آخر 10 مشاركات
الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )           »          خطاب فلسطيني (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الإيمان > نبع الإيمان

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 05-17-2018, 05:35 PM   رقم المشاركة : 1
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

ونبدأ اليوم .....
1 / مصعب بن عمير - أول سفراء الاسلام


هذا رجل من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما أجمل أن نبدأ به الحديث.
غر ة فتيان قريش٬ وأوفاهم جمالا٬ وشبابا..
يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون:" كان أعطر أهل مكة"..
ولد في النعمة٬ وغذي بها٬ وشب تحت خمائلها.
ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به "مصعب بن عمير"..
ذلك الفتى الريان٬ المدلل المنعم٬ حديث حسان مكة٬ ولؤلؤة ندواتها ومجالسها٬ أيمكن أن يتحو ل الى
أسطورة من أساطير الايمان والفداء..؟
يا الله ما أروعه من نبأ.. نبأ "مصعب بن عمير"٬ أو "مصعب الخير" كما كان لقبه بين المسلمين.
انه واحد من أولئك الذين صاغهم الاسلام ورباهم "سيدنا محمد" عليه الصلاة والسلام..
ولكن أي واحد كان..؟
ان قصة حياته لشرف لبني الانسان جميعا..
لقد سمع الفتى ذات يوم ما بدأ أهل مكة يسمعونه من محمد الأمين صلى االله عليه وسلم..
"محمد" الذي يقول أن الله أرسله بشيرا ونذيرا. وداعيا الى عبادة االله الواحد الأحد.
وحين كانت مكة تمسي وتصبح ولا هم لها٬ ولا حديث يشغلها الا الرسول عليه الصلاة والسلام ودينه
كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعا لهذا الحديث.
ذلك أنه كان على الرغم من حداثة سنه٬ زينة المجالس والندوات٬ تحرص كل ندوة أن يكون مصعب بين
شهودها٬ ذلك أن أناقة مظهره ورجاحة عقله كانتا من خصال "ابن عمير التي تفتح له القلوب والأبواب..
ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه٬ يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها.. هناك على
الصفا في درا "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد٬ ولا التلبث والانتظار٬ بل صحب نفسه ذات
مساء الى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه...
هناك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه فيتلو عليهم القرآن٬ ويصلي معهم لله العلي
القدير.
ولم يكد مصعب يأخذ مكانه٬ وتنساب الآيات من قلب الرسول متألفة على شفتيه٬ ثم آخذة طريقها
الى الأسماع والأفئدة٬ حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود..!
ولقد كادت الغبطة تخلعه من مكانه٬ وكأنه من الفرحة الغامرة يطير.
ولكن الرسول صلى االله عليه وسلم بسط يمينه الحانية حتى لامست الصدر المتوهج٬ والفؤاد المتوثب٬
فكانت السكينة العميقة عمق المحيط.. وفي لمح البصر كان الفتى الذي آمن وأسلم يبدو ومعه من
الحكمة ما بفوق ضعف سنه وعمره٬ ومعه من التصميم ما يغير سير الزمان ......

كانت أم مصعب "خناس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها٬ وكانت تهاب الى حد الرهبة..
ولم يكن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى امه.
فلو أن مكة بل أصنامها وأشرافها وصحرائها٬ استحالت هولا يقارعه ويصارعه٬ لاستخف به مصعب الى حين ....
أما خصومة أمه٬ فهذا هو الهول الذي لا يطاق..!
ولقد فكر سريعا٬ وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرا.
وظل يتردد على دار الأرقم٬ ويجلس الى رسول االله صلى االله عليه وسلم٬ وهو قرير العين بايمانه٬
وبتفاديه غضب أمه التي لا تعلم خبر اسلامه خبرا..
ولكن مكة في تلك الأيام بالذات٬ لا يخفى فيها سر٬ فعيون قريش وآذانها على كل طريق٬ ووراء كل
بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهبة٬ الواشية..
ولقد أبصر به "عثمان بن طلحة" وهو يدخل خفية الى دار الأرقم.. ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي كصلاة
محمد صلى الله عليه وسلم٬ فسابق ريح الصحراء وزوابعها٬ شاخصا الى أم مصعب٬ حيث ألقى عليها
النبأ الذي طار بصوابها...
ووقف مصعب أمام أمه٬ وعشيرته٬ وأشراف مكة مجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحق وثباته٬
القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم٬ ويملؤها به حكمة وشرفا٬ وعدلا وتقى.
وهمت أمه أن تسكته بلطمة قاسية٬ ولكن اليد التي امتدت كالسهم٬ ما لبثت أم استرخت وتنحت أمام
النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام٬ وهدوءا يفرض الاقناع..
ولكن٬ اذا كانت أمه تحت ضغط أمومتها ستعفيه من الضرب والأذى٬ فان في مقدرتها أن تثأر للآلهة التي
هجرها بأسلوب آخر..
وهكذا مضت به الى ركن قصي من أركان دارها٬ وحبسته فيه٬ وأحكمت عليه اغلاقه٬ وظل رهين
محبسه ذاك٬ حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى أرض الحبشة٬ فاحتال لنفسه حين سمع النبأ٬
وغافل أمه وحراسه٬ ومضى الى الحبشة مهاجرا أوابا..
ولسوف يمكث بالحبشة مع اخوانه المهاجرين٬ ثم يعود معهم الى مكة٬ ثم يهاجر الى الحبشة للمرة
الثانية مع الأصحاب الذين يأمرهم الرسول بالهجرة فيطيعون.
ولكن سواء كان مصعب بالحبشة أم في مكة٬ فان تجربة ايمانه تمارس تفوقها في كل مكان وزمان٬ ولقد
فرغ من إعادة صياغة حياته على النسق الجديد الذي أعطاهم محمد صلى الله علي نموذجه المختار٬ واطمأن مصعب
الى أن حياته قد صارت جديرة بأن تقدم قربانا لبارئها الأعلى٬ وخالقها العظيم..
خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول االله٬ فما أن بصروا به حتى حنوا رؤوسهم
وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجي ا..
ذلك أنهم رأوه.. يرتدي ***ابا مرقعا باليا٬ وعاودتهم صورته الأولى قبل إسلامه٬ حين كانت ثيابه كزهور
الحديقة النضرة٬ وألقا وعطرا..
وتملى رسول االله مشهده بنظرات حكيمة٬ شاكرة محبة٬ وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة٬ وقال:
" لقد رأيت مصعبا هذا٬ وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه٬ ثم ترك ذلك كله حبا الله ورسوله".!!
لقد منعته أمه حين يئست من ردته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة.. وأبت أن يأكل طعامها إنسان
هجر الآلهة وحاقت به لعنتها٬ حتى ولو يكون هذا الانسان ابنها..!!
ولقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مر ة أخرى بعد رجوعه من الحبشة. فآلى على نفسه لئن
هي فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه..
وانها لتعلم صدق عزمه اذا هم وعزم٬ فودعته باكية٬ وودعها باكيا..
وكشفت لحظة الوداع عن اصرار عجيب على الكفر من جانب الأم واصرار أكبر على الايمان من جانب
الابن.. فحين قالت له وهي تخرجه من بيتها: اذهب لشأنك٬ لم أعد لك أما. اقترب منها وقال:"يا أمه اني
لك ناصح٬ وعليك شفوق٬ فاشهدي بأنه لا إله إلا الله٬ وأن محمدا عبده ورسوله"...
أجابته غاضبة مهتاجة:" قسما بالثواقب٬ لا أدخل في دينك٬ فيزرى برأيي٬ ويضعف عقلي"..!!
وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة.. وأصبح الفتى المتأنق
المعطر٬ لا يرى الا مرتديا أخشن الثياب٬ يأكل يوما٬ ويجوع أياما ولكن روحه المتأنقة بسمو العقيدة٬
والمتألقة بنور الله٬ كانت قد جعلت منه إنسانا آخر يملأ الأعين جلال والأنفس روعة.
وللحديث بقية في حلقة الغد ان شاء الله













