات النهد الملون كالأكواخ الافريقية أسرعي لنجدتيِ تعالي وخبئيني في جيبكِ الريفي العميق مع الابرِ والخيطان والأزرار فالموتُ يحيق بي من كل جانب السماءُ تظلم والريحُ تصفر والكلابُ السوداء تنهشُ الكتب الدامية من حقائب المارة وأخشى في هذه الأيام المكفهرة أن أستيقظ ذات صباح فلا أجدُ طائراً على شجرة أو زهرةً في جديلة أو صديقاً في مقهى أن أوثقَ ذات صباح إلى المغسلة أو عمود المدفأة ليدرزني الرصاص والفرجون في فمي . أتوسل إليك أن تسرعي يا أمي وأن تعرّجي في طريقك على الحصادين ومضارب البدو وتسأليهم عن " حجاب " جلدي عن " عشبة " ما تقيني هذا الخوف : آه يا أمي لو أن هتلر بقي رساماً وماركس قضى في خناق الطفولة لو أن لويس السادس عشر كان أكثرَ فحولةً وبطشا وماري أنطوانيت أقلَ فتنة وكبرياء لو كانت قلاع الباستيل على ذرى قاسيون ووحل باريس على أرصفة دمشق لو كان الشرق هشيماً والريحُ أكثر قوةً وذكاء عندما احترقت روما آه يا أمي لو كانت الحرية ثلجاً لنمت طوال حياتي بلا مأوى