يا مصرُ والنيلُ الذي قدْ سَطَّرا = سِفْرَ الحَياةِ بروحِه قدْ نوَّرا
نهَضتْ بيومٍ تنتضي أقلامَها = تُهْدي الشبابَ كؤوسَ عزٍّ عَنبَرَا
كمْ دامَ صبْرُكِ والرُّؤَى مسْلوبةٌ= حتَّى استفاق من الحقيقةِ ما يُرى
يا مصرُ قدْ آنَ الأوانُ بِثِقْلِهِ = والدَّمعُ قدْ فتقَ المَآقِيَ بَلْ جَرَى
فاسْتمْطرَ الناسُ السَّحابَ تمنِّياً = فانصاعَ ودْقٌ فِي السَّحابِ فأمْطرَا
أرْضُ الكِنانةِ فِي الكِتابِ سَخِيَّةٌ = عُشَّاقُ يُوسُفَ قد أجَادُوا المعْشرَا
***=***
نامتْ نواطيرُ الأمانِيَ بُرْهَةً = ومَشى بها الدَّيْجُورُ ثمَّ تبَخْتَرَا
سُرقتْ عُيُونُ النصرِ مِنْ راياتِهَا = فِي (كمْبِ ديفِدَ) كَيْ تبَاعَ وتُشْتَرَى
وَتَزَاحَمَتْ فَوْقَ الرُّؤوسِ نَوائِبٌ = ودَهَى البلادَ مُكَابرٌ فاسْتكبَرا
ضلَّ الطريقُ مَسَارَهَا فتعَثرَتْ = باتتْ تُسائلُ نفْسَهَا ماذا جَرَى
ذبُلتْ بمْصْرَ وُرودُها ونُضارُهَا = وغدتْ تَذوقُ دِيارُ مِصْرَ الأكْدَرَا
***=***
للنيلِ طوفانٌ إذَا ما اسْتنْهِضَتْ = هِمَمُ الرِّجالِ تَصيرُ أسْداً مَفْخَرَا
والأزْهرُ المُزدانُ فِي عُلمَائِهِ = شُهُبُ العَطاءِ يُثوِّرُونَ المَنبَرَا
دارُ المُعزِّ ودارُ كلِّ مُثابرٍ = (والظاهِرُ البيبرسُ) رمزٌ فِي الوَرَى
وكذا صلاحُ الدِّينِ سيرَّ جيشَه = من أرْضِ مصرَ لِقدْسِنَا فتحَرَّرَا
قدْ أيْنعتْ فِي قلبِ مصرَ شبَابُهَا = فمضتْ تُحَاكي فِي الوجودِ الأقْمُرَا
يا رَوْعَةَ التاريخِ أسْطرُهُ الدِّمَا = وبخطِّ أيْدِي المُخلِصينَ تصوَّرَا
منْ عالجَ الجُرحَ السَّقِيمَ بصَبْرِهِ = ذهَبَ السَّقامُ وطِبُّهُ أنْ يَصْبرَا
***=***
يا مصرُ والنورِ الذي أهدَيْتِه = لِبَنِي العروبةِ , كُلَّ قيْدٍ كَسَّرَا
أشْعَلتِ فِي نفقِ الخلاصِ شموعَهُ = بدمٍ زكيٍّ في المدارجِ عَطَّرَا
عاملتِ أركانَ الطغاةِ بحِنكةٍ = حيَّرْتِ قهْرَ الظالمِينَ تحَيَّرَا
ما كانَ إلا أنْ يلوذَ بمْكْرِهِ = فأبيْتِ يا مِصْرُ الأباةِ لَهُ عُرَى
قدْ عادَ سَيْفكِ مُشْهَراً فِي سَاحِهِ = فِي وَجْهِ مَنْ داسَ الكرامَةَ مُشْهَرَا
وَأَزِمَّةٍ فُقِدَتْ أعَدْتِّ زمَامَهَا = وَلخندقِ الإسْلامِ عُدْتِ فكبَّرا
***=***