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2018, 11:45 PM   رقم المشاركة : 2
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أول سفراء الاسلام مصعب بن عمير رضي الله عنه
***
تحدثنا كيف اعتنق فتى قريش المدلل الفتى الأنيق الوسيم الحكيم صاحب الرأي السديد دين الاسلام . وهجر حياة رغد العيش والثراء
بعدما طردته امه من منزلها ورفضت دعوته للاسلام وانتقل الى نمط الحياة الجديدة حبا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..


وآنئذ٬ اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأعظم مهمة في حينها: أن يكون سفيره الى المدينة٬ يفقه الأنصار الذين آمنوا
وبايعوا الرسول عند العقبة٬ ويدخل غيرهم في دين االله٬ ويعد المدينة ليوم الهجرة العظيم..
كان في أصحاب رسول الله يومئذ من هم أكبر منه سنا وأكثر جاها٬ وأقرب من الرسول قرابة.. ولكن
الرسول اختار مصعب الخير٬ وهو يعلم أنه يكل اليه بأخطر قضايا الساعة٬ ويلقي بين يديه مصير الاسلام
في المدينة التي ستكون دار الهجرة٬ ومنطلق الدعوة والدعاة٬ والمبشرين والغزاة٬ بعد حين من الزمان قريب..
وحمل مصعب الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل وكريم الخلق٬ ولقد غزا أفئدة المدينة
وأهلها بزهده وترفعه وإخلاصه٬ فدخلوا في دين الله أفواجا..
لقد جاءها يوم بعثه الرسول إليها وليس فيها سوى اثني عشر مسلما هم الذين بايعوا النبي من قبل
بيعة العقبة٬ ولكنه لم يكد يتم بينهم بضعة أشهر حتى استجابوا لله وللرسول..!!
وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة٬ كان مسلمو المدينة يرسلون إلى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم
وينوب عنهم.. وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة.. جاءوا تحت قيادة معلمهم ومبعوث نبيهم إليهم
"مصعب ابن عمير".
لقد أثبت "مصعب" بكياسته وحسن بلائه أن رسول الله صلى االله عليه وسلم عرف كيف يختار..
فلقد فهم مصعب رسالته تماما ووقف عند حدودها. وعرف أنه داعية الى الله تعالى٬ ومبشر بدينه الذي
يدعوا الناس الى الهدى٬ وإلى صراط مستقيم. وأنه كرسوله الذي آمن به٬ ليس عليه إلا البلاغ..
هناك نهض في ضيافة "أسعد بن زرارة" يفشيان معا القبائل والبيوت والمجالس٬ تاليا على الناس ما
كان معه من كتاب ربه٬ هاتفا بينهم في رفق عظيم بكلمة الله (انما الله إله واحد)..
ولقد تعرض لبعض المواقف التي كان يمكن أن تودي به وبمن معه٬ لولا فطنة عقله٬ وعظمة روحه..
ذات يوم فاجأه وهو يعظ الانس "أسيد بن حضير" سيد بني عبد الأشهل بالمدينة٬ فاجأه شاهرا حربته
يتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم.. ويدعوهم لهجر آلهتهم٬ ويحدثهم عن إله
واحد لم يعرفوه من قبل٬ ولم يألفوه من قبل..!
ان آلهتهم معهم رابضة في مجاثمها اذا حتاجها أحد عرف مكانها وولى وجهه ساعيا إليها٬ فتكشف ضره
وتلبي دعاءه... هكذا يتصورون ويتوهمون..
أما إله محمد الذي يدعوهم إليه باسمه هذا السفير الوافد إليهم٬ فما أحد يعرف مكانه٬ ولا أحد
يستطيع أن يراه..!!
وما أن رأى المسلمون الذين كانوا يجالسون مصعبا مقدم أسيد ابن حضير متوشحا غضبه المتلظي٬
وثورته المتحفزة٬ حتى وجلوا.. ولكن مصعب الخير ظل ثابتا وديعا٬ متهللا..
وقف أسيد أمامه مهتاجا٬ وقال يخاطبه هو وأسعد بن زرارة:
"ما جاء بكما الى حينا٬ تسهفان ضعفاءنا..؟ اعتزلانا٬ إذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة"..!!
وفي مثل هدوء البحر وقوته..
وفي مثل تهلل ضوء الفجر ووداعته.. انفرجت أسارير مصعب الخير وتحرك بالحديث الطيب لسانه فقال:
" أولا تجلس فتستمع..؟! فان رضيت أمرنا قبلته.. وإن كرهته كففنا عنك ما تكره".
الله أكبر. ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام..!!
كان أسيد رجلا أريبا عاقلا.. وها هو ذا يرى مصعبا يحتكم معه إلى ضميره٬ فيدعوه أن يسمع لا غير..
فان اقتنع٬ تركه لاقتناعه وان لم يقتنع ترك مصعب حيهم وعشيرتهم٬ وتحول إلى حي آخر وعشيرة
أخرى غير ضار ولا مضار ..
هنالك أجابه أسيد قائلا: أنصفت.. وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي..
ولم يكد مصعب يقرأ القرآن٬ ويفسر الدعوة التي جاء بها محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام٬ حتى
أخذت أسارير أسيد تبرق وتشرق.. وتتغير مع مواقع الكلم٬ وتكتسي بجماله..!!
ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد بن حضير وبمن معه قائلا:
"ما أحسن هذا القول وأصدقه.. كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين"..؟؟
