لا تلبسي يوما ثياب حداد
شعر : حسين بشندي
إبريلُ إن جاكُم وأيْنعَ وَرْدُهُ=لا تَفرحوا بِنَداوةِ الأعوادِ
فهناكَ ترْقُدُ سُنْبُلاتٌ يُبِّستْ=وغدًا ستلَقفها يدُ الحَصَّادِ
يا صانعي سوطَ المذلةِ والأسى=لن تفلِتوا مِن قبضةِ الجَلاّدِ
فلتحرِقوا جسدي الضعيفَ بنارِكُم=واذْرُوا على وطني الجريحِ رَمَادِي
إن تذبحوا جَسَدي فصوتي خَالد=سيظل يذبحُكم مَدَى الآبادِ
لم يعلُ للذئبِ الحقيرِ عواؤهُ=في غابةٍ إلاّ بِلا آسَادِ
كنَّا نعيشُ الموتَ كلَ دقيقةٍ=في سلطةِ الجُهّالِ والأوغادِ
أخطو على روحي فَتنزِفُ غُرْبةً=فأظل أركُضُ في دَمِي وأنادي
يا مصرُ أينكِ؟ أين غِبْتِ حبيبَتي؟=أو لستِ يا مصرُ الحنونُ بِلادي
سافرتُ فيكِ مُغرّبا, ومُبَدَّداً=وجعلتُ مِنْ جُرحِ العُروبةِ زادي
سافرتُ فِي دمعِ الفقيرِ, أنينِه=أسْرَجْتُ بالصمتِ الكئيبِ جَوادي
وأُزخْرِفُ الدُّنيا بلونِ بياضِها=وأراه مُسْودًّا بنورِ سَوادي
يا مصرُ يا نبضَ السماءِ بِمُهجتي=لا تَنْظُري لِسَفاهةِ الحُسّادِ
لم يسمُ مِن بدرٍ علي راحِ العُلا=إن لم تَطُلْهُ معاوِلُ الأحقادِ
لم تعلم الدنيا الصلاح وأهله =إن لم يكن في الأرض أهل فساد
وإذا لبسنا البدر حُلّة روحنا=والله تفنى عتْمَةَ الأجساد
يا أمَّنا مهما نموتُ بِعِزّةٍ=لا تلبسي يومًا ثيابَ حِدادِ
إن مِت عنك مدافعا ومجاهدا=فلقد كتبت بموتتي ميلادي
إن مِتّ يا أمي وعِشتِ كريمةً=فلقد بلغتُ من الحياةِ مُرادي