وأما التضمين فهو أن يضمن الشعر شيئا من شعر الغير معا للتنبيه عليه إن لم يكن مشهورا عند البلغاء، كقول بعض المتأخرين قيل: هو ابن التلميذ الطبيب النصراني:
كانت بلهنية الشبيبة سكرة ... فصحوت واستبدلت سيرة مجمل
وقعدت أنتظر الفناء كراكب ... عرف المحل فبات دون المنزل
البيت الثاني لمسلم بن الوليد الأنصاري.
وقول عبد القاهر بن طاهر التميمي:
إذا ضاق صدري وخفت العدى ... تمثلت بيتا بحالي يليق
فبالله أبلغ ما أرتجي ... وبالله ادفع ما لا أطيق وقول ابن العميد
وصاحب كنت مغبوطا بصحبته ... دهرا فغادرني فردا بلا سكن
هبت له ريح إقبال فطار بها ... نحو السرور وألجاني إلى الحزن
كأنه كان مطويا على إحن ... ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
لا تعاد الناس في أوطانهم ... قلما ترعى غريب الوطن
وإذا ما شئت عيشا بينهم ... خالق الناس بخلق حسن
البيت لأبي تمام.
وكقول الحريري:
على أني سأنشد عند بيعي ... أضاعوني وأي فتى أضاعوا
المصراع الأخير قيل: هو للعرجي، وقيل: لأمية ابن أبي الصلت، وتمام البيت
ليوم كريهة وسداد ثغر ...
ولا حاجة إلى تقديره لتمام المعنى بدونه.
ومثله قول الآخر:
قد قلت لما أطلعت وجناته ... حول الشقيق الغض روضة آس
أعذاره الساري العجول ترفقا ... ما في وقوفك ساعة من باس
المصراع الأخير لأبي تمام.
وكقول الآخر:
كنا معا أمس في بؤس نكابده ... والعين والقلب منا في قذى وأذى
والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوى فلا تنسني إن الكرام إذا
أشار إلى بيت أبي تمام، ولا بد من تقدير الباقي منه؛ لأن المعنى لا يتم بدونه.
وقد علم بهذا أن تضمين ما دون البيت ضربان، وأحسن وجوه التضمين أن يزيد المضمن في الفرع عليه في الأصل بنكتة كالتورية والتشبيه في قول صاحب التحبير:
إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... تذكرت ما بين العذيب وبارق
ويذكرني من قدها ومدامعي ... مجر عوالينا ومجرى السوابق
المصراعان الأخيران لأبي الطيب.
ولا يضر التغيير اليسير ليدخل في معنى الكلام كقول بعض المتأخرين في يهودي به داء الثعلب:
أقول لمعشر غلطوا وغضوا ... عن الشيخ الرشيد وأنكروه
هو ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى يضع العمامة تعرفوه
البيت لسحيم بن وثيل، وأصله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
وربما سمي تضمين البيت فما زاد استعانة، وتضمين المصراع فما دونه تارة إيداعا رفوا.
رد: التضمين .. من "الإيضاح في علوم البلاغة" للخطيب القزويني
2- "البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها" للأستاذ عبد الرحمن الميداني
التضمين: هو أن يُضمِّنُ الشاعر شعرَه شيئًا مِنْ شعْرِ غَيْرِه، مع التنبيه عليه إنْ لم يكن مشهورًا عند الْبُلَغاء، ودون التنبيه عليه إنْ كان مشهورًا.
* ومن هذا التضمين قول الحريري:
عَلَى أَنِّي سَأُنْشِدُ عِنْدَ بَيْعي * "أضَاعُونِي وَأَيَّ فَتىً أضَاعُوا"
الشطر الأخير لِلْعَرْجِى، وبيت العرجى هو:
أضاعوني وأَي فَتىً أَضَاعُوا * لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ
وقد نبَّه الحريري على التضمين بقوله: "سأُنْشِد".
