وانتصرت النبوة على الأدب في قصة أمنا خديجة على 6 ب
واستجابت وزارة التربية والتعليم في 2016م لما قلته في 2012م بشأن الفصل الثاني من قصة أمنا خديجة للسادس الابتدائي
(1)
في 15/1/2012م كتبت مقالا عنوانه (نقد وجهة نظر الغائب في القصص التي تجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصية أدبية) تناولت فيه أمورا كثيرة من بينها ما كان سببا في التعديل التربوي الذي أصاب القصة في فصلها الثالث المعنون بـ"دوافع الارتباط".
ماذا قلت؟
قلت في "ثانيا- البناء الفني ووسائله": [... فإذا ذهبنا إلى الحوار الذي ينطق فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة وجدناه غير لائق لا سيما قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وتجعلك كلماته تستشعر أنك تستمع إلى شاب ممن تعرف، ولا يجعلك الأسلوب تستشعر أنك تسمع لأفصح العرب بيد أنه من قريش.
وسأورد مثالا واحدا ورد ص40 عندما ذهبت نفيسة تحدثه بأمر السيدة خديجة:
- وكيف أدفع هذه الوحشة يا نفيسة؟ إنني فقير لا أستطيع أن أحقق ما ترمين إليه من الزواج، وليست كل امرأة تصلح زوجا، وليس الزواج لعبة يا نفيسة كما يتخذه بعض الناس بل هو مهمة صعبة".
انظر كيف يقول النبي: وليس الزواج لعبة!].
وفي 15/11/2012م كتبت مقالا ثانيا عنوانه {هل يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصية أدبية؟} تناولت فيه مسائل منها المسألة ذاتها التي تسببت في حذف هذا الجزء كله.
ماذا جاء فيها؟
قلت في هذا المقال: (في قصة "السيدة خديجة رضي الله عنها" المقررة على الصف السادس الابتدائي في جمهورية مصر العربية خرج الأستاذ أحمد محمد صقر المؤلف عن الشخصية الواقعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعله شخصية أدبية في مواقف كثيرة من قصته.
كيف؟
كان ذلك بوسائل كثيرة على مختلف وسائل البناء الفني، سأجتزئ ببعضها بعد أن تناولت اللغة في المقال الأول من سلسلة مقالات نقدي هذا الكتاب المعنون بـ "نقد وجهة نظر الغائب في القصص التي تجعل رسول الله شخصية أدبية".
كيف؟
أ- الحوار
سمح لنفسه أن يفصل فيما ورد مجملا، بغض النظر عن صحته أو لا.
كيف؟
في الحوار الذي دار بين نفيسة ورسول الله صلى الله وسلم وامتد من ص39 إلى ص42، نجده يتوسع في الحوار بينهما، وأورد هنا جزءا آخر من الحوار غير ما أوردته في مقالي الأول "نقد وجهة نظر الغائب في القصص التي تجعل رسول الله شخصية أدبية".
يقول ص41 على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فأسرع باسما:
- يزيد المهر يا نفيسة! وأنت تعرفين مهور الأغنياء، وتعلمين أنه يثقل الأزواج ويعجز الكثيرين، وأين لي بمثله يا نفيسة؟
وامتد الحوار!
وهذه سمة تكاد تكون عامة في حوارات الرسول صلى الله عليه وسلم).
(2)
وتابعت مقالات سلسلة نقد قصة أمنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها حتى بلغت سبعة، ونشرتها في المنتديات الإلكترونية، وصحيفة "صوت بلدي"، وموقع مجلة الواحة الإلكترونية قبل إغلاقه.
وكنت قد تركت تدريس التربية الإسلامية شطرا من العام الدراسي 2014/2015م والعام الدراسي 2015/2016م، لكنني ظللت متابعا، ثم عدت إلى تدريسها هذا العام 2016/2017م؛ لأفاجأ هذه المفاجأة السارة التي أسعدتني وجعلتني أشعر أن في توجيه التربية الإسلامية على مستوى مستشار المادة جدة في العمل والأخذ بما يقال نصب العين حين تجديد الطبعات، وتغيير المنكر باليد.
ماذا وجدت في طبعة هذا العام؟
وجدت الطبعة خالية من الصفحتين والنصف اللتين أشرت إلى عدم صحتهما فنيا ودينيا قبلا.
كيف؟
كانت طبعة 2014/2015م وكذلك 2015/2016م شهدت النص الآتي بدءا من آخر ص39 حى منتصف ص42.
