رحيل الطاهر وطار
في أوبتي من التسوق الرمضاني الاعتيادي’ و كنت حينها أفكر في قول الإمام في خطبة الجمعة التي سبقت رمضان بأن السعيد فقط من يموت في رمضان ’ و كان السلف الصالح كما أكد الإمام يدعون الله أن يبلغهم رمضان ,
تجرأت المذيعة في إحدى القنوات معلنة رحيل الرجل ’ سألت الراكب معي في السيارة : هل قالت الطاهر وطار؟
أومأ برأسه أن نعم.
رحل الرجل- عمي الطاهر- إلى ملكوت الله تاركا لنا الزمن الحراشي بما حمل من أوزار البشرية عائدا إلى مقامه الزكي,
عاش الرجل شامخا شموخ الاوراس سامقا كقامة أدبية تعد منارة بحق,
فتحت شهيتي في سن مبكرة للقراءة , فكنت أجده في أدراج المكتبات بمؤلفاته: اللاز ..عرس بغل... و سمعت عنه حينها فخره بأنه يكتب بلسان عربي ’ و تجهمه من الذين اتخذوا الفرنسية أداة كتابة و يمتلكون أرصدة بنكية هناك وراء البحر.
و حين جمعنا عشاء بمدينة برج بوعريريج ذات صائفة مع عمي الطاهر رفقة الأمين العام للجاحظية الدكتور سعيد بوطاجين ’ و كنا حينها بصدد الحديث عن النادي الجهوي الذي قمنا بتأسيسه , أسر إلي الدكتور بوطاجين بأن عمي الطاهر سيكون صارما جدا فيما يتعلق بالجاحظية ’
و كان أن حدثنا في شتى المجالات و أنه قد أخذ من خصومه حقه كاملا و ليس لهم ما يفعلونه له الآن فقد جاء على سيرتهم و سلوكهم في مؤلفاته :
قلت للراحل هواري بومدين انك تسقي –جدرة راشية- رفع الرئيس الجلسة , لكنه راح يستخدمها كلما لاحظ أن الحاضرين لم يستوعبوا قوله:- كما قال عنكم الطاهر وطار: جدرة راشية.*
و ما إن عدنا للحديث عن الجاحظية حتى تغير الرجل من عمي الطاهر الأديب إلى الطاهر وطار الرئيس, منهجي واضح و صارم في كل ما يتعلق بالجمعية.
عاش شهما اوراسيا شامخا و كان أمة أدبية لوحده , فلقد كان الطاهر الروائي , الطاهر القاص, الطاهر المدرسة الأدبية الواقعية, الطاهر الجاحظية.
و حين رحل فقد رحل جثمان الرجل فحسب فهو باق كقلم باق كأدب باق كتاريخ و كما جاء في رده مرة على رئيس الجمهورية و قد طلب منه حينها إعانة مالية للجمعية الوطنية الجاحظية :
-من أنتم؟
فكان أن رد عليه عمي الطاهر:
- و من أنت؟
كان حلم رئيس الجمهورية واسعا:
- أنا رئيس الجمهورية
- و أنا الطاهر وطار الكاتب , أنت لن يذكرك احد بعد انتهاء فترتك الرئاسية أما أنا فستذكرني الأجيال جيلا بعد جيل.
حقا يا عمي الطاهر ’ ستذكرك الأجيال كمدرسة أدبية قائمة بذاتها ’ و بماذا عسانا نعزي أنفسنا برحيلك يا أخر العظماء
إن الفجيعة في الفقيد فان هفا جزعا بصبرك فالرزيئة فيك
عظم الله أجر الكتاب في الجزائر و العالم العربي في رحيلك بل عظم الله أجر القلم,
ستعود روحك هذا الأسبوع و كل أسبوع مثلما الشهداء يعودون.
---------
* جذع نخالة لم يعد يفيدها سقي