لكون النص لم يصنف بعد أدرجه ها هنا كرسالة الى شارع الرشيد:
يتقدم منه ، يضرب أخماسا لأخماس ، ربما يخاله مسؤولا حكوميا:
- كهرباء ماكو، ميه ما كو، الأسعار نار ، زين شو نسوي يعني؟
فصل بينهما فوج من التلاميذ كانت إحدى المدارس قد تنفستهم لتوها ، فلم يعد يصنع حركة الشارع هاته الأيام غير هذا الشهيق و الزفير للمدارس ، تستنشق هاته الأكباد صباحا فتصنع جزرا في الشوارع ثم لا تلبث حتى تزفرهم زمرا كمد بشري نشط ، يكسر جو الوجوم الذي ساد ، يلتفت نحو الرشيد بعد ان أوصلته خطاه الى هذا الشكل الدائري المقارب للمسجد حيث كان التمثال يصنع المشهد:
- مترف بالتاريخ أنت يا رشيد ، و باذخ بالحضارات ، لم يغمض لك جفن ، حجارة بنيانك صفحات لصعود تارة و كبوات تارات أخرى ، ترى هل يتأتى لجادة أخرى غيرك أن تكون عينا على التاريخ ؟ أن تكون بكل هذا الوقار؟
تتطاول الشوارع المهجنة بينما تصر أنت على إبقاء بيوتك منخفضة بشموخ ، حتى تتيح للتاريخ أن يتوزع الهواء فوقها مداعبا أسطحها ، يعزف لحنا شجيا على تلك التشكيلات الرائعة لشبابيكها و دربزيناتها مكررا مطلع القصيد بتلك الشناشيل الموغلة في الإنتماءات .
هواؤك يختلط فيه صياح المتظاهرين مع همهمات المنددين و المحتجين ، الكل يأتي إليك ليحتكم عندك فتسمع صوته لمن اراد بصمتك الناطق و هدوئك العاصف.
حتى الذين جاءوا ليهتكو ا سترك بكاميراتهم جاعلين من آياتك خلفية لصورة تبحث عن السبق ، اراك تبتسم لهم و هم يعرون جسدك بأضوائهم لأنك تعلم أنك باق و أنهم مارون ، أسعدتهم اللحظة لكنهم زائلون ، و أنت تعرف و هم لا يعلمون.
تتعرج أو تمتد الشوارع دونك ، بينما تتكيء أنت على الكرخ و الرصافة ، لتعرج مبتسما لدجلة ، فتخجل من جلالك ، فتروح مستترة ببعض أشجار النخيل و نظرها لا يحيد عنك كما العاشقة تستتر وراء سجب
--------------------------------
مربتة على كتف احمد ملوحة باليد الأخرى:
- زين ..سلام
وانصرفت بخفة و رشاقة ، بعدما أدت واجب الإطمئنان ، و تركتنا في صمت بائس للحظات، الحضور الأنثوي هبة ربانية لنا نحن الذكور لننتشي ببهاء حضورهن،تجد الواحد منا يعمد إلى تلطيف ألفاظه و هو يحادثهن ، لن يثنيك لا السن و لا الشهادات و لا المسؤوليات عن الإنسياق وراء المتنفس الذي يصنعه حضور الأنثى ، الأنثى الأم ، الأخت ، البنت ، الصديقة، الزوجة أمام الكل يضمحل الأنا الذكوري فيصير وديعا مسالما ، أن تتنمر أمام المرأة عليك أن تستبدل قلبك بمضخة آلية لا تهفو و لا ترتجف ، و لا يمكنها ادعاء وقار زائف.
---------------------------------------
كانت الرمال تتشكل ثم تعيد الكرة مبطئة جنازر الحركة ، لتمنح بغداد فرصة التأهب لما هو
آت ، تابعنا يومها آخر مسؤول حكومي يواصل استنزاف اللحظة عبر البث الحي،
إلتفت على وقع هدير - علجية- خلفه مباشرة تتمادى في التقدم ، قد يكون حسبها
في الإلتفاتة الأولى ماجدة من الماجدات ، لكن خرطومها مغاير و حركتها أكثر
رشاقة ، هم العلوج إذن ، وصل المغول ، وصل التتار، و صل العلوج ، و انتهى دور المسحراتي.