حبيبتي ...
لمحتك ذاهبةً إلى حقول الزنابق
وسمعتُ صوتك المنساب كقطعة موسيقية
يناديني ..ويجذبني للحضور ... كل شيء فيك كان يجذبني
حتى اسمك ..كان يستفزني ، ويقفزُ إلى قلبي ، قبل أن تتهادى حروفه في أذني
اسمكِ الذي لا نعرفُ قراءته ... وإنّما نتلذذُ في الإستماع إليه ، فكأنَّ عازفه يُقدمه لنا
من خلال أوتار كمنجة لمستمع واحدٍ هو أنا ..
كيف أستطيع أن أسمعَ اسمكِ وأمرُّ عليه بحياد ، وهو الطرف المدهشُ من قصة
بدأتها الصدفة ، ونسج خيوطها قدرٌ أراد أن نتوحد معا ..في روح واحدة
ربيع عمري ...
ما بعد لقائنا الأول ...وقبل لقائنا الثاني ، كنتُ أحرصُ أن أذهبَ إلى المكان الذي
كان شاهدا علينا ...كنت أحرص أن أجلس في نفس الزاوية وذات المقعد ...
وكنتُ ألمحُ في عيون النادل ، نظرةَ إشفاق نحوي ..كأنه يقول : في كل يوم تأتي إلى هنا
ويخذلك الموعد ...وما كان النادل يعلم أنني أرك هنا ... أحسك ..أعيشكِ في كل لحظة .
أيقنتُ يومها أن لكل عاصمة ليلها الذي تستحق .. ليل يشبه تفاصيلها وحدها ، ويفضح سكونها
وصمتها ..كل المدن تتشابه أنها تفضح للعابرينَ أسرارها ... ولو لم تُعبّرُ صراحة عن ذلك .
كم تُشبه المدينة المرأة ، وكم تشبه المدن النساء ، وهناك من يجعلننا نتوق للصباح ونستعجله ..
لكنك كنتِ أنثى استثنائية .. ربما كنتِ مساءاتٍ مُتعددة لصباح واحد ..وكنتِ امرأة تعبتُ في البحثِ والتنقيبِ عنها ... وحينَ اكتشفتكِ شعرتُ
بالخوف الشديد ، لأنني رأيتُ فيكِ ملامحي ..
كيف أصبحتِ مرآتي التي تفضحُ نواياي المكنونة ، لماذا أراني عاريا تماما ، متجردا من الأقنعة التي ألقت بها تصاريف الريح
الشمالية علي ...
هل حقا تزحفين في ذاكرتي في مساء طويل ... وتسيرين ببطء داخلي ، دون أن تحدّدي إتجاها لرحلتك ؟؟
كم أنتِ مذهلة ، حين اختصرتِ جميع النساء ... وجعلتِ هذا النائم بي يكبر في بضعة أشهر ، بضعة أسابيع ، بضعة أيام ، بضعة ساعات ...
قبل لقائنا الأول ، لك أكن أشعرُ بثقل السنين وهي تمضي مسرعة ، كان جمالك صباي ، وكانت قصيدتي نبع طاقتي المتدفقة ، وكانت بغدادُ
مدينة صبية ، تختال في ثوبها الجميل ...
وكنتُ أشعرُ بالخجل إن لم أنتقِ ملابسي بأناقة في حضرتك ...وأحرصُ على إختيار عطرك المفضل ، ربما لأنك حبيبتي إمرأة خرافية ... جئتِ
إلى عالمي ، ورضيتِ بالإستقرار في قلبي المحاصر بالجنون ...كم أحبك .
لرائحة الظل ...عبَقٌ يدوم ...ويستمر