في العراء
خلف الزجاجِ أبصرتها في العراءِ تتكورٌ حول نفسِها ،تعانقُ أشعةَ شمسٍ آفلةً وكأنّها تستجدي منها دفئا يوقظُ أعضاءَ جسمِها المتجمدِ وهي ترسلُ زفراتِها في صمتٍ،قاومت الالمَ وحاولت إخفاءَه وراء ظلالِ الكبرياء وعنفوانِ الشبابِ و ظلّت شامخةً تطاولُ أعنانَ السماءِ بجسمِها النحيفِ .
فتحتُ النافذةَ لأشعرَها بوجودي و لأهدّأَ من روعها و أبعثَ في أوصالِها دفءَ الحياةِ ببصيصِ أملٍ فأوثّقُ بيننا خيطَ المحبةِ الذي محته سنةُ الحياة وقوانينُ الطبيعِة .
رفعت رأسَها نحوي ونظرت إلي نظرةَ سخطٍ وغضبٍ ولم لانظرة لومٍ وعتابٍ.طأطأتُ الرأسَ خجلا وعدتُ أدراجي إلى الوراء وهممتُ بإغلاقِ النافدة ولكنّ صوتا بداخلي هزّ كياني وزلزلَ جوارحي فتجمدَّ الدّمُ في عروقي وانتحرت الكلمات فصرختُ بأعلى صوتي : آه من ظلمِ الطبيعةِ.
سمعت صراخي ، عرفت أنني ما كنت لأتركَها هناكَ في العراء تكابدُ الاهوالَ لو استطعتُ ،
صحيحٌ أنني كنتُ أراقبُها صباحَ مساءَ وهي تصارعُ من أجلِ البقاءِ ولكن ما باليدِ حيلةٌ ويدُ القدرِ فوق أيدينا.
ساد صمتٌ رهيبٌ مزّقتُه كلماتُها المبحوحَة :لا تيأسي سأولدُ من جديدٍ ،ألسنا نسمعُ نفسَ الموسيقى طق طق طق مطرٌ مطٌرٌ مطرٌ
فما يهمُ إن كنتُ هنا أو هناك
عاد الربيعُ واخضرّتِ الحقولُ ، فرأيتها باسمة تقاسمُ الربيعَ جمالَ الحياة والصبيةُ من حولها تنعمُ بظلالها
فنظرت إلي والقلبُ مبتسمٌ :ألم أقل لك سأولدُ من جديدُ
بقلم ليلى بن صافي
التوقيع
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 03-22-2017 في 11:34 AM.