* ومن هذا التضمين قول ابن العميد:
وَصَاحِبٍ كُنْتُ مَغْبوطًا بِصُحْبَتِه * دَهْرًا فَغَادَرَنِي فَرْدًا بِلاَ سَكَنِ
هَبَّتْ لَهْ رِيحُ إقْبَالٍ فَطَارَ بِهَا * نَحْوَ السُّرُور وَألْجانِي إلَى الْحَزَنِ
كَأَنَّهُ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى إِحَنٍ * وَلَمْ يَكُنْ فِي ضُرُوبِ الشِّعْرِ أَنْشَدَنِي
"إِنَّ الكِرَامَ إِذَا مَا أَيْسَرُوا ذَكَرُوا * مَنْ كَانَ يَأْلَفُهُمْ فِي الْمَنْزِل الْخَشِنِ"
البيت الأخير لأبي تَمَّام، وقد نبّه ابن العميد على التضمين بقوله: "ولم يكن في ضروب الشِّعْرِ أنْشَدَني".
وأحْسَنُ التضمين ما زاد على الأصل أمرًا حسنًا، كتورية أو تشبيه، ومنه قول ابن أبي الإِصبع مستغلًا شعر المتنبي لمعنى آخر غير الذي قصده:
إِذَا الْوَهْمُ أَبْدَى لِي لَمَاهَا وَثَغْرَهَا * "تَذَكَّرْتُ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَارقِ"
وَيُذْكِروني مِنْ قَدِّهَا وَمَدامِعِي * "مَجَرُّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السَّوابِقِ"
الشطران الثانيان مطلع قصيدة للمتنبّي يمدح بها سيف الدولة، ولم يُنَبّه ابن أبي الإِصبع على التضمين؛ لأن قصيدة المتنبّي مشهورة عند المشتغلين بالأدب.
الْعُذَيب وبَارِق: موضعان بظاهر الكوفة، مَجَرُّ عَوَالينا: أي: مكان جرّ الرماح، وحركة جرّها. ومَجْرى السَّوابق: أي: مكان جري الخيل السوابق، وحركةُ جريها.
فأخذ ابن أبي الإِصبع من "الْعُذَيْب" معنى عذوبة ريق صاحبته، وأخذ من "بَارِق" البريق الذي يُرَى من ثغرها، على سبيل التورية.
وشبّه قدّها بحركة جرّ الرّماح، وشبّه جريان دمعهِ بِجَرْيِ الخيل السوابق.
قالوا: ولا يَضُرُّ التغيير اليسير عند التضمين.
والتضمين على حَالتين:
* فإِذا بلغَ مقدارُه تضمينَ بيت فأكثر، فقد يُطْلَق عليه لفظ "الاستعانة".
* وإذا كان مقدارُهُ شَطْرَ بيتٍ أوْ دونه، فقد يُطْلَق عليه "الإِيداع" إذ الشاعر قد أودع شعره شيئًا من شعر غَيْره، وقَدْ يُطْلَقُ عليه "الرَّفْوُ"؛ لأنّ الشاعر "رَفَا" خَرْقَ شِعْرِه بشيءٍ من شعر غيره.
يا سيدي الكريم
مع التوقيع لك بما كتبت
والإعجاب
وبوركت اليد التي تعلم الآخرين
لكنني أسال : لمن نكتب ؟
أرى أن هذا البحث للمختصين
والمختص باللغة العربية حاجته قليلة لمثل هذا
أرجو أن تبسط لنا علمك
مع التحية والشكر
بوركت أيها الحبيب!
أعمد أن أختار حتى أنشر المعلومة واسم الكتاب واسم الكاتب!
كما قلت سابقا أيها الحبيب: العلم هو التخصص، والعموم سيأتي في حينه إن شاء الله تعالى!
يا سيدي الكريم
مع التوقيع لك بما كتبت
والإعجاب
وبوركت اليد التي تعلم الآخرين
لكنني أسال : لمن نكتب ؟
أرى أن هذا البحث للمختصين
والمختص باللغة العربية حاجته قليلة لمثل هذا
أرجو أن تبسط لنا علمك
مع التحية والشكر
رمزت
أضم صوتي إلى صوت أخي رمزت
مع فائق المودة والاحترام والتقدير والشكر لأخي فريد
التوقيع
إن الدنيا تضحكُ هازئةً مُتهكمةً في وجه شُرفاءِ العالم عندما تجبرهم على لعبِ
دور الجمهور في مسرحٍ يلعب فيه السارقُ دور من يحذرُ الناس من الغرقِ في
دوامة ِ السرقة والكاذبُ دور الخطيب الدّاعي إلى تحري الصدق والظالمُ دور
من يحدثُ الناس عن عدالة السماء في أهلِ الأرض ثم لا يكون لهؤلاء الشرفاء
عند نهاية العرض سوى التصفيق من نوعٍ آخر في مسرح......قلوبهم