وأجابوه بتهليلة رجت الأرض رجا٬ ثم قال له مصعب:
"يطهر ثوبه وبدنه٬ ويشهد أن لا إله إلا الله".
فغاب أسيد عنهم غير قليل ثم عاد يقطر الماء الطهور من شعر رأسه٬ ووقف يعلن أن لا إله إلا الله٬ وأن محمدا رسول الله..
وسرى الخبر كالضوء.. وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع٬ وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة٬ وتمت
باسلامهم النعمة٬ وأقبل أهل المدينة بعضهم على بعض يتساءلون: إذا كان أسيد بن حضير٬ وسعد ابن
معاذ٬ وسعد بن عبادة قد أسلموا٬ ففيم تخلفنا..؟ هيا الى مصعب٬ فلنؤمن معه٬ فانهم يتحدثون أن
الحق يخرج من بين ثناياه..!!
لقد نجح أول سفراء الرسول صلى االله عليه وسلم نجاحا منقطع النظير.. نجاحا هو له أهل٬ وبه
جدير....
رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ..
***
تحدثنا سابقا كيف اعتنق فتى قريش المدلل الشاب الوسيم الانيق صاحب الراي السديد مصعب بن عمير الاسلام ترك حياة الثراء ورغد العيش بعدما طردته امه ورفضت الدخول الاسلام .. فاختاره الرسول صلى الله عليه وسلم سفيرا وداعيا للاسلام وهاجر للمدينة ينشر الرسالة فكان أول وخير سفير بالاسلام وأسلم على يده الكثير ....
نتابع ...
وتمضي الأيام والأعوام٬ ويهاجر الرسول وصحبه الى المدينة٬ وتتلمظ قريش بأحقادها.. وتعد عد ة باطلها٬
لتواصل مطاردتها الظالمة لعباد الله الصالحين.. وتقوم غزوة بدر٬ قيتلقون فيها درسا يفقدهم بقية صوابهم
ويسعون الى الثأر٬و تجيء غزوة أحد.. ويعبئ المسلمون أنفسهم٬ ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم
وسط صفوفهم يتفرس الوجوه المؤمنة ليختار من بينها من يحمل الراية.. ويدعو مصعب الخير٬ فيتقدم
ويحمل اللواء..
وتشب المعركة الرهيبة٬ ويحتدم القتال٬ ويخالف الرماة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام٬ ويغادرون
موقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منهزمين٬ لكن عملهم هذا٬ سرعان ما يحو ل
نصر المسلمين إلى هزيمة.. ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاهم من أعلى الجبل٬ وتعمل فيهم
على حين غرة٬ السيوف الظامئة المجنونة..
حين رأى المشركين الفوضى والذعر في صفوف المسلمين٬ ركزوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينالوه..
وأدرك مصعب بن عمير الخطر الغادر٬ فرفع اللواء عاليا٬ وأطلق تكبيرة كالزئير٬ ومضى يجول ويتواثب..
وكل همه أن يلفت نظر الأعداء إليه ويشغلهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه٬ وجر من ذاته
جيشا بأسره.. أجل٬ ذهب مصعب يقاتل وحده كأنه جيش لجب غزير..
يد تحمل الراية في تقديس..
ويد تضرب بالسيف في عنفوان..
ولكن الأعداء يتكاثرون عليه٬ يريدون أن يعبروا فوق جثته إلى حيث يلقون الرسول..
لندع شاهد عيان يصف لنا مشهد الختام في حياة مصعب العظيم..!!


يقول ابن سعد: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري٬ عن أبيه قال:
[حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد٬ فلما جال المسلمون ثبت به مصعب٬ فأقبل ابن قميئة وهو فارس٬
فضربه على يده اليمنى فقطعها٬ ومصعب يقول: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..
وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه٬ فضرب يده اليسرى فقطعها٬ فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى
صدره وهو يقول: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..
ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح٬ ووقع مصعب٬ وسقط اللواء].
وقع مصعب.. وسقط اللواء..!!
وقع حلية الشهادة٬ وكوكب الشهداء..!!
وقع بعد أن خاض في استبسال عظيم معركة الفداء والإيمان..
كان يظن أنه اذا سقط٬ فسيصبح طريق القتلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاليا من المدافعين
والحماة..
ولكنه كان يعزي نفسه في رسول الله عليه الصلاة والسلام من فرط حبه له وخوفه عليه حين مضى
يقول مع كل ضربة سيف تقتلع منه ذراعا:
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)
هذه الآية التي سينزل الوحي فيما بعد يرددها٬ ويكملها٬ ويجعلها٬ قرآنا يتلى..
وبعد انتهاء المعركة المريرة٬ وجد جثمان الشهيد الرشيد راقدا٬ وقد أخفى وجهه في تراب الأرض
المضمخ بدمائه الزكية..
لكأنما خاف أن يبصر وهو جثة هامدة رسول الله يصيبه السوء٬ فأخفى وجهه حتى لا يرى هذا الذي
يحاذره ويخشاه..!!
أو لكأنه خجلان إذ سقط شهيدا قبل أن يطمئن على نجاة رسول الله٬ وقبل أن يؤدي إلى النهاية واجب
حمايته والدفاع عنه..!!
لك الله يا مصعب.. يا من ذكرك عطر الحياة..!!


وجاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهداءها..
وعند جثمان مصعب٬ سالت دموع وفية غزيرة..
يقول خباب بن الأرت:


[هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله٬ نبتغي وجه الله٬ فوجب أجرنا على الله..
فمنا من مضى٬ ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا٬ منهم مصعب بن عمير٬ قتل يوم أحد.. فلم يوجد له
شيء يكفن فيه إلا نمرة.. فكنا إذا وضعناها على رأسه تعرت رجلاه٬ وإذا وضعناها على رجليه برزت
رأسه٬ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اجعلوها مما يلي رأسه٬ واجعلوا على رجليه من نبات
الاذخر"..]..
وعلى الرغم من الألم الحزين العميق الذي سببه رزء الرسول صلى الله عليه وسلم في عمه حمزة٬
وتمثيل المشركين يجثمانه تمثيلا أفاض دموع الرسول عليه السلام٬ وأوجع فؤاده..
وعلى الرغم من امتلاء أرض المعركة بجثث أصحابه وأصدقائه الذين كان كل واحد منهم يمثل لديه عالما
من الصدق والطهر والنور..
على الرغم من كل هذا٬ فقد وقف على جثمان أول سفرائه٬ يودعه وينعاه..
أجل.. وقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند مصعب بن عمير وقال وعيناه تلفانه بضيائهما وحنانهما
ووفائهما:
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)
ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي كفن بها وقال
لقد رأيتك بمكة٬ وما بها أرق حلة٬ ولا أحسن لمة منك. "ثم هأنتذا شعث الرأس في بردة"..؟!
وهتف الرسول عليه الصلاة والسلام وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق
مصعب وقال:
"ان رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة".
ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال:
"أيها الناس زوروهم٬وأتوهم٬ وسلموا عليهم٬ فوالذي نفسي بيده٬ لا يسلم عليهم مسلم إلى يوم
القيامة٬ إلا ردوا عليه السلام"..


السلام عليك يا مصعب..
السلام عليكم يا معشر الشهداء..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


للموضوع تتمة مع رجل أخر من رجال الإسلام إن شاء الله تعالى













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 05-20-2018, 09:35 AM   رقم المشاركة : 3
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية ألبير ذبيان






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ألبير ذبيان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

بارك الله في مساعيكم وأحسن إليكم
وكل عام وأنتم بالف خير













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 05-20-2018, 12:33 PM   رقم المشاركة : 4
أديب
 
الصورة الرمزية قصي المحمود





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :قصي المحمود غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 اعلان
0 نتاجي الجديد
0 مسمار في جدار الصمت

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

بارك الله في جهدكم المبارك وجعلها في ميزان حسناتكم







  رد مع اقتباس
قديم 05-20-2018, 10:20 PM   رقم المشاركة : 5
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية هديل الدليمي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :هديل الدليمي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 لا تصالح
0 عجبي
0 أعنّي

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

بوركت أخي رياض
دمت موفقا












التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 05-21-2018, 03:47 PM   رقم المشاركة : 6
عضو هيئة الإشراف





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :بسمة عبدالله غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

جهد مبارك ، ومفيد أخي الطيب رياض

بوركت ورمضان مبارك عليكم

وكل عام وأنتم والأهل بخير







  رد مع اقتباس
قديم 05-22-2018, 05:38 AM   رقم المشاركة : 7
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

سلمان الفارسي - الباحث عن الحقيقة


من بلاد فارس ، يجيء البطل هذه المرة..
ومن بلاد فارس ، عانق الإسلام مؤمنون كثيرون فيما بعد ، فجعل منهم أفذاذا .....
وانها لإحدى روائع الإسلام وعظمائه ألا يدخل بلدا من بلاد الله إلا ويثير في إعجاز باهر كل نبوغها
ويحرك كل طاقاتها ، ويخرج خبء العبقرية المستكنة في أهلها وذويها..
فاذا الفلاسفة المسلمون..والأطباء المسلمون.. والفقهاء المسلمون.. والفلكيون المسلمون..
والمخترعون المسلمون.. وعلماء الرياضة المسلمون..
وإذا بهم يبزغون من كل أفق ، ويطلعون من كل بلد ، حتى تزدحم عصور الإسلام الأولى بعبقريات هائلة
في كل مجالات العقل ، والارادة ، والضمير.. أوطانهم شتى ، ودينهم واحد..!!
ولقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا المد المبارك لدينه.. لا.. بل وعد به وعد صدق من ربه الكبير العليم..
ولقد زوي له الزمان والمكان ذات يوم ورأى رأي العين راية الاسلام تخفق فوق مدائن الأرض ، وقصور أربابها..
وكان سلمان الفارسي شاهدا.. وكان له بما حدث علاقة وثقى ...
كان ذلك يوم الخندق . في السنة الخامسة للهجرة. إذ خرج نفر من زعماء اليهود قاصدين مكة مؤلبين
المشركين ومحزبين الأحزاب على رسول الله والمسلمين متعاهدين معهم على أن يعاونوهم في حرب
حاسمة تستأصل شأفة هذا الدين الجديد.
ووضعت خطة الحرب الغادرة على أن يهجم جيش قريش وغطفان "المدينة" من خارجها بينما يهاجم بنو
قريظة من الداخل ، ومن وراء صفوف المسلمين ، الذين سيقعون آنئذ بين شقى رحى تطحنهم ، وتجعلهم
ذكرى..!
وفوجىء الرسول والمسلمون يوما بجيش لجب يقترب من المدينة في عدة متفوقة وعتاد مدمدم.
وسقط في أيدي المسلمين ، وكاد صوابهم يطير من هول المباغتة.
وصو ر القرآن الموقف ، فقال الله تعالى :


[ إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ]


أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبي سفيان وعيينة بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوها
وليبطشوا بطشتهم الحاسمة كي ينتهوا من محمد ودينه ، وأصحابه ..
وهذا الجيش لا يمثل قريشا وحدها.. بل ومعها كل القبائل والمصالح التي رأت في الإسلام خطرا عليها.
إنها محاولة أخيرة وحاسمة يقوم بها جميع أعداء الرسول : أفرادا ، وجماعات ، وقبائل ، ومصالح..
ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب..
وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر..
وطبعا ، أجمعوا على الدفاع والقتال.. ولكن كيف الدفاع؟؟
هنالك تقدم الرجل الطويل الساقين ، الغزير الشعر ، الذي كان الرسول يحمل له حبا عظيما ، واحتراما كبيرا .
تقدم سلمان الفارسي وألقى من فوق هضبة عالية ، نظرة فاحصة على المدينة ، فألفها محصنة
بالجبال والصخور المحيطة بها.. بيد أن هناك فجوة واسعة ، ومهيأة يستطيع الجيش أن يقتحم منها
الحمى في يسر .
وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدع القتال ، فتقدم للرسول صلى الله
عليه وسلم بمقترحه الذي لم تعهده العرب من قبل في حروبها.. وكان عبارة عن حفر خندق يغطي
جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة.
والله يعلم ، ماذا كان المصير الذي كان ينتظر المسلمين في تلك الغزوة لو لم يحفروا الخندق الذي لم
تكد قريش تراه حتى دوختها المفاجأة ، وظلت قواتها جاثمة في خيامها شهرا وهي عاجزة عن اقتحام
المدينة ، حتى أرسل الله تعالى عليها ذات ليلة ريح صرصر عاتية اقتلعت خيامها ، وبددت شملها..
ونادى أبو سفيان في جنوده آمرا بالرحيل الى حيث جاءوا فلولا يائسة منهوكة..!!


خلال حفر الخندق كان سلمان يأخذ مكانه مع المسلمين وهم يحفرون ويدأبون.. وكان الرسول عليه
الصلاة والسلام يحمل معوله ويضرب معهم. وفي الرقعة التي يعمل فيها سلمان مع فريقه وصحبه ،
اعترضت معولهم صخور عاتية..
كان سلمان قوي البنية شديد الأسر ، وكانت ضربة واحدة من ساعده الوثيق تفلق الصخر وتنشره
شظايا ، ولكنه وقف أمام هذه الصخرة عاجزا.. وتواصى عليها بمن معه جميعا فزادتهم رهقا..!!
وذهب سلمان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في أن يغيروا مجرى الحفر تفاديا لتلك
الصخرة العنيدة المتحدية.
وعاد الرسول عليه الصلاة والسلام مع سلمان يعاين بنفسه المكان والصخرة..
وحين رآها دعا بمعول ، وطلب من أصحابه أن يبتعدوا قليلا عن مرمى الشظايا..
وسمى بالله ، ورفع كلتا يديه الشريفتين القابضتين على المعول في عزم وقوة ،
وهوى به على الصخرة ، فاذا بها تنثلم ، ويخرج من ثنايا صدعها الكبير وهجا عاليا مضيئا.
ويقول سلمان لقد رأيته يضيء ما بين لابتيها ، أي يضيء جوانب المدينة..
وهتف رسول الله صلى الله عليه وسلم مكبرا :
" الله أكبر..أعطيت مفاتيح فارس ، ولقد أضاء لي منها قصور الحيرة ، ومدائن كسرى ، وان أمتي ظاهرة عليها "
ثم رفع المعول ، وهوت ضربته الثانية ، فتكررت الظاهرة ، وبرقت الصخرة المتصدعة بوهج مضيء مرتفع
وهلل الرسول عليه الصلاة السلام مكبرا :
" الله أكبر.. أعطيت مفاتيح الروم ، ولقد أضاء لي منها قصورها الحمراء ، وان أمتي ظاهرة عليها".
ثم ضرب ضربته الثالثة فألقت الصخرة سلامها واستسلامها ، وأضاء برقها الشديد الباهر٬
وهلل الرسول وهلل المسلمون معه...
وأنبأهم أنه يبصر الآن قصور سورية وصنعاء وسواها من مدائن الأرض التي ستخفق فوقها راية الله يوما ،
وصاح المسلمون في إيمان عظيم :
هذا ما وعدنا الله ورسوله.
وصدق الله ورسوله..!!
كان سلمان صاحب المشورة بحفر الخندق.. وكان صاحب الصخرة التي تفجرت منها بعض أسرار الغيب
والمصير، حين استعان عليها برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قائما الى جوار الرسول يرى الضوء ،
ويسمع البشرى.. ولقد عاش حتى رأى البشرى حقيقة يعيشها ، وواقعا يحياه ، فرأى مدائن الفرس
والروم..
رأى قصور صنعاء وسوريا ومصر والعراق..
رأى جنبات الأرض كلها تهتز بالدوي المبارك الذي ينطلق من ربا المآذن العالية في كل مكان مشعا أنوار
الهدى والخير..!!













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2018, 05:20 AM   رقم المشاركة : 8
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

تحدثنا أمس عن حفر الخندق الذي أشار إليه سلمان الفارسي عندما استشار سيدنا محمد صلى الله عليه أصحابه
لصد أكبر وأضخم هجوم للمشركين على المسلمين بالمدينة المنورة ..
نتابع معكم لنتعرف على سلمان الفارسي رضي الله عنه ....


وها هو ذا ، جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أمام داره "بالمدائن" يحدث جلسائه عن
مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة ، ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس الى المسيحية ،
ثم الى الاسلام..
كيف غادر ثراء أبيه الباذخ ، ورمى نفسه في أحضان الفاقة ، بحثا عن خلاص عقله وروحه..!!!
كيف بيع في سوق الرقيق ، وهو في طريق بحثه عن الحقيقة..؟؟
كيف التقى بالرسول عليه الصلاة والسلام.. وكيف آمن به..؟؟
تعالوا نقترب من مجلسه الجليلظ¬ ونصغ إلى النبأ الباهر الذي يرويه..


