في الأصل وبحكم الفطرة التي فطرت عليها ومن الصرخة الأولى أظن بأنني ولدت حرة!أو هكذا كان يخيل إلي وأنا طفلة …كنت أستغرب منذ وعيت وتنفست الهواء ما سبب هذا التنازع على ما يسمى حريتي وما يقومون به من أعمال أشعر معها بأنني نصف حرة ونصف مستعبدة ونصف أنثى ونصف كائن أخر لا أعرف ما هو تحديداً، النزعة أن تكون حراً طليقاً لا تعني أن تكون ذو ميول شاذة أو أن تكون منحرفاً كما يهوى البعض أن يطلق على من يقول كلمة أنا حر وخاصة (المرأة ) ولا أقصد طبعاً البعد عن الدين فالدين كفل لي حريتي وحفظ لي حقوقي …وكلفني بواجبات أيضاً , جاء المجتمع بعدها ونصب عدة عادات وتقاليد وحملها للشرع بالتزامن مع موجة تخلف في الفكر العام عند عامة الناس وتقوقع المفكرين والمثقفين في زوايا خاصة بهم!! …جعلتهم كالمغرد خارج السرب وكانت بكل أسف حريتي هي الثمن الذي أدفعه لتخلف هؤلاء وتقوقع اؤلئك.
لا أقصد الحرية بمفهومها المغلوط حالياً عند البشر أو كما يحلو للبعض تفسيرها , وإنما أقصد حريتي في التفكير واتخاذ القرارات التي تناسب حياتي …..وحرية التعبير عن نفسي بكل أريحية , حرية قول نعم ….عندما يجب أن تقال وقول لا ….عندما يجب أن تقال , حرية أن أكون أنا المتحكمة الأولى بقراراتي طالما كانت صائبة ولا تسيء لأحد ….حرية الرفض لكل من يمسك جهاز تحكم عن بعد ويحاول توجيهي كما لو كنت جهازاً آلياً ….
حرية أن أكون أنا من يضع الخطة لحياتي كما يحلو لي أن تكون , هل ترى هذا ممكن ؟؟.
· للأسف لا أظن أننا نملك هذه الحرية , فنحن إما أن نكون موجهين بشكل مباشر و واضح أو أن نكون موجهين من خلف حجاب لا يراه الآخر فيذهب به الظن أن من أمامه شخص يملك حرية الحركة والتوجه واتخاذ القرارات ….وهذا لعمري أسوأ مليون من مرة من التوجيه المباشر , فالشخص الموجه بشكل مباشر يعرف أنه يتعرض لضغط واحد وهو ضغط التوجيه من قبل البعض وكل ما عليه هو إيجاد حل للخروج من عباءة الأخر لينعم بحريته , أما الموجه بشكل خفي فسيتعرض لصراع رهيب فهو من جهة في نظر الآخرين شخص حر يمتلك حرية التصرف ومن جهة أخرى يعلم علم اليقين أنه موجه بطريقة محكمة لا أحد يعلم عنها ولذلك عليه خوض أكثر من حرب لينعم بالحرية إن وجد لذلك سبيلا , فكل تصرف سوف يفسره الآخرون بأنه نزق ورفس لنعمة الحرية التي يمتلكها , والمحرك والموجه الفعلي له بعيد عن الانتقادات ولا أصابع الاتهام توجه إليه كونه يعمل كما قلت سابقا من خلف حجاب , فكل ما سيقوم به طالب الحرية لنيلها سيأتي للشخص الموجه بالتحميد والتبجيل على موقفه وعلى صبره على ذاك الناكر للجميل والمعروف !!
لأجل ذلك ستبقى حريتنا موضع تشكيك بين ما حصلنا عليه وبين ما يمكن أن نحصل عليه وسط وسط مائع , لن نأخذ منه حق ولا باطل !!