جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث عديدة تحذر من آفات اللسان. منها: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)(متفق عليه عن أبي هريرة وأبي شريح).
وجاء عنه: (رحم الله امرءا قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم)(رواه ابن المبارك في الزهد بإسناد حسن وروي من طرق أخرى)
فالكلام الكثير يؤدي إلى أن يتورط الإنسان في أخطاء كثيرة، فاللسان له آفات، بلغها الإمام الغزالي عشرين آفة من الكذب، والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور، واليمين الغموس، والخوض في أعراض الناس، والكلام فيما لا يعنيه، والاستهزاء بالآخرين، والسخرية منهم، وغير ذلك كثير.
بل إن الشيخ عبد الغني النابلسي وصل آفات اللسان إلى اثنتين وسبعين آفة، وجاء بتفصيلات كثيرة على ذلك.
ومن وصايا سيدنا لقمان لابنه قوله: " يا بني إياك وفضول الكلام فإن هناك كلاما أقسى من الحجر، وأمر من الصبر، وأحر من الجمر وأنفذ من الإبر، واعلم أن القلوب حقول فازرع فيها طيب الكلام ومفيده، فإذا لم ينبت كله نبت بعضه واعلم أن اللغو منه ضار بقائله وسامعيه وأنصف أذنيك من لسانك فان الله ما جعل لك لسانا واحدا وأذنين إلا لتسمع أكثر مما تقول واعلم أن أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاما فيما لا يعنيه".
فاللهم اجعلنا ممن يحسنون الكلام ويحفظون أدب اللسان .
الفم هو بداية الشر لمن لم يحفظه والمحظوظ من استطاع حفظ لسانه إلا من كل خير
عن النبي –صلى الله عليه وسلم-
"لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"
عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال:
قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار
قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله -تعالى- عليه
تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أدلك على أبواب الخير؟
الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل
ثم تلا قوله -تعالى-: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ: يَعْمَلُونَ
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله
قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله
ثم قال:
ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله.
فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا. قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم
أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم
رواه الترمذي
ثار فلاح علي صديقه وقذفه بكلمة جارحة ،
وما إن عاد إلي منزله ،
وهدأت أعصابه ، بدأ يفكر باتزان : " كيف خرجت هذه الكلمة من فمي ؟!
أقوم وأعتذر لصديقي"
بالفعل عاد الفلاح إلي صديقه ، وفي خجل شديد قال له :
"أسف فقد خرجت هذه الكلمة عفوا مني ، اغفر لي!" ،
و تقبل الصديق اعتذاره ، لكن عاد الفلاح ونفسه مُرة ،
كيف تخرج مثل هذه الكلمة من فمه ، و لم يسترح قلبه لما فعله
فالتقي بشيخ القرية واعترف بما ارتكب ، قائلا له :
"أريد يا شيخى أن تستريح نفسي ، فإني غير مصدق أن هذه الكلمة خرجت من فمي!"
قال له الشيخ :
"إن أردت أن تستريح إملأ جعبتك بريش الطيور ، واعبر علي كل بيوت القرية ،
وضع ريشة أمام كل منزل".
في طاعة كاملة نفذ الفلاح ما قيل له ، ثم عاد إلي شيخه متهللا ، فقد أطاع!
قال له الشيخ :
"إذهب اجمع الريش من أمام الأبواب".
عاد الفلاح ليجمع الريش فوجد الرياح قد حملت الريش ،
ولم يجد إلا القليل جدا أمام الأبواب ، فعاد حزينا ... عندئذ قال له الشيخ :
" كل كلمة تنطق بها أشبه بريشه تضعها أمام بيت أخيك ، ما أسهل أن تفعل هذا؟! لكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلي فمك "
اذن عليك ان تجمع ريش الطيور .... او تمسك لسانك