آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 11-01-2009, 05:42 AM   رقم المشاركة : 1
أديبة وقاصة
 
الصورة الرمزية سولاف هلال





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :سولاف هلال غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي عالم بلا عيون

عالم بلا عيون


لا أكاد أصدق ،لايمكنني التصديق ، فكيف يتسنى لرجل يلتقيني للمرة الأولى أن يكتشف مالم أكتشفه في نفسي طوال حياتي ؟
إنه لمساء مراوغ ، ماكر ، ذلك الذي خرجت فيه من عزلتي التي فرضتها على نفسي.
لم أرفض هذه المرة .. لم أتردد ، إنه حفل صغير تقيمه إحدى الزميلات بمناسبة عيد ميلاد ابنتها .
قبلت على الفور لسبب أجهله ، رغم أني اشترطت على نفسي عدم فتح ثغرة أمام الآخرين تمكنهم من الولوج إلى عالمي .. عالمي الذي صنعته لنفسي ، بمنطقي الخاص ، وفق برنامج أعددته وطبقته على مدار أعوام مضت .
قبل الذهاب إلى هناك ، منحت نفسي فرصة للتراجع .. للتفكير في عواقب الخطوة التي أقدم عليها بجرأة ، فالخروج عن المألوف ليس بالأمر اليسير ، ثم إنني لم أطرق باب أحد منذ أمد طويل، في أعماقي يقين مطلق بأن شيئا ما سوف يحدث عقب هذه الدعوة.

عند الباب وقفت .. زاغت عيناي ، فثمة أضواء تتلألأ ، موسيقى صاخبة ، أشرطة ملونة تزين الجدران ، أطفال بملابس الفرح يمرحون ، يا الله .. هذا العالم سأكون جزءا منه بعد قليل ، لم أعتد هذه الأجواء ، لكنني سأحاول الاندماج .
مررت بالضيوف .. سلمت عليهم جميعا .. جاء دوره .. إنه الرجل الذي قلب حياتي رأسا على عقب .
قالت زميلتي وهي تقدمه لي :
ـــ أستاذ مصطفى .. مترجم .
يا لهذا المترجم ، كيف استطاع أن يترجمني ؟ أن يغوص في أعماقي .. أن يفهم الأسرار التي انطوت عليها نفسي ؟ كيف ؟ كيف ؟ .
كل شئ على مايرام ، الفرح يعلو الوجوه .. الموسيقى انسابت بنعومة تدعو إلى التأمل الأطفال تعبوا من الرقص فاستكانوا ، خيم على المكان شىء من الهدوء .
أطباق الحلوى منحت الحاضرين طاقة غير اعتيادية فتوهجت الجلسة .. سادها الحماس .. دارت أحاديث جادة في السياسة .. الاقتصاد .. الحرب .. العنف .. الفقر .. الغلاء ، تقاطعت الأصوات بين مؤيد ومعارض .
أصغيت .. استنفرت قدراتي على المتابعة والاستيعاب ، وقفت على الحياد وكأن الأمر لايعنيني ، مر بعض الوقت لم تلتقط أذني خلاله أية كلمة .
كنت أستعيد بعض المشاهد التي رأيتها على شاشة التليفزيون ، يا لها من بشاعة ، قتل، عنف ، دمار ، ألا يدفعك هذا أن تغلق العالم دونك .
ثمة كلمات اخترقت سمعي .. استفزت مكنوناتي .. استفزتني ، وعلى غير ماتوقع أمسكت بدفة الحديث ، ثم رحت أتكلم دون تحفظ عن عالم غيبي .. غير مرئي لكأنني جزء منه .
تطرق أحد الضيوف إلى حادثة نشرت تفاصيلها إحدى المجلات ، مفادها أن قوى خفية أحرقت بيتا في إحدى القرى النائية .
سألته بتوتر ملحوظ :
ـــ أتعني أن الجن هو المسؤول عن تدمير ذلك المنزل .
لم أعطه فرصة للنفي أو التأكيد .
ـــ هل رأيت جنيا يقتل إنسانا أو يسرقه ، يشعل النيران أو يشن الحروب ؟ وحده الأنسان هو المسؤول عن تلك المصائب .. فهمت ؟
ـــ أنا لم أقل شيئا ، المجلة هي التي قالت ، ثم إنني لا أؤمن بوجود الجن .
ـــ لم لاتؤمن ؟ها ؟ أنت بذلك تنفي حقيقة مؤكدة ، الجن يعيش معنا جنبا إلى جنب ، والجميع يعلم ذلك .
ـــ تتكلمين عن الجن وكأنك تعرفين مالا نعرفه نحن !
ـــ إذا كنتم لاتعرفون فهذا شأنكم ، أما أنا فأعرف الكثير ، إنه كائن مسالم ، لايثير السخط أو الاشمئزاز كما يفعل بنو البشر .
ـــ وماذا أيضا ؟
ـــ أنا شخصيا أفضله على سائر الناس ، يكفي أنني لا أخشاه ولا أتوقع منه طعنة في الظهر .
بدا الأستاذ مصطفى متربصا ، ثم تدخل فجأة :
ـــ أنت تزعمين وجود الجن ، أعطيني دليلا على وجوده .
ـــ أنا لا أزعم ، بل أؤكد ، ذلك لأنني أعيش معهم ، أسمع أصواتهم .. أرصد تحركاتهم إنهم يكنون لي كل الحب ، وأنا أيضا ، إنهم ظرفاء ، يرفهون عني .. يداعبونني يملئون حياتي .
أحيانا أرى الأشياء تتطاير في فضاء البيت ثم تعود إلى أماكنها من جديد ، وتتغير مواقع الأثاث أحيانا أخرى دون تدخل مني ، فأنا أحب التغيير وهم يعلمون ذلك .
آه .. أقول لك شيئا قد يدهشك ، عند عودتي من عملي أسارع بغلق الباب وكأنني مطاردة ، لأنني أعلم أن الخطر يأتي من الخارج .. من الإنسان ، لا من المخلوقات التي أعيش معها .
ـــ أريد تفسيرا منطقيا لكل ماتدعين .
ـــ عدم وجود تفسيرات لحالة ما لايعني نفيها .
ـــ هذا كلام غير مستساغ ، كما أنه لايعتمد على منطق .
ـــ ماذا تريد أن تقول ؟
ـــ أنت تعانين من اضطراب نفسي ، أنصحك بمراجعة طبيب .
ـــ أرجوك .. أنا طبيعية جدا .
ـــ لاأظن ذلك !