ما هو؟
أنقله على الرغم من طوله، لكن الضرورة تبيح نقله كاملا: (التفت نفيسة برداء الليل، وسارت من بيت خديجة إلى بيت محمد، واستأذنت عليه, ثم دخلت، فوجدته مطرقا يفكر، وبدا لها كأنها لم تعرفه من قبل. رأت رجلا وسيما، ربعَةً ليس بالقصير ولا بالطويل، ضخم الرأس، مرجل الشعر شديد سواده، مبسوط الحاجبين، واسع العينين، يشع من وجهه نور متلألئ. فحيته، فرفع إليها عينيه، فأُخذت بجلاله وهيبته. ثم حياها، وقال فى رفق:
- خيرا يا نفيسة! ماذا جاء بك الساعة؟
قالت باسمة: جئت أهنئك بسلامة العودة، ثم تلفتت حولها، فلم تجد فى الدار غير أم أيمن الحبشية جاريته مشغولة بعمل البيت، فقالت وهى تشير إليه باسمة:
- ألا تحس بالوحشة يا محمد؟! اتحب أن تقطع الأيام هكذا أنت وأم أيمن؟ أليس لهذه الوحشة من نهاية؟!
- وكيف أدفع هذه الوحشة يا نفيسة ؟! إننى فقير لا أستطيع أن أحقق ما ترمين إليه من الزواج، وليست كل امرأة تصلح زوجا، وليس الزواج لعبة يا نفيسة كما يتخذه بعض الناس، بل هو مهمة صعبة لا تتحقق أغراضها إلا إذا توافرت وسائلها، وحتى يقدرنى ربى على مهر الزوجة الصالحة المستقيمة أفعل إن شاء الله.
اشتد سرور نفيسة، فقد أحست باقترابها من غرضها سريعا، وقالت فى أمل:
- وإذا وجدت المرأة الصالحة المستقيمة الشريفة، وكانت ذات ثراء كبير!
فأسرع باسما:
- يزيد المهر يا نفيسة! وأنت تعلمين مهور الأغنياء، وتعلمين أنه يثقل الأزواج ويعجز الكثيرين، ومن أين لى بمثله يا نفيسة؟!
فازدادت المرأة سرورا، وأحست بأن الهدف دنا أكثر من ذى قبل، وقالت وهى تتكلف الهدوء: وإذا يسر لك المرأة الجميلة الغنية الشريفة الصالحة دون أن تتكلف هذا المهر الكبير، فماذا ترى؟
- ليت يا نفيسة! ومن تكون هذه؟
فجمعت المرأة كل قوتها، وقالت فى صوت خفيض:
- خديجة يا محمد . خديجة بنت خويلد، ألا تصدق؟!
فنظر إلى المرأة نظرة طويلة، وود لو كان غنيا فعرض على خديجة الزواج؛ فقد وجد روحه تنجذب إليها، وراى صفاتها تكبر فى نفسه، ثم قال فى أمل:
- ومن لى بذلك يا نفيسة؟!
فأسرعت المراة فى سرور قائلة:
- أنا يا محمد. أنت خير زوج لمثل خديجة، سأقنعها وأصرفها عما أعتزمت من رفض الزواج. علىَّ تحويلها عن رأيها، ولا أظن أنها ترفض إذا بلغتها رغبتك.
ثم انصرفت مسرعة، وذهبت إلى خديجة، ودخلت عليها فائضة السرور، وزفت إليها البشرى بقبول محمد، فقبلتها خديجة، وضمتها مرات. ثم نهضت إلى أحد مخازنها، واختارت بعض الهدايا الثمينة وقدمتها إليها فى سرور).
(3)
كان هذا الحوار المخزي غير اللائق بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الطبعات السابقة، فجاءت طبعة 2016/2017م خالية منه.
كيف؟
اختصرت هذه الطبعة كل هذه الصفحات في فقرتين جاءتا ص 41، ولخصت المتروك الذي يبلغ 281 كلمة تحمل في طياتها أخطاء جمة كما قرأت- في 9 كلمات تخلو من المآخذ.
ما نصهما؟
نصهما هو (التفت نفيسة برداء الليل، وسارت من بيت خديجة إلى بيت محمد، واستأذنت عليه, ثم دخلت، فوجدته مطرقا يفكر، وبدا لها كأنها لم تعرفه من قبل. رأت رجلا وسيما، ربعَةً ليس بالقصير ولا بالطويل، ضخم الرأس، مرجل الشعر شديد سواده، مبسوط الحاجبين، واسع العينين، يشع من وجهه نور متلألئ. فحيته، وأسرت إليه كلاما وقع منه موقع القبول والرضا. ثم انصرفت مسرعة، وذهبت إلى خديجة، ودخلت عليها فائضة السرور، وزفت إليها البشرى بقبول محمد، فقبلتها خديجة، وضمتها مرات. ثم نهضت إلى أحد مخازنها، واختارت بعض الهدايا الثمينة وقدمتها إليها فى سرور).
(4)
ويدفعني هذا التعديل إلى ترقب إحداث التغييرات الأخر في ثنايا القصة، فهل تحمل الطبعات القادمة مفاجآت؟
أرجو بل أدعو!