آراء أهل المدينة الفاضلة (2)
القول فى نفى الشـــريك عنه تعالى
" للمعلـــــم الثانى " ، أبو نصر الفارابى
وهو مباينٌ بجوهره لكل ما سواه ، ولا يمكن أن يكون الوجود الذى له لشيئ آخر سواه . لأن كل ما وجوده هذا الوجود لا يمكن أن بكون بينه وبين شيئ آخر له أيضا هذا الوجود مباينة أصلا ، ولا تغاير أصلا فلا يكون اثنان ، بل يكون هناك ذات واحدة فقط . لأنه إن كانت بينهما مباينة كان الذى تباينا به غير الذى اشتركا فيه ، فيكون الشيئ الذى باين كل واحدٍ منهما الآخر جزءا مما به قوام وجودهما ، والذى اشتركا فيه هو الجزء الآخر ، فيكون كل واحدٍ منهما منقسما بالقول ، ويكون كل واحد من جزأيه سببا لقوام ذاته ، فلا يكون أولا ، بل يكون هناك موجودٌ آخر أقدم منه هو سبب لوجوده ، وذلك محال .
وإن كان ذلك الآخر هو الذى فيه ما باين به هذا ، ولم يكن فى هذا شيئ يباين به ذلك إلا بعد الشيئ الذى به باين ذلك ، لزم أن يكون الشيئ الذى به باين ذلك الآخر ، هو الوجود الذى يخص ذاك ، ووجود هذا مشترك لهما ، فإذن ذلك الآخر وجوده مركب من شيئين : من شيئ يخصه ، ومن شيئ يشارك به هذا . فليس إذن وجود ذاك هو وجود هذا ، بل ذات هذا بسيط غير منقسم ، وذات ذلك منقسم . فلذلك إذن جزآن بهما قوامه ، فلوجوده إذن سبب ، فوجوده إذن دون وجود هذا وأنقص منه ، فليس هو إذن من الوجود فى الرتبة الأولى .
.......( والبقية فى الفقرة الأخيرة )