قال الله تعالى :(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)الرعد 28
كم تدبر الدنيا في وجه المرء .. ولا يجد من يؤانس وحدته ، ويمسح دمعته لينزوي بعيدا عن عيون الناس مفترشا حصير اليأس وهو يتلمظ نارا ما يكاد يطفؤها أمام ناظريه حتى تضرم من جديد بين جوانح قلب نسي ذكر الله ، وابتعد عن نهر لا يطفىء النار سواه ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته، الحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته، الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه)
فيامن عبثت بك النوائب واستعصى عليك فك حبل المصائب الذي اشتد وثاقه حول عنقك ، أذكر الله تعالى يهوّن عليك كل مصاب جلل ، ويرخي كل رشاء أوهنت عقده المحكمة عزائمك
يامن ادلهمّت في وجهك الدروب ، وجثمت على صدرك غمائم الذنوب
أذكر الله تعالى يذكرك..
يامن خانك الأحباب وابتعد عنك الأهل والصحاب
أذكر الله تعالى يذكرك
يامن تاهت بك مراكب الحياة ، واختفت صوب عينيك مرافىء النجاة
أذكر الله تعالى يذكرك
يامن ضاق بك رحب الفضاء بما وسع
أذكر الله تعالى في السراء والضراء .. يذكرك في السر والعلن
يامن بقيتَ وحيدا في جنح الدجى ، تناجي من أوغلوا في الرحيل
أذكر الله تعالى يذكرك
أذكر الله تعالى أخي المؤمن يبدد سحب الظلام التي قد تكتم أنفاسك
أذكر الله تعالى يضيء دجنة ليلك بنور الرضا
أذكر الله تعالى ينعم عليك بستر الطمأنينة والهدوء ..ليسكن القلب الموجع بين جوانح صدر لا يثلجه إلا ذكر واحد أحد فرد صمد
أذكر الله تعالى يغنيك ذكره عن مد اليد بالسؤال
أذكروا الله تعالى يذكركم بغيث سخية أمطاره ..لا يعرف البرد من بللته زخاته ، ولا يعرف الظمأ من روّته قطراته
أذكروا الله تعالى يذكركم
أذكروا الله تعالى لترسوا الأرواح الحائرة - بعد رحلة الضنى- على مرفإ الهدى الذي لا يضل من توضأ بأنهاره المترقرقة
أذكروا الله تعالى يذكركم
قال تعالى : ( أذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) البقرة 115
فهذه عبادة من أسهل العبادات التي لا تكلف المسلم أي مجهود بل تعود عليه بالأجر والمغفرة والثواب الذي يرجوه لدنياه وأخراه
لأن الذكر يحمل بين ثناياه أهمية بالغة منها:
أولا :معية الله تعالى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تعالى في حديثه القدسي: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه البخاري
ثانيا : النطق بالشهادة عند سكرات الموت قال الله تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء) سورة إبراهيم 27
ولقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يسبح في اليوم والليلة 12 ألف تسبيحة ..وعندما سُئل لماذا 12 ألف تسبيحة بالذات قال : لأنها تعادل عتق رقبة
أما ابن القيم فلقد ذكر مائة فائدة يجنيها المسلم مِن ذكر الله تعالى
أهمها:
1- طرد الشيطان
2- رضا الرحمن عز وجل
3- زوال الهم والغم عن القلب
4- جلب الفرح والسرور
5- تقوية القلب والبدن
6- ينير الوجه والقلب
7- يجلب الرزق
8- يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضارة
9- يورث المحبة التي هي روح الإسلام
10- يورث المراقبة حتى يدخل المؤمن في باب الإحسان
11- يورث الإنابة، وهي الرجوع إلى اللـه عز وجل
12- يورث القرب منه تعالى
13- يفتح بابا عظيما من أبواب المعرفة
14- يورث الهيبة من الله عز وجل وإجلاله
15- يورث ذكر اللـه تعالى للذاكر
16- يورث حياة القلبلأن الإنسان الذي لا يذكر ربه مثله مثل الميت
17- ذكر الله قوت للقلب والروح
18- يورث جلاء القلب من صدئه
19- يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.
20- يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.
21- إن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله ،وتسبيحه وتحميده، يذكره به
22- إن العبد إذا عرف اللـه تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.
23- منجاة من عذاب اللـه تعالى.
24- سبب نزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر.
25- شغل اللسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والفحش، والباطل.
قال تعالى
(ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل مايشاء ) الحج الآية 18
وإذا سلكنا درب العلم الحديث نجده قد وقف مشدوها أمام عظمة لفظ الجلالة ..حيث أكد عالم هولندي بجامعة أمستردام
أن تكرار لفظ الجلالة يفرغ شحنات التوتر والقلق بصورة عملية ويعيد حالة الهدوء والإنتظام للنفس البشرية ،وقد أكد هذا بعد بحثه الذي أجراه على مدار 3 سنوات لعدد كبير من المرضى بينهم غير المسلمين ، ولا ينطقون العربية وكانت النتائج مذهلة خاصة للمرضى الذين يعانون من حالات الإكتئاب الشديدة وحالات القلق والتوتر ..
وأوضح البحث بصورة عملية فائدة النطق بلفظ الجلالة ..فحرف الألف يصدر من المنطقة التي تعلو منطقة الصدر أي بدايات التنفس ويؤدي تكراره لتنظيم التنفس والإحساس بارتياح داخلي .
و نطق حرف اللام يأتي نتيجة لوضع اللسان على الجزء الأعلى من الفك ،وملامسته ..وهذه الحركة تؤدي للسكون والصمت ثانية أو جزء من الثانية - مع التكرار السريع - وهذا الصمت اللحظي يعطي راحة للتنفس ..
أما حرف الهاء الذي مهد له بقوه حرف اللام فيؤدي نطقه إلى حدوث ربط بين الرئتين والقلب ..
ويؤدي إلى انتظام ضربات القلب بصورة طبيعية .
قال تعالى: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) سورة غافر 60
ومجمل القول سواء صح ادعاء هذا العالم أو غيره
فنحن قوم أعزنا الله تعالى بالإسلام ..وأنار بصائرنا بكتابه العزيز الحكيم ، ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة ..لنقتدي به ونحذوا حذوه في الذكر المشروع المتضمن للثناء على الله تعالى ..كأن نقول سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر وغير ذلك مما ثبت على النبي صلوات الله وسلامه عليه
لأن الذكر بلفظ الجلالة مجرد من أي ثناء على الله تعالى ليس مشروعا كما يظن البعض ، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من قبل ،ولا الصحابة الكرام من بعده..وإنما اعتبره بعض الأئمة مجرد بدعة
قال تعالى في حديثه القدسي:
(أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إن ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا
تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هروله)
فأذكروا الله تعالى يمن عليكم براحة البال ،وسكينة النفس وهدوء الروح وذلك غاية قلب كل مسلم ومسلمة.