نتقافز كضباء شاردة تجاه الوادي الصخري ، غجرية و بدوي خفافا بمرح و حلاوة اللحظة ، نشارك الطيور سباحتها الحرة في المساء الجميل ،
مددنا يدا ليد و شبكنا الأصابع درء لصعوبة المنحدر المتعرج الشبيه بدرجات غير مكتملة الحفر ، و نزلنا من ملكوت البشر لوهج بهي لفح وجهينا ، فزاغت الأبصار لنصاعة البياض و رهابته.
الإمتداد الآن مستوي رغم التعرجات ، و الصخر عن يمين و عن شمال يبسط التباعد ، و كما تراقص النجوم بعض فتات الصخر على الأرضية البيضاء مشعا و هالة من ضوء تحيطنا، و الفؤاد بروية يحاول فهم كنه اللحظة في كينونة غير التي ألفها حيث الصخور من صلد قاتم و الوجوه و القلوب ، و التربة ببعض لونه قد اكتوت و البشر كما البشر.
شساعة الفج الآن تغرينا بالجري ، نتبادل الأدوار ، أملائكة نحن الآن؟ تسبقني و أجري خلفها ، و أسبقها و تجري خلفي ، حينما تمسكني من يافطة القميص تهم بتقبيلي و لا تفعل ، و حينما أمسكها من يدها ، أهم بلف ساعدي على خصرها و جذبها نحوي لأحتضنها ثم لا أفعل.
مكثنا اليوم الأول على الحال و كنا أسميناه يوم الهلا ، لم ننم تلك الليلة ، تركنا لروحينا أن تتعانقا في حلم لذيذ ، لسنا نذكر إن كنا أكلنا و شربنا ، و اللحظات مدام مسكرة.
في الغد مساحة الفج أوسع و أعمق و كنا مددنا يدينا للمصافحة :
- حواء
-نعم آدم
-حواء هل اقترفنا الفضيلة؟
-هو الخلود يا آدم هو الخلود
لقد دخلناه و اقترحناه اسما لذلك اليوم ، تماهينا مع المكان ، تركنا للنفس سجية الغناء فغنينا و الصدى من الفج العميق يردد المقاطع الأخيرة لتكون خلفية للمقاطع الموالية ،
بتنا ليلتها شبه عراة من أهوائنا البشرية، و ظهرا لظهر في الغد كلانا نحفر على الصخر ، احفر حروف إسمها و تحفر حروف إسمي ، أمد أصابعي تجاه الصخر فيطيع و يساقط كما الرمل من مكان الحفر ،و كنا أسميناه يوم التوقيع، و قد امتد دهرا بحساب أهل الأرض أصحاب الأدران و الأوثان ، أما نحن الطاهران كفاية لنكون ملائكة فقد عددناه لحظة ، حين ، آن ، مر سريعا ليحل ليل أبيض، و الليل حيث الملائكة لا ليل فيه ، يشتد البياض حتى تفقد الأبصار تبين الأشياء ثم نستيقظ ، و كان هذا حالنا أيضا في اليوم الرابع و هو يوم التماهي ، و قد فقدنا فيه ألواننا ، أصبح بياضنا- أبيض- ، و لسنا نذكر ما فعلناه في ذلك النهار ، يبدو أنه كان يوم عطلة ، نذكر فقط أننا ولجنا منزلة أخرى في اليوم الخامس ، و كنا نضع علامات لعد الأيام و أسمائها على الصخر لم نتخلص من حب التأريخ كمن يحفر بالماء على الرمل ، قالت :
- لماذا تعطش الصحراء ؟
ذكرتني بالماء و ما كنا عطشنا ، لكن شيء ما من شبق الروح بالروح، و قد تخلصنا من آدميتنا أكثر إذ جعلناه يوم الساقية ،
قريبان كفاية من بعض لإمتحان الجسد الفاني ، فما تأوهنا من شهوة و تمني ، لكن ائتلاف و وله شاركنا فيه اللامكان ، فلم نك يومها نرى الفج و لا أرضيته ، كنا نسير على اللاشيء هو كالعدم ، نتكيء و لا شيء يسندنا مع ذلك لا نسقط ، يلفنا ضباب خفيف يدغدغ الإبطين فنبتسم لبعض ، الضباب نفسه يشاركنا الإبتسام بأن يرتسم أمامنا شفاه تفرج عن ضحكة لا صوت لها فتتمدد أسارير الوجه و لا تعود لتنهي الإبتسامة ، قد يكون ذلك في اليوم السادس ، و كنا خشينا أن لا يعد من أعمارنا فرحنا نقيده بالتسمية ، اقترحنا و ما صوتنا بل صادقنا أن يكون يوم التطهر ،
قالت : ابق قربي
تحن الصحراء لإحتضان الوجود و مثلها أطالب روحي أن تتفتق ذرات هواء زكي يحيطها هالة ، و بدورها هلامية الإنحناء نحوي لما أن توزع المدى صوت باهت :
- قفا أيها الفانيان
معا نظرنا في الاتجاه و اللا تجاه :
- عسس، عسس
- لم تتطهرا كفاية للمرور من بوابة الأبدية
نظرنا لنتبين البوابة التي تنتصب أمامنا في الفراغ ، و تسمو مغرقة في اللاانتهاء ،
- المرمر ليس الذي تعرفون ، المرمر أنقى و أطهر من أن يكون له لون أو شكل ترونه بحاسة الرؤية
فتشنا العسس ، لم نك نرهم لكن كأجسام هلامية عديمة اللون نحسهم ، قال لي كبيرهم:
- إن اليد التي تمتد إليك بلقمة توصلها بين شفتيك إما أن تكون يد الروح أو يد القدر و قد تجتمعان معا
قالت : يد المودة و القربى
لم ينتبهو لقولها ، نزعوا تلك اللقيمات التي أطعمتني بيدها ،حدقنا في بعضنا ثم قلنا معا و نكون ما تخلصنا من كل بشريتنا :
- تبا لهم ، من أوقفهم في الباب السابع ؟ من أخبرهم؟ نحن نفسينا لم نسجلها كفارقة يجتمع فيها القدر و الروح في آن.
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 10-24-2012 في 07:48 PM.
نص جميل ، زينه العنوان برقم له مدلولات شاسعة المساحات
لكن القاص اعتمد السرد الروائي في المتن ، فابتعد بمسافة قصيرة عن هذا الجنس
إلا أنه لم يأكل من جرف القص كثيراً
والخاتمة كانت رائعة
تحياتي أيها الجميل