كنت رجلا من أهل أصبهانظ¬ من قرية يقال لها "جي"..
وكان أبي دهقان أرضه (( رئيس القرية )).
وكنت من أحب عباد الله إليه..
وقد اجتهدت في المجوسية ، حتى كنت قاطن النار التي نوقدها ، ولا نتركها تخبو..
وكان لأبي ضيعة ، أرسلني إليها يوما ، فخرجت ، فمررت بكنيسة للنصارى ،
فسمعتهم يصلون ، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون ، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم ،
وقلت لنفسي هذا خير من ديننا الذي نحن عليه ، فما برحتهم حتى غابت الشمس ،
ولا ذهبت إلى ضيعة أبي ، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري...
وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم و صلاتهم عن أصل دينهم ، فقالوا في الشام..
وقلت لأبي حين عدت إليه : أني مررت على قوم يصلون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم ،
ورأيت أن دينهم خير من ديننا..
فحاورني وحاورته.. ثم جعل في رجلي حديدا وحبسني..
وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم وسألتهم اذا قدم عليهم ركب من الشام ،
أن يخبروني قبل عودتهم إليها لأرحل إلى الشام معهم ، وقد فعلوا ، فحطمت الحديد وخرجت ،
وانطلقت معهم إلى الشام..
وهناك سألت عن عالمهم ، فقيل لي هو الأسقف ، صاحب الكنيسة ، فأتيته وأخبرته خبري ،
فأقمت معه أخدم ، وأصلي وأتعلم..
وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه ، إذ كان يجمع الصدقات من الإنس ليوزعها ،
ثم يكتنزها لنفسه .ثم مات..
وجاءوا بآخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلا على دينهم خيرا منه ، ولا أعظم منه رغبة في الآخرة ،
وزهدا في الدنيا ودأبا على العبادة..وأحببته حبا ما علمت أني أحببت أحدا مثله قبله..
فلما حضر قدره قلت له : أنه قد حضرك من أمر الله تعالى ما ترى ، فبم تأمرني وإلى من توصي بي؟؟
قال : أي بني ، ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلا بالموصل..
فلما توفي ، أتيت صاحب الموصل ، فأخبرته الخبر ، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم ، ثم حضرته الوفاة ،
سألته فأمرني أن ألحق برجل في عمورية في بلاد الروم ، فرحلت إليه ، وأقمت معه ، واصطنعت لمعاشي
بقرات وغنمات..
ثم حضرته الوفاة ، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي : يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه ،
آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين ابراهيم حنيفا.. يهاجر الى أرض ذات نخل بين جرتين ،
فان استطعت أن تخلص إليه فافعل.
وأن له آيات لا تخفى ، فهو لا يأكل الصدقة.. ويقبل الهدية. وأن بين كتفيه خاتم النبوة ، اذا رأيته عرفته .
ومر بي ركب ذات يوم ، فسألتهم عن بلادهم ، فعلمت أنهم من جزيرة العرب. فقلت لهم : أعطيكم
بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم إلى أرضكم؟.. قالوا : نعم.
واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى ، وهناك ظلموني ، وباعوني إلى رجل من يهود..
وبصرت بنخل كثير ، فطمعت أن تكون هذه البلدة التي وصفت لي ، والتي ستكون مهاجر النبي المنتظر..
ولكنها لم تكنها.
وأقمت عند الرجل الذي اشتراني ، حتى قدم عليه يوما رجل من يهود بني قريظة ، فابتاعني منه ،
ثم خرج بي حتى قدمت المدينة !! فوالله ما هو إلا ان رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وصفت لي..
وأقمت معه أعمل له في نخله في بني قريظة حتى بعث الله رسوله وحتى قدم المدينة ونزل بقباء في
بني عمرو بن عوف.
وأني لفي رأس نخلة يوما ، وصاحبي جالس تحتها اذ أقبل رجل من يهود ، من بني عمه ، فقال يخاطبه :
قاتل الله بني قيلة انهم ليتقاصفون على رجل بقباء ، قادم من مكة يزعم أنه نبي..
فوالله ما أن قالها حتى أخذتني العرواء (( برد الحمى . اول مسها )) ، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي!!
ثم نزلت سريعا ، أقول : ماذا تقول.؟ ما الخبر..؟
فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة ، ثم قال: مالك ولهذا..؟
أقبل على عملك..
فأقبلت على عملي.. ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله
عليه وسلم بقباء.. فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه ، فقلت له: أنكم أهل حاجة وغربة ، وقد كان عندي
طعام نذرته للصدقة ، فلما ذكر لي مكانكم رأيتم أحق الناس به فجئتكم به..
ثم وضعته ، فقال الرسول لأصحابه: كلوا باسم الله.. وأمسك هو فلم يبسط إليه يدا..
فقلت في نفسي: هذه والله واحدة .. انه لا يأكل الصدقة..!!
ثم رجعت وعدت إلى الرسول عليه السلام في الغداة ، أحمل طعاما ، وقلت له عليه السلام : اني رأيتك
لا تأكل الصدقة.. وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية ، ووضعته بين يديه ، فقال لأصحابه كلوا
باسم الله..وأكل معهم..
قلت لنفسي: هذه والله الثانية.. انه يأكل الهدية..!!
ثم رجعت فمكثت ما شاء اللهظ¬ ثم أتيته ، فوجدته في البقيع قد تبع جنازة ، وحوله أصحابه وعليه شملتان
مؤتزرا بواحدة ، مرتديا الأخرى ، فسلمت عليه ، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره ، فعرف أني أريد ذلك ،
فألقى بردته عن كاهله ، فاذا العلامة بين كتفيه.. خاتم النبوة ، كما وصفه لي صاحبي..
فأكببت عليه أقبله وأبكي.. ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه ، وحدثته حديثي كما
أحدثكم الآن..
ثم أسلمت.. وحال الرق بيني وبين شهود بدر وأحد..
وفي ذات يوم قال الرسول عليه الصلاة والسلام :" كاتب سيدك حتى يعتقك" فكاتبته ،
وأمر الرسول أصحابه كي يعونوني. وحرر الله رقبتي ، وعشت حرا مسلما ، وشهدت مع رسول الله
غزوة الخندق ، والمشاهد كلها. ((هذه القصة مذكورة في الطبقات الكبرى لابن سعد ج4.))


