شاعر
كفن بالأوراق آهاته وارتد يرثيها بآياته
واستأسرت أبياته روحه فطاف يبكي حول أبياته
غنى ليصطاد حبيباته فاصطاد أسماء حبيباته
إن تبك عينيه صباباته أبكي عيونا بصباباته
ساعاته في شعره خلدت ما باله يندب ساعاته
و هو إذا ما أن من لوعة رجع كل الكون أناته
إن دس تحت الترب جثمانه وكف قلب بين طياته
خلف قلبا بين أشعاره يسمع من في الأرض دقاته
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
المساء الاخير
برب الهوى يا شمس لا تتعجلي لعلي أراها قبل ساع الترحل
سريت فأفق الغرب يلقلك باسما طروبا و أفق الشرق بادي التذلل
كأن السنا إذ فارق الأرض و اعتلى رؤوس الروابي و النخيل المسبل
أحاسيس أخفاها الفؤاد وصانها زمانا ففاضت من عيون و مقل
و صفصافة مخضوبة الرأس بالسنا تراع بزفزاف من الريح معول
تبين كعذراء من الريف أقبلت بجرتها من دافق الماء سلسل
نعى لي و للناس النهار ( مؤذن ) وقد كان ينعي لي قؤادي و مأملي
تمنيته لا يسمع الصوت أخرسا تمنيت لو يهوي إلى الأرض من عل
ألا وقرت آذان من يسمعونه بأشلاء قلب في ضلوعي مقتل
ألا نثرت من تحت أقدامه أسى حجارة ذاك المسجد المتبتل
أطرت عصافير الربى حين غادرت كأن بتغريد العصافير مقتلي
رأيت بها بدهر مجنح فأبغضت أشباه العدو المنكل
كأنى به لما يمد جناحه يمد لأكباد الورى حد فيصل
ألا ليت عمر اليوم يزداد ساعة ليزداد عمر الوصل نظرة معجل
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
خيالك
لظلك لو يعلم الجدول على العذب من مائه منزل
يمر به القلب مر الغريب و يهفو له الحب و المأمل
بأفيائه تحلم الذكريات و يشدو الخيال و يسترسل
وقفت حزينا لدى الضفتين و حولي زهور المنى تذبل
وقد رف ظلك فوق المياه وجالت بأعطافه الشمأل
ففي الموج مما رأى هزة يحار لها الشاطيء الممحل
و سرحت عيني في مقلتين يسدد سهميها الجدول
غرام فهل تنكرين الغرام وحب و هل منه لي موئل
تمنيت لو كنت ريحا تمر على ظل و لهى فلا تعذل
و يستأسر الموج إغراؤها و ترديدها النائح المرسل
فتمضي و يمضي به للسماء غماما بأرجائها يرفل
فأخلو بظلك بين النجوم وقد جال فيها الدجى المسبل
ففي كل تقبيلة نجمه تغور أو كوكب يذهل
خيالك من أهلي الأقربين أبر و إن كان لا يعقل
أبي منه قد جردتني النساء و أمي طواها الردى طواها الردى المعجل
و ما لي من الدهر إلا رضاك فرحماك فالدهر لا يعدل
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
تحية القرية
شفني من ربوعك النضرات فتنة تستعيدها نظراتي
في رياض النخيل يجمع فيها الفجر شمل الضياء بعد شتات
فإذا الروض فتنة تتجلى من صناع الأنامل المبدعات
أخذت جليها الطبيعة فيه وبدت في غلائل عطرات
توجت بالزهور مفرقها الجدول رب الخمائل الهامسات
و انثنت تستحث ماشطة الريح و تبدي النجيل للماشطات
و المروج الحسان هامت عليها حرق من تنهدات الرعاة
و العذارى بين الربى يتهادين ندي النوار و الزهرات
و الغدير الوسنان ظلله الكرم و اصبى امواجه الموهنات
منظر تستخف ألوانه الطير فتزجي ألحانها الساحرات
