إنهــــا قضـــية لا وســــط فيها . إما أن تكــــون هذه الدنيـا هى الدنيا الوحــــيدة ، الأزلية والأبـــــدية ، وإما أن يكــــون ما جاء به خاتم الرســـل صحـــيح . فلنأخذ الاحتمالين :
الاحتمال الأول يؤيده كثير من العلماء والفلاســـفة ، الغربيون منهم والشرقيون . وفى عصرنا هذا صار معظم العامـــة يؤيدونه ويعتقدون بأن الدنيا إن هى إلا طبيعة قائمة منذ مليارات السنين ، ولن تنتهى يوما . قد ينتهى الجنس البشرى فيها ، ولكن ستظل الطبيعة على ما هى عليه . كثيرون جدا من الناس يقولون بهذا القول وماضون فى حياتهم . ولكن هنالك أيضا ثلة من الناس - وإن كانوا أقل كثيرا من الفئة الأولى - تؤمن إيمانا جازما بما جاء به الرسل ، وخصوصا بالقرآن وبرســــالة خاتم الأنبياء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . واحتد الجدل بين الناس إلى درجة أن بعضـــهم ســــئموا من الجدل ، ويتصرفون كلٌ حســـب رأيه الشـــــخصى " لكــــم دينكـــم ولى دين " .
ولكـــن من يؤمن بالله وبرســـوله مطالبٌ بعد الإيمان بركــــنٍ أسـاسىٍ هو عمـــــاد الدين . نريد أن نبحــــث فى هـــذا الركــــن لنقف على حقــــيقته وأهمـــــيته فهو فعــــلا الشــــعيرة التى إن أتقـــنتها فزت بها فى الدار الآخــــرة حتى ولو قصـــرت فى الأركان الباقـــــية . غنى عن القول بأن الشـــهادتين جـــزء لا يتجـــزأ من الصلاة . وفى القرآن " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " . أى أننا عندما يجئ وقت الصلاة نترك ما فى يدنا ، مهمــــا كان هـــاما لدينــــا ، ونؤدى الصلاة .
فى الواقع يا إخواننا الصلاة فى حقيقتها هى الاعتراف الفعلى بخالق الكـــــون . الناس قســـمان : قســمٌ مقرٌ بخالق الكون ، وقسمٌ غير مقر . والصلاة لا تكلف الإنســـان إلا قليلا من وقته ولكنها لا تسقط عنه . ولذلك يظل المؤمن مرتبطا بربه طيلـــة حياته . الدافــع الحقيقى لأداء الصـــلاة هو الإيمــــان التــــام بوجـــود الخالق وأنه مهـــيمنٌ علينا ورقــــيبٌ على أعمــــالنا . كــــثيرون من الناس لا يقربون الصلاة لأنهم أســاسا لا يؤمنون بالله ، ويظــنون بأن هذه الحياة نتجت مصــــادفةً من الطبيعـــــة .