بهذه الكلمات الوضاء العذاب.. تحدث سلمان الفارسي عن مغامرته الزكية النبيلة العظيمة في سبيل
بحثه عن الحقيقة الدينية التي تصله بااللهظ¬ وترسم له دوره في الحياة..
فأي انسان شامخ كان هذا الانسان..؟
أي تفوق عظيم أحرزته روحه الطلعةظ¬ وفرضته إرادته الغلابة على المصاعب فقهرتها ، وعلى المستحيل
فجعلته ذلولا..؟
أي تبتل للحقيقة.. وأي ولاء لها هذا الذي أخرج صاحبه طائعا مختارا من ضياع أبيه وثرائه ونعمائه إلى
المجهول بكل أعبائه ، ومشاقه ، ينتقل من أرض الى أرض.. ومن بلد إلى بلد.. ناصبا ، كادحا عابدا..
تفحص بصيرته الناقدة الناس ، والمذاهب والحياة.. ويظل في إصراره العظيم وراء الحق ، وتضحياته النبيلة
من أجل الهدى حتى يباع رقيقا.. ثم يثيبه الله ثوابه الأوفى ، فيجمعه بالحق ، ويلاقيه برسوله ، ثم يعطيه من
طول العمر ما يشهد معه بكلتا عينيه رايات الله تخفق في كل مكان من الأرض ، وعباده المسلمون يملؤن
أركانها وأنحائها هدى وعمرانا وعدلا..؟!!
ماذا نتوقع أن يكون اسلام رجل هذه همته ، وهذا صدقه؟


لقد كان إسلام الأبرار المتقين.. وقد كان في زهده ، وفطنته ، وورعه أشبه الناس بعمر بن الخطاب.
أقام أياما مع أبي الدرداء في دار واحدة.. وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقوم الليل ويصوم النهار.. وكان سلمان يأخذ عليه مبالغته في العبادة على هذا النحو.
وذات يوم حاول سلمان أن يثني عزمه على الصوم ، وكان نافلة..
فقال له أبو الدرداء معاتبا: أتمنعني أن أصوم لربي ، وأصلي له..؟
فأجابه سلمان قائلا:
ان لعينك عليك حقا ، وان لأهلك عليك حقا ، صم وافطر ، وصل ونم..
فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:" لقد أشبع سلمان علما ".
وكان الرسول عليه السلام يرى فطنته وعلمه كثيرا ، كما كان يطري خلقه ودينه..
ويوم الخندق ، وقف الأنصار يقولون: سلمان منا.. وقف المهاجرون يقولون بل سلمان منا..
وناداهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا:" سلمان منا آل البيت".
وانه بهذا الشرف لجدير..
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقبه بلقمان الحكيم سئل عنه بعد موته فقال:
[ذاك امرؤ منا والينا أهل البيت.. من لكم بمثل لقمان الحكيم..؟
أوتي العلم الأول ، والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، وكان بحرا لا ينزف].
ولقد بلغ في نفوس أصحاب الرسول عليه السلام جميعا المنزلة الرفيعة والمكان الأسمى.
ففي خلافة عمر جاء المدينة زائرا ، فصنع عمر ما لا نعرف أنه صنعه مع أحد غيره أبدا إذ جمع أصحابه وقال لهم:
"هيا بنا نخرج لاستقبال سلمان".!!
وخرج بهم لاستقباله عند مشارف المدينة.
لقد عاش سلمان مع الرسول منذ التقى به وآمن معه مسلما حر ا ، ومجاهدا وعابدا.
وعاش مع خليفته أبي بكر ، ثم أمير المؤمنين عمر ، ثم الخليفة عثمان حيث لقي ربه أثناء خلافته.
وفي معظم هذه السنوات ، كانت رايات الاسلام تملأ الأفق ، وكانت الكنوز والأموال تحمل الى المدينة فيئا وجزية ، فتورع الانس في صورة أعطيت منتظمة ، ومرتبات ثابتة.
وكثرت مسؤوليات الحكم على كافة مستوياتها ، فكثرت الأعمال والمناصب تبعا لها..
فأين كان سلمان في هذا الخضم..؟ وأين نجده في أيام الرخاء والثراء والنعمة تلك..؟
افتحوا ابصاركم جيدا..
أترون هذا الشيخ المهيب الجالس هناك في الظل يضفر الخوص ويجدله ويصنع منه أوعية ومكاتل..؟
انه سلمان..
انظروه جيدا..
انظروه جيدا في ثوبه القصير الذي انحسر من قصره الشديد الى ركبته..
انه هو ، في جلال مشيبه ، وبساطة اهابه.
لقد كان عطاؤه وفيرا.. كان بين أربعة وستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه جميعا ويرفض أن يناله منه درهم واحد ، ويقول:
"أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ، ثم أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، وأنفق درهما على عيالي ، وأتصد ق بالثالث.. ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت"!


