أهاجرُُ من مَدَىً قـَلِق ِ
ومن زمنٍ يُؤرقني
فيرميني إلى قدرِ ..
وأرقبُ لهثة الأيامَ في ضَجَر ِ!
فلا شئ يعوّضني ..
عن المغبُون من أمَد
ولا شئٌ يُصفّق لي
يُهدهدني
سوى الأحزان في سَفري !
أنا المأسورة البوح
برغم الصّارخ الآتي ..
ورغم تفجّرِ الآمال في ذاتي
فهذا الهمّ قيّدني ..
يُلازمني يُخيّمُ في أفانيني
فمُذْ ينهالُ موعدُهُ
يُسامِرُني .. ويَسرِدُ لي ( ضلالاتٍ )
إلى الفجرِ ..
*****
أنا من أَهْرَقَ النسيانُ في نفسي
كؤوساً من دُجَى الرّهقِ ..
أُكابدُ ظلمةَ التّغراب واليأسِ
وأسرحُ في مجاهلَ لوعة التّشهاق والتّعس ِ
فلا دوحٌ
ولا بوحٌ
ولا أحدٌ
سوى الأصحاب من ورقٍ ..
ومن دمعٍ ومن طيفٍ
ومن أشلاء أغنيةٍ عن الأفراحِ من زمنٍ
وكوبٍ من شرابِ الحُلمِ في خفرٍ
وبُسطٍ من نسيجِ الوهمِ
من خِلـَقِ
بقايا من حياةٍ ملؤُها الصّمت
وأطيارٍ من البؤسِ
نثاراتٍ من الهزء ِ
تُطيش النّارَ في ظلّي
فيصعدُ نفحُها حِسّي
وكلّ التيه يسمُو بي .. كمَا النّسر ِ!
****
أنا التوّاقة الولهى إلى وطنٍ ..
يُراقص خطوةَ الشّمس
ويُسفرُعن بريقِ الرّوحِ في وهجٍ ..
يُرجّعُ لي حماماتي التي قدْ غادرتْ أمسي
أنا من زادَهُ المنفى خياراتٍ
من الإذلال ِ فوق التيهِ والرّمس ِ
أنا الهفهافة الحسّ
وفي جبرٍ من الكدّ
وجلمودٍ من الصدّ
أُهادنُ قبضةَ البأس ِ
وأُبردُ لطمةَ النّكران في كبدي
ولكن ...
من أسى عمري
وذوبِ الرّوحِ في كمدِ
*****
أنا من عاصفٍ خَلدِي
كمثلِ الرّيح لا تلوي على أحدِ !
وقوفي في هجيرِ العيشِ أصهرني
رَمَاني للمدى وحدي ..
أعاني في صحارى العمرِ..
لا شجرٌ ..
ولا ماءٌ ..
سوى الكثبانِ والحجر ِ!
أُرددُ في بحور ِ الوحدة ( السّلوى ) حكاياتٍ ممزقة ً
فتُسْليني ..
تُقدّمُ لي نوارسَها
أُسافرُ في رسائلِها ..
وموجُ وفائِها يغري
فألثِمُهَا ..
وألثمُ شهقة القمر ِ
***
أنا ذاك الأشمّ .. ( الصامدُ الجبلُ )
ودوحٌ الروضِ والأنسامُ والأملُ
وبي نقشٌ من الدّهرِ
تُصافحني أياديه وتُبقي الوشمَ في صدري
كأوسام تلألأ من جروحٍ
- نورها صبري -
بقايا من فـُتاتِ النّوحِ
تـُلفـّعُني ..
بثوبٍ قـُدّ من سأمِ
ومن سَقَرِ
*****
أنا ذاك الوشاحُ الـ حِيكَ من ورق ِ
وذاك الطائرُ الغـِرّيدُ بالقلق ِ
أُرفرفُ فوقَ أعشاش ٍ من الزهدِ
وأَرحلُ بالصّدى المَحْكيّ من سهدِ
إلى جهدِ
وقلبي فارسُ الفلواتِ من قِدَم
يُصارعُ لفحةَ التغرابِ والألم
فكمْ شهدتْ ضلوعي أحلكَ الأيامِ في صبرِ
وبحري هادئ .. ويثور إن غَضِبَا
إلى أن يبلغَ السّببَا
*****
أنا الدّمعُ ..
أنا الأوزارُ والأوجاعُ
ذوباتٌ يجيدُ لغاتها الشمعُ
وأنّات ٍ كرَعْشِ الهَائِم الحرّ
تركتُ الرَّغدَ والأطماعَ للبشر ِ
وأثقالي من الأشواك أحملها
أُطَوّفُها معي من معبرٍ أمضي ..
إلى معبرْ
وعلَّمتُ الأسَى نفسي
لتبلغَ ذرْوَةَ الهِمَمِ
وإن قاسيت ُ.. في الحفر ِ
فكلّ النّارِ في أفقي
تُحوّلُ غضبتي شُهُبَا
وكلّ الصّخرِ في قِلقي
يُحوّلُ مَطْمَحِي سُحُبَا
لئن غادرتُ من قدر ٍ..
إلى قدر ِ
وراقبتُ الليالي في دُجَى القهر
فلا معنى لإبقائي
لأني صرتُ سوطاً
في يدِ الدهر ِ
كذا الدّنيَا . . . !
ستـَعْجُمُ عُودَنا فنصيرُ كالحجرِ
وها نمضي . . .
بلا كدِّ..ولا كدر ٍ
ولاحلم ولا أملِ ِ
وحتى آخر الأجل ِ
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم