خمسة أعوام تلوكها وتسحقها أنياب الأنتظار ، تحيل بهجتها الى ترف منسي ، ودعته على رصيف الحافلة ذات صباح معفر بالغبار ، خبأت رعشة قلبها في حقيبته ،وأتمنتها خفقاتها.
أيام قليلة مرت على خطبتها التي خططت لها العائلة ، منذ طفولتها ، توجته ملكا على عرش قلبها الذي لم يخفق لسواه.
حيادية مشاعره تعذبها ، لم يسمعها كلمة حب واحدة طيلة الأعوام التي سجلوها بأسمه ، كان حبها ينمو أحاديا جارفا ومندفعا بتلميحات الأعجاب والأهتمام لحارث ، تصطدم بصخرة بروده التي تقذفها الى قاع بحاره المتجمدة.
في ليلة خطبتهما بعد أن أحتفل الجميع ، أنزوت معه في ركن من غرفة الجلوس ، باسطا أمامها جواز سفره ، يغتال فرحة لم تشعر بها بعد.
تسربه اليأس في لحظة ضياع وغربه ، مقت تسارع نبضاته وتيبس أطرافه في صباحات الوطن الملغمة بالأحتمالات ، لا يريد أن يكون
خبرا تنعى نزف شبابه المحطات الفضائية.
تتعالى الزغاريد في الدار تقع عليها كزخات الرصاصات التي أطلقها على قلبها قبل لحظات.
أكمل أجراءات عقد قرانهما سريعا ، صافحها على باب الحافلة يستوطن الدمع في عينيها ، تمطره بلهفة الى لمسة ناعمة ، تتوق أليها ، حملته الحافلة ، وبقيت رائحة يده عالقة بنشيجها في جحيم الأنتظارات.
روحها في حقيبته مهاجرة حيث تخوم المرافئ الحالمة بزقزقات النوارس ، يمتطي الليل على زورق مطاطي مثقوب ، يلقي أوراقه وذكرياته وجبة طرية للأسماك الجائعة، ينتابها دوار البحر تتمايل ، يحملنها طالبات صفها، تنظر اليه بعين نصف مفتوحة ، يسقيها الماء ويراقبها بعينين مفزوعتين ، قائلا
حمدا لله على سلامتك
لاتدري عدد الدقائق التي غابت بها عن الوعي قبل أن تستفيق على همسات صوته الدافئ ، تجمع أوراقها تحمل حقيبتها ،يستوقفها عند الباب مقترحا توصيلها الى المنزل تعتذر ، دون أن ترفع عينيها ، سعيد زميلها مدرس الرياضيات تنأى بقلبها تطبق عليه بقيد الذكريات ، تغلق نوافد في وجدانها تتوق للحب ، الذي تلاحق بصيص ضوءه الشارد في مدن بعيدة ، حين يجتاز حدودها في وحشة ليل مسكون بالرعب والمفاجأت ، أخباره تصلها متباعدة في رحلة بحثه عن وهم أسمه وطن بديل ، رسالة نصية على وجه السرعة من كل بلد يعبر حدوده تلفه فجيعة خسارة الوطن ساخطا مرة باكيا مرات، يبتعد البصيص يتماهى لعينيها يغرق في لجة التيه ، وتنتظر عالقة ، في درورب عشقه التي ضيعته مبعثرا في رحلة بحثه الأبدية عن وطن ضحكاته جليدية والنساء فيهن ناعمات كالحرير ذائبات كنتف الثلج مسافرات كالفراشات ، ترفضه مدن الصقيع ، لاتنطبق عليه مواصفات لاجئ أقصاه الوطن تلفظه المنافي التي أدمن ترفها ، رسائله النصية فقدت دفئها ، ثم أنقطعت منذ شهور ، مستحيل أن تتبعه ، ولا أمل في عودته ، تلفها حيرة الوحدة وتلقي بها رقما جديدا على قارعة الانتظار.
كنت معك هائما في ارتشاف ما تساقط من ندى جميل تنثره حروفك ولكن بين آونة وأخرى تنغزني كلمات بدبوس الهمزات التى تجبرعلى الصعود ومكانها تحت الأعمدة وهمزات يتيمة جيء بها إلى حرف ليس بحاجة إليها فالأعجاب = الإعجاب والأهتمام = الاهتمام وهناك الكثير .
ورغم كل مشاهد الإعدام والتهجير للهمزات فقد استمتعت كثيرا في القراءة
الاستاذة عواطف عبداللطيف
هذا حال المنتظرات سيدتي
صرن في بلدي الان شريحة
منسية ، فضلا عن المطلقات
والارامل والعانسات ،فهن أسميهن
العالقات،
مودتي وتقديري