لقد كان بعضنا يظن حين يسمع عن تقشف بعض الصحابة وورعهم ، مثل أبي بكر الصديق وعمر وأبي ذر واخوانهم ، أن مرجع ذلك كله طبيعة الحياة في الجزيرة العربية حيث يجد العربي متاع نفسه في البساطة..
فها نحن أمام رجل من فارس.. بلاد البذخ والترف والمدنية ، ولم يكن من الفقراء بل من صفوة الناس. ما باله يرفض هذا المال والثروة والنعيم ، ويصر أن يكتفي في يومه بدرهم يكسبه من عمل يده..؟
ما باله يرفض إمارة ويهرب منها ويقول:
"إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين ؛ فافعل..".
ما باله يهرب من الإمارة والمنصب ، إلا أن تكون إمارة على سرية ذاهبة الى الجهاد.. وإلا أن تكون في ظروف لا يصلح لها سواه ، فيكره عليها إكراها ، ويمضي إليها باكيا وجلا..؟
ثم ما باله حين يلي على الإمارة المفروضة عليه فرضا يأبى أن يأخذ عطاءها الحلال..؟؟
روى هشام عن حسان عن الحسن:
" كان عطاء سلمان خمسة آلاف ، وكان على ثلاثين ألفا من الناس يخطب في عباءة يفترش نصفهاظ¬ ويلبس نصفها.."
"وكان اذا خرج عطاؤه أمضاه ، ويأكل من عمل يديه..".
ما باله يصنع كل هذا الصنيع ، ويزهد كل ذلك الزهد ، وهو الفارسي ، ابن النعمة وربيب الحضارة..؟
لنستمع الجواب منه. وهو على فراش الموت. تتهيأ روحه العظيمة للقاء ربها العلي الرحيم.
دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده فبكى سلمان..
قال له سعد:" ما يبكيك يا أبا عبد الله..؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض".
فأجابه سلمان:
" والله ما أبكي جزعا من الموت ، ولاحرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الينا عهدا ، فقال: ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ، وهأنذا حولي هذه الأساود"!!
يعني بالأساود الأشياء الكثيرة!
قال سعد فنظرت ، فلم أرى حوله الا جفنة ومطهرة ، فقلت له: يا أبا عبد الله اعهد الينا بعهد نأخذه عنكظ¬
فقال:" يا سعد:
اذكر الله عند همتك إذا هممت..وعند حكمتك إذا حكمت..وعند يدك إذا قسمت.."
هذا هو اذن الذي ملأ نفسه غنى ، بقدر ما ملأها عزوفا عن الدنيا بأموالها ، ومناصبها وجاهها..
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وإلى أصحابه جميعا:
ألا يدعو الدنيا تتملكهم ، وألا يأخذ أحدهم منها إلا مثل زاد الركب..
ولقد حفظ سلمان العهد ومع هذا فقد هطلت دموعه حين رأى روحه تتهيأ للرحيل
مخافة أن يكون قد جاوز المدى.ليس حوله إلا جفنة يأكل فيها ، ومطهرة يشرب منها ويتوضأ ومع هذا يحسب نفسه مترفا..
ألم أقل لكم انه أشبه الناس بعمر..؟
وفي الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن ، لم يتغير من حاله شيء. فقد رفض أن يناله من مكافأة الإمارة درهم.. وظل يأكل من عمل الخوص.. ولباسه ليس إلا عباءة تنافس ثوبه القديم في تواضعها..
وذات يوم وهو سائر على الطريق لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل تين وتمر..
كان الحمل يؤد الشامي ويتعبه ، فلم يكد يبصر أمامه رجلا يبدو أنه من عامة الناس وفقرائهم ، حتى بدا له أن يضع الحمل على كاهله ، حتى إذا أبلغه وجهته أعطاه شيئا نظير حمله..
وأشار للرجل فأقبل عليه ، وقال له الشامي: احمل عني هذا.. فحمله ومضيا معا.
وإذ هما على الطريق بلغا جماعة من الانس ، فسلم عليهم ، فأجابوا واقفين:
وعلى الأمير السلام..وعلى الأمير السلام..؟
أي أمير يعنون..؟!!
هكذا سأل الشامي نفسه..
ولقد زادت دهشته حين رأى بعض هؤلاء يسارع صوب سلمان ليحمل عنه قائلين:
عنك أيها الأمير..!!
فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي ، فسقط في يده ، وهربت كلمات الاعتذار والأسف من بين شفتيه ، واقترب ينتزع الحمل. ولكن سلمان هز رأسه رافضا وهو يقول:" لاظ¬ حتى أبلغك منزلك"..!!
سئل يوما: ما الذي يبغض الإمارة الى نفسك.؟
فأجاب: " حلاوة رضاعها ، ومرارة فطامها"..
ويدخل عليه صاحبه يوما بيته ، فاذا هو يعجن ، فيسأله:
أين الخادم..؟
فيجيبه قائلا:" لقد بعثناها في حاجة ، فكرهنا أن نجمع عليها عملين.."
وحين نقول بيته فلنذكر تماما ، ماذا كان ذاك البيت..؟ فحين هم سلمان ببناء هذا الذي يسمى مع التجاوز بيتا ، سأل البناء: كيف ستبنيه..؟
وكان البناء حصيفا ذكيا ، يعرف زهد سلمان وورعه.. فأجابه قائلا:" لا تخف.. انها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت فيها أصابت رجلك"..!
فقال له سلمان: "نعم هكذا فاصنع".
لم يكن هناك من طيبات الحياة الدنيا شيء ما يركن إليه سلمان لحظة ، أو تتعلق به نفسه إثارة ، إلا شيئا كان يحرص عليه أبلغ الحرص ، ولقد ائتمن عليه زوجته ، وطلب إليها أن تخفيه في مكان بعيد وأمين.
وفي مرض موته وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه ، ناداها
"هلمي خبيك التي استخبأتك"..!!
فجاءت بها ، وإذا هي صرة مسك ، كان قد أصابها يوم فتح "جلولاء" فاحتفظ بها لتكون عطره يوم مماته.
ثم دعا بقدح ماء نثر المسك فيهظ¬ ثم ماثه بيدهظ¬ وقال لزوجته:
"انضجيه حولي.. فانه يحضرني الآن خلق من خلق الله ، لا يأكلون الطعام ، وإنما يحبون الطيب".
فلما فعلت قال لها:" اجفئي علي الباب وانزلي".. ففعلت ما أمرها به..
وبعد حين صعدت إليه ، فاذا روحه المباركة قد فارقت جسده ودنياه.
قد لحقت بالملأ الأعلى ، وصعدت على أجنحة الشوق إليه ، إذ كانت على موعد هناك مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر.. ومع ثلة مجيدة من الشهداء والأبرار.رضوان الله عليهم أجمعين ...


لطالما برح الشوق الظامئ بسلمان..وآن اليوم أن يرتوي ، وينهل..

__________________













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2018, 10:15 AM   رقم المشاركة : 9
أديب
 
الصورة الرمزية قصي المحمود





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :قصي المحمود غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 اعلان
0 نتاجي الجديد
0 مسمار في جدار الصمت

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

بارك الله في جهدكم المبارك أخي رياض وجعلها في ميزان حسناتكم






  رد مع اقتباس
قديم 05-24-2018, 11:08 AM   رقم المشاركة : 10
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من حياة الصحابة الكرام - لنقتدي بهم - منقول

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
بارك الله في جهدكم المبارك أخي رياض وجعلها في ميزان حسناتكم

جزاكم الله خيرا على المتابعة
احترامي












التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصحابة الذين حفظوا القرآن الكريم الدكتور اسعد النجار من وحي الشهر الفضيل 4 05-20-2018 01:42 PM
اخر حياة الشعرواي رحمه الله - منقول رياض محمد سليم حلايقه القرآن الكريم والسنة النبوية, لا تكن إلا في الجنة،عن الساعة 8 03-30-2016 10:34 PM
من عبق الصحابة رضي الله عنهم رياض محمد سليم حلايقه نبع الإيمان 55 07-16-2015 07:59 PM
ألقاب الصحابة رضوان الله عليهم شاكر السلمان نبع الإيمان 2 08-26-2011 09:31 PM
مساند الصحابة فاطمة الفلاحي نبع الإيمان 2 11-24-2009 12:15 PM


الساعة الآن 09:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::