مجمرة البخور
ذات ليلة كنا نسير, نذرع الطرقات نبحث فينا عن سرنا.. مرة أردفها على خاصرتي, ومرة تحملني مرسوما بين عينيها.. ونواصل مشاغباتنا بفرح حتى حان وقت ميعاد تفتح نوار اللوز وتشقق قشر البيض عن زغاليل العصافير, لاح لنا عند ناصية رجل عجوز يحمل مبخرة, تسبقه قرنفلة تراقص عود نعناع مزحوم بالعبق..
أشعل العجوز المبخرة تحت قدر مقدس.. هتف:
- اسكنا القدر ومرا بالاختبار.
فجأة صرنا عاريين داخل القدر, نمارس دهشة ساحرة لم ندركها من قبل, فيما العجوز يغذي نار المبخرة بالقرنفل والنعناع والخزامي وزيت الليمون والبرتقال, حتى وصلنا الى رجفة الشوق انصهرنا.. لا يمسك الواحد منا صاحبه, ولكنه يراه فيه..
أوقف العجوز تلقيم نار المبخرة, وهتف:
- هيا غادرا القدر.. وواصلا..
وخرجان نواصل المسير لا ندري إن كنا روحين لوجه واحد, أم نحن وجهين لروح واحدة.. فهتفنا:
- ما الذي حل بنا!!
علق العجوز القرنفلة قرطا في أذنه اليمنى, وعود النعناع في اليسرى واخذ يرقص حول المجمرة وغني
- هل أدركتما سركما؟!