في حوار لي مع أحد الأصدقاء حول الهجرة وأسبابها قال لي أنه كان يحاور أحد اصدقائه ممن لا يؤمنون بمبدأ الهجرة الى خارج حدود الجغرافيا العربية وكان رأيه ان المهاجرين قد هاجروا لأحد الأسباب التالية والتى يراها غير مقنعة: -كنوع من التقليد للأخرين على اعتبار الحصول على جواز سفر أجنبي يمنح حامله معاملة خاصة في كل مكان وأصبح جزء من البريستيج. -نوع من الضعف والهروب من المشاكل لعدم القدرة على مواجهتها وحلها في البلد المقيم فيه
فكان ردي كالتالي:
كثيرون من أمثال صديقك يتمنون لو تٌتاح لهم الفرصة لشد الرحال صوب أحد الدول التى تمنحهم حق المواطنة الحقيقية، فليس كل المهاجرين ممن ليس لهم بلد كالفلسطينيين ، فكندا وامريكا ونيوزيلندا وباقي الدول الأوربية تعج بكافة الجنسيات عربية وغيرها ممن لهم بلدان غير محتلة، السؤال هنا لماذا هرب كل هؤلاء من بلدانهم الى بلدان أخرى؟
للإنسان حاجات متعددة حسب هرم ماسلو، منها الحاجات الآدمية الضرورية كالأكل والشرب والمأوى وغيرها من حاجات مادية وهناك حاجات معنوية كالحاجة للإحساس بالإنتماء الى المجموعة والإحساس بقيمته الإنسانية كشخص ذو قيمة في المجتمع،
لكل منا كمهاجرين تجربة ثرية تصلح لإن تكون قصة منفصلة لإن لكل منا أهدافه وأسبابه للهجرة،ولا يمكن لأحد ان يزاود على إنتمائنا لجذورنا العربية، الكل يعلم بإن المهاجرين همالسفراء الحقيقيين لبلدانهم وإن دورهم في تلك الدول أكثر فعالية من دورهم في دولهم،حتى على الصعيد الديني فهم أكثر تشبثاً بدينهم وأكثر التزاماً.
عندما يفتقد الإنسان حق المواطنة وحرية التنقل وتقطع صلات رحمه بأقرب الناس اليه لمجرد انه يحمل وثيقة سفرلا تمنحه حتى حق الدخول لغرفة نومه يجب عليه أن يبحث عن بديل، وعندما تفتح الدول التى تختلف عنا في الدين والعرق والسياسة لنا ذراعيها لإحتضان حاجتنا في العيش بإنسانية بلا شك سندين لها بالولاء والإنتماء والعرفان ماحيينا.
صديقك مع كل الإحترام ربما لم يجرب الجلوس في مطارات العالم لساعات طويلة حتى يتعطف أحدهم عليه بالدخول بالرغم من وجود تأشيرة بحجم صفحة جواز السفر تمنح كل الجنسيات الحق في الدخول بينما يصعب قراءتها من قبل موظفي الهجرة بالمطار عندما يكون هذا الشخص فلسطيني....هذا فقط مثال من أمثلة عديدة.
ربما لم يجرب صديقك أن يكون أقرب الناس له كأب أو أم في حاجة لرؤيتهم وهم في أيامهم الأخيرة ولا يستطيع الوصول اليهم لمجرد انه من فئة من لا تجوز عليه رحمةالبشر.
هناك من يكون ولائه لرغيف الخبز وما عاداه يكون أمراً ثانوياً، لكن الأنسان السوي يجب أن يكون ولائه أيضاً لذاته وقيمه ومبادئه وآدميته.
أتذكر هذه اللحظة القسم الكندي الذي أقسمناه وقت حصولنا على الجنسية ، حينها فقط أحسست بإنني مواطنة لأول مرة في بلد يبعد ألاف الكيلومترات عن وطننا العربي الكبير.
تمنياتي لصديقك ان يبقى على ولائه وأتمنى أن لا يغير رأيه ولا نراه يجر متاعه في طريقه لإحدى الدول التى تستقبل مهاجرين.
والأن اسمحوا لي بأن أفتح باب النقاش في هذا الموضوع للتعرف على المزيد من الأراء بخصوص الهجرة...
الدعوة مفتوحة للجميع، أهلاً وسهلاً بكم... وفي انتظار مساهماتكم.