و هدوء الحقول تلقى لديه النفس ما ترتجيه من غايات
فهو نور يهدي سفائن فكاري ألى ما وراء بحر الحياة
قترى المبدع المصور فيما حولها من جنائن موثقات
في ابتسام الرياض للمد و الجزر لطوفان عذبى النغمات
يحملان الحديث عن مرقص البحر و حور الشواطىء اللاعبات
و عن الشط و النخيل السكارى في الليالي القمراء و المظلمات
رنحتها الأنسام لما سقتها العطر في أكؤس الندى المترعات
وقروط الأغداق تهتز أغراق لفلك شوارع جاريات
صور تسجد النفوس لديها وتضج القلوب بالصلوات
أينما دار ناظري طالعتني فتنة تستعيدها نظراتي
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
تنهدات
سعف النخيل على الممر تهدل و أحجب بظلك ما يراه المجتلى
من كنت أحذر أن تحجب طيفها عن ناظري نزلت بأبعد منزل
سيان عندي اليوم قفر موحش و ظلال روض مستطاب المنهل
فسل النسائم أن تكف عن السرى ما للفؤاد بسيرها من مأمل
إن أقبلت بشذى الزهور و لم يكن عطر الحبيبة فيه فلتتحول
أبدا تذكرني المروج بمن نأت وربابة الراعي تهيج الشوق لي
في كل زاوية نظرت رأيت من آثارها ما خلفته لمقلتي
فإذا سهوت على ثغاء قطيعها يشكو أساه بلوعة و تذلل
قد ودعته فما شفاه وداعها من حرقة في صدره لم ترحل
ألقت بمسمعه ثمالة شدوها فرنا بغرب دموعها المترسل
حففت لو ودعتها بعض الأسى و مسحت بعض دموع قلب مثقل
و الدوح عصفره الخريف ورده كالعاشق المتحرق المتذلل
نشر الأصيل عليه عمق سكونه فمضى يحن لأغنيات البلبل
فكأنما الورقات مرآة له تجلو اصفرار سمائه للمجتلي
أأروح و هو يظلني و حبيبتي و أعوذ وحدي وهو غير مظللي
سعف النخيل سواك خان مودتي و بقيت تحفظها لمن لا ينسلي
أشكو إليك أذى الفؤاد و إن تكن لا ترجع الشكوى لصب مبتلى
تمضي الحبيبة و الزمان كلاهما و أظل أندبها و تصغي أنت لي
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
ياليل
ليت الليالي تنسي قلبي الألما و النجم ينبئها عني بما علما
لعينيك يا ليل سر لا تبوح به أغمضت عنه عيون الناس فانكتما
إلا عيوني ما أغمضت ساهدها فبتن يرقبن منك النوء و الظلما
قد اتقيت أذاها فاستثرت لها دمعا لهت فيه عما فيك منسجما
صحبت فيك سرى الأحلام مفزعها و عذبها فطويت الغور و الأكما
فما التقتيت بمن أهوى أتحسبها يقظى لديك فما أهدتها حلما
و هل نعمت من الدنيا برؤيتها أما احترقت فأفزعت النجوم أما
ألم تخنك الدراري مذ شغفن بها و كيف وارين غرب الدمع حين هما
ترى هل الأرض مأواها و موطنها أم السماء نمتها فهي بنت سما
من السنا و الندى و الزهر منزلها على الثرى من ندي الغيم قد رسما
إن الأهلية شيء من أرائكها و الفجر مرآتها ما رف مبتسما
و ساءلتك و غرب الدمع سامرها عني فألفتك قد أوليتها صمما
فردت الطرف نحو الغيم حائرة فارتد بارقة يجلو لها الظلما
وهزت الأفق السهران باحثة عني وبت أهز القلب مضطرما
فما نجومك و هي النيرات سوى آثار أقدامها تروي لك الألما
و ما أغانيك و هي الخالدات سوى أشتات قلبي تروي حبه نغما
أما سئمت من الآهات نرسلها نارا و قلبك من قلبي أما سئما
ضم الفؤادين لم تبق النوى بهما ما يستطيع حياة إن هما انصرما
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
الذكرى أطللت من نافذة الذكريات على رياض القدم الحالمات
و لي زمان عرضت لي به أجمل حلم أبدعته الحياة
أركض في أمحائها لاهيا مع الفراشات بمس النبات
وأسهر الليلة مع جدول مرتعش للنسم الفاترات
يا لهفي إن وراء الربى صوتا دعاني هو صوت الرعاة
و كيف آتيك جنان الهوى يوما ودوني حجب مانعات
دعا صباباتي لضفاته غدير ذكرى مائج الأمنيات
حدقت في أمواجه ساعة مستطلعا أغواره المبهمات
أرى ظلال السحب تقبيله مرت على جبهته في أناة
و السحب هل أنكرتها إنها كانت نهيرا شاعري اللهاة
ملء فروع الدوح ألحانه سكرى على قرع كؤوس الحصاو
نمنا على أعشاب ضفاته مختلسين القبل المسكرات
نحو الغدير العذب مدت يدي تلمس فيه السحب العائمات
فانفجرت منها فقاعاته في إثر أتراب لها سابقات
إني سمعت الحور في همسة مسحورة أصداؤها عاتبات
تلك عقود الحور بعثرتها فهل أتتك المتع الذاهبات
و صرخة الأطفال من غوره يا أيها القاسي فجرت الكرات
ودوحة الذكرى تسلقتها مجتذبا أغصانها المزهرات
مستقصيا ما بينها فجوة تمر منها النسم الهائمات
أبصرت منها ذكريات الصبا على نجيل المرج مستلقيات
و البحر يسعى دونها زافرا فالموج آهات حطمن الصفاة
يا مرج هل تذكرني راعيا أعبد فيك الله و الراعيات
و البحر ما كان سوى جدول ينير في الليل سبيل الرعاة
فما دهاه اليوم حتى غدا ملحا أجاجا بعد عذب فرات
أحقبة نضجر من طولها و إنها طرفة عين الحياة
قالت الدوحة لا تبتئس ستهبط المرج ففيم الشاكاة
هاك جناحين فطر وائته و استوح فيه المتع الطارئات
و قدمت بين دموع الندى فرعين من أغصانها المورقات
غنى الخريف الغاب ألحانه فانتثرت أوراقه راقصات
وقبل أن أدرك ما أبتغي ذوي جناحاي مع الذاويات
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
خيالك أضحى لابسا من فؤاديا رداء موشى بالرؤى البيض حاليا
و كنت كذاك الطائر الخادع الذي يراه رعاة البهم في المرج هاويا
فيعدون بين العشب و الزهر نحوه و إن رعاة قاربوه طار جذلان شاديا
فما زال في إسفافه و انطلاقه فلا هو بالنائي و لا كان دانيا
و ما زال يلهي راعيا عن قطيعه و مزماره حتى يضل المساريا
و إنك قد أشغلتني صانك الهوى عن الشعر لما أن تبعتك راضيا
و إن على مرآة شعري سحابة لأنفاسك الولهى تغشى المرائيا
و إن رغب الروح انطلاقا أعاقه صدى روحك الرخو الجناحين داعيا
و همسك ألهاني فما بت سامعا لحون إله الشر أو بت واعيا
و قيثارتي ما شأنها و أناملي بشعرك باتت عابثات لواهيا
ألا يتسنى يا ابنة الحب ساعة لروحي أن ترقى النهود العواريا
فتلمح من عليائها أفق فتنة يوافيه إشعاع من الحب زاهيا
سأهتف بالأشعار إما رأيته و أستقبل الإلهام سهلا مواتيا
متى حومت في أفق ثغرك قبلة يصعدها ثغري فقد زال ما بيا
و عدت لرب الشعر جذلان سامعا حفيف جناحيه ينادي خياليا
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