الذاكرة قذفت محتوياتها ما إن ألقى حجره في مائها الراكد ، ما الذي حدث ؟ لماذا أقلب صفحات ذاكرتي الآن ؟ وقد تعاملت معها على أنها صندوقا للنفايات ، عن أي شئ أبحث في أوراقها الصفراء ؟ أية حلول لأي عقد أريد ؟
في أعماقي ألغاز أعجز عن الوصول إليها بمفردي ، ليس بإمكاني أن أستسلم للانقلاب الذي اجتاح عالمي ، أياد خفية تحاول تمزيق الهدوء الذي يلفني ، لابد أن أستعيد توازني ، لابد أن أستعين بطبيب .
استلقيت باسترخاء ، هو الذي طلب مني ذلك .
ـــ مما تعانين ؟
ـــ انا لا أعاني شيئا ، فأنا طبيعية جدا ، لكنهم يظنون عكس ذلك .
ـــ ماذا يظنون ؟
ـــ جئتك لأعرف .
ـــ كم عمرك ؟
ـــ أتممت الأربعين .
ـــ متزوجة ؟
ـــ نعم .
ـــ أين زوجك ؟ هل هو في الخارج ؟
ـــ إنه هنا في الغرفة .
ـــ لكنني لاأرى أحدا سوانا .
ـــ هذا أمر طبيعي ، لا أحد غيري يمكنه ذلك .
ـــ آه .. فهمت .
ـــ ماذا فهمت ؟
ـــ لاشىء ، سوف نستأنف الحديث في الجلسة القادمة .

