ويحدثُ أنْ تتعمدينَ الغياب، حتى تستمعي بتأثيره عليْ ، وانتظاري لك وبحثي عنك ، تفتشينَ عن كل ذلك في كلماتي ، فيها تكتشفين قلقي وانشغالي وأنا أفتش عنك ، كنت امرأةً مُدهشة تعرف متى تغيب ومتى تعود ، وتُسعدكِ
كثيرا دَهشتي حينَ أراك ِ أمامي .
في كلّ مرّة لا بدّ أن يكون َ هناك ضحيّة ، ربما أنا ، أو أنت ِ ، أو ذلك الحبّ الذي باتَ جزءاً منّا . مَنْ يملكُ القدرةَ أنْ يُحاكمَ أصحاب القرار الذين وضعهم القدر ليتحكموا في مصائر الشعوب ؟ منْ يستطيع أن يُحاسبَ الديكتاتور َ أو الحاكم َ الطاغي على ظلمه وجبروته وتعسّفه في شؤون ِ الرعيّة ؟ . حتى القائدَ العسكريّ في ميادين القتال ِ ، عندما يختارُ جنديا أن يكون َ في مرمى النّار ليموت، ما أصعبَ أنْ يتحكمَ أحدٌ بالآخر !.
الروايــةُ التي نكتبها أو القصيدة ، ليست مجرد كلمـــات تملأ الســـطور ، وعبارات ينتقي الكاتب حروفها لأجل الكتابة ، ورغبة ً منه في التعبير، إنّما هي وسيلة ليعيش التجربةً مرّة أخرى ، يعيشها حتى يمنحها فرصة البقاء ،
كما هو الحال عندما نلجأ للتصوير الفوتوغرافي حتى نُوثقَ مشهدا أو حالة أو منظرا يستهوينا ، فالكتابة تسجيل ٌ وتوثيق ...
أنتِ التي كنتِ دائما تحبين قراءة َ ما أكتبْ ، تنتظرين بلهفة ، لكن ربما تصبح الكتابة في لحظة ما لا تملك ذات التأثير على انتباهك ، تصبح كمن يشتري شيئا من بائع متجول سرعان ما يستهلكه ..
أتساءلُ ما جدوى الإنتظارِ على رصيف الشوق لغائبٍ لا يفكر بالعودة ، هل الأفضل أن تغادرَ الرصيف َ وتلوذَ بحجرتك ِ بين أوراقك المتناثرة وتكتب ، وتعيد الحياة التي تحلمُ بها من خلال فصول رواية ٍ تتحكم ُ في أحداثها ؟ أم عليك أن تصمت َ للأبد ، وتتخلص من كل دفاترك وحبرك وأقلامك ؟ وتعيش حياة بلا صخب كأولئك الذين َلا شيء يشغل بالهم سوى تفاصيل حياتهم اليومية الرتيبة ..