تعددت الجلسات .. تلاشى عالمي شيئا فشيئا .. فقدت إحساسي به ، كنت أعيش وهما جميلا حتى جاء ذلك المصطفى ليشتت الوهم .. ليشتتني .. ليزج بي إلى عالم لا أجد نفسي فيه .. إلى عالم أمقته .
في الجلسة قبل الأخيرة ، كنت في السابعة من عمري، وثمة كلمة تتردد على سمعي وإخوتي ، حين يتعذر على أبي السيطرة على تصرفاتنا ، في الليل خاصة ، يلجأ إلى تخويفنا ، " إذا لم تنم فسوف يأتيك الحرامي ليقطع لسانك بأظافره ، ويسلبك كل أشيائك "
صار للخوف ملامح " فالحرامي " كائن غير مرئي ، لكنه عندما يظهر فسوف تكون له مخالب سوداء وملامح مرعبة ، هكذا تخيلته .
كنا نلعب وكان الفرح يغمرنا ، فجأة تحول الفرح إلى كابوس مفزع حين جاء أحد الأطفال ليخبرنا بأن الشرطة قبضت على " الحرامي " الذي حاول سرقة أحد البيوت.
انتابني الفزع ، فكيف سأرى ذلك الكائن القبيح هكذا وجها إلى وجه .. وهل سأسلم من شره ؟
ركض الأطفال وركضت معهم ، اتجهنا صوب سيارة الشرطة التي كانت تقله .. اختبأت وراء الأجساد .. مددت رأسي بحذر .. رأيته .
ياإلهي .. إنه بشر مثلنا .. إنه بشر .. بشر !
لم أنس ذلك المشهد أبدا ، لقد أفقدني الثقة بأصدقائي وبإخوتي أيضا .
ـــ حسنا ، في الثامنة من عمرك أو التاسعة ؟ ماذا حدث ؟ تذكري جيدا .
ـــ كنت أجمع ثمار التوت المتناثرة على أرض الحديقة ، كان الوقت ظهرا والشارع خال إلا من بعض المارة ، تناهت إلى سمعي نداءات استغاثة ، اعتليت الجدار على الفور ، ثمة فتاة شابة تركض فزعة ، يتبعها والدها حاملا بيده شيئا لم أتبينه في بادئ الأمر ، وما إن أصبح على بعد مناسب منها حتى أطلق النار عليها فسقطت قتيلة .
لم يفر وإنما وقف بشموخ رافعا رأسه وهو يردد "غسلت عاري بيدي " .
سال دم الفتاة على أسفلت الشارع ، سالت دموعي حزنا عليها ، أما والدها فقد ذهب إلى السجن دون أن يهمه ذلك .
قبل أن تسأل أيها الطبيب ، أود أن أقول لك بأن حياتي مليئة بحوادث أفظع مما ذكرته لك ، ولا أريد أن أتذكرها الآن ، الإنسان وحده هو المسؤول عن الخراب الذي حل في نفسي ، كان لابد أن أبتعد عن عالمه الدامي ، لأصنع لنفسي عالما مسالما لا قتل فيه ، لاحروب ، لامجازر ، لادمار .
ـــ أرجوك اهدئي ، أنت الآن في طريقك إلى الشفاء ، فلقد عرفنا الأسباب التي أدت إلى انعزالك عن الناس وخلقك عالما وهميا لاوجود له إلا في خيالاتك ، الإنسان ليس سيئا إلى هذا الحد ، والحياة رغم مساوؤها مازالت تدعو إلى التفاؤل ، ثم إن ..........
غادرت العيادة بنية اللاعودة .. خرجت إلى الشارع ، كان مزدحما ، آلات التنبيه تصم الآذان ، وثمة معارك صغيرة تدور هنا وهناك ، ألفاظ نابية .. صرخات هستيرية تؤذي السمع والروح معا .
وقفت أرقب المارة ، إنهم يحدثون ، أنفسهم لكنهم طبيعيون في نظر الناس ، يالهم من أشقياء .
لقد انضممت رغما عني إلى عالمهم الغريب بعد أن فقدت عالمي الجميل الساحر ، لكنني ومنذ ذلك اليوم صرت أدرك تماما أنني لم أعد طبيعية .






  رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:12 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::