آذار بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري \سفانة بنت ابن الشاطئ
آذر بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري
بقلــــم : سفانة بنت ابن الشاطئ
في ثنايا الكلمات .. وعلى تخوم المعاني وقبل الغوص في أعماقها ..وقبل تهيئة الحواس لمتابعة الأفكار من خلال الصور المتلاحقة ..و متابعة الحالة الداخلية المتأزمة وتجسيدها لمشاهد بصرية . حيث تتحول الحواس لتكون العلامة الأولى لكل الرؤى منقادة طوعا ..فتمتد أنامل الذكريات لتلاعب الوعي بخبث وتلامس جسد الواقع بجرأة ..فترتكب عمدا وجهرا إغتصاب الفرح .. وتتفنن في ترسيم الاستعارة لكل الأشياء الموجودة في المحيط الذاتي وعوالمه، هذا ما وشت به كلمات شاعرنا المتميز جميل داري حين قرر قلمه الوارف أن ينزف حروفه بلون الدم .. ويعجنها بطين الهموم .. ويذيلها بخيبات وانكسارات ..أكدتها غصات الأنين..
" آذار "شهر المناسبات الجميلة كــ "عيد الأم ".. يختال في21 منه الربيع مبتهجا يرتدي ثوبه السندسي المزين بشامات حمراء .. تفوح منه عبير الزهور .. فصل تعشقه كل الكائنات.. لكن هنا نجده عند شاعرنا مرسوم بلون الدم القاني .. موشح بالحزن .. معتق بجرار الألم .. يحكي لنا الكثير.." الجديد القديم" صادم في التحول والتغيير والمعنى والدلالة والتعبير.. يقضي على أية تصورات خارجة عن نطاق اليأس وتجسيد الموت واقعا حاضر وبقوة ..
في هذا النص الزاخر بالصور الباذخة أراد الشاعر أن ينقل لنا الحالة الداخلية التي أثقلتها التراكمات المنعكسة حتما من الحالة الخارجية (المحيط) وأول ما نقف عنده تكرار المتعمد للفعل (أشرب ) لإيصال الشاعر لانفعالاته الداخلية وتصوراته .. وتأملاته .. وفي كل مرة يكون الفعل (أشرب ) عميقا في مدلوله وأكثر تعبيرا عما يريده : فنجده يقول :
اقتباس :
سوف أشرب هذا المساء
حليب الذئاب
لدى الشاعر تعطش لشرب ((حليب الذئاب)) .. ولهذه الرغبة دلالات كثيرة لما يمتاز به الذئب من صفات معلومة لدينا ..فهو يتمنى أن يتسرب إليه من خلال هذا الحليب صفات لا يمتلكها .. لكنه يجدها توائم الحالة المحيطة .. كــ "القسوة والغدر واللؤم.. إلخ " وقد أراد طبعا أن يعبر عن حالته الداخلية المنهكة وجعا.. وعن المرحلة الصعبة التي عاشها والتي صادفت هذا العام إلتقائها بأحداث جديدة آنية أكثر تعقيدا مؤلمة .. مما يتطلب منه التغير ليتمكن من التأقلم واحتمال الحاضر المحمل بالكثير من الإنكسارات والفقدانات ..
وخاصة أن آذار هو ذات الشهر الذي حفر سابقا في الذاكرة ما يهيج المشاعر ويجعله مرتبط ارتباطا وثيقا بالمآسي .. ويثيرفي داخله ذلك الشيطان النائم ..
ثم نجد استخدام آخر للفعل ( أشربُ ) فيقول :
إقتباس :
سوف أشرب دمعي
وأجتر شمعي
وأحصي طوال الظلام
نجوم الغياب
يريد الشاعر أن يعبرعن حالته التي وشت بها الدموع الغزيرة .. حالة مترنحة بين اللامكان واللازمان شعور هلامي ملازم للشاعر يلاحقه مثل ظله منذ أن طالت ليالي الغياب عن الوطن .. تتراوحت حالته بين ارتشاف كؤوس الدموع وإجترار شمع الذكريات المحترقة .. وهدير الأفكار .. وتقليب رزنامة الغياب .. ليشرب أيضا :
إقتباس :
سوف أشرب جرحي..
خيالي المضرج
بالياسمين الجريح
بموت الأغاني
بهذا الفضاء المصاب
السؤال الذي لا يستقر على حال : يا لعضم هذه المعاناة التي تسببت في نكئ كل هذه الجراح .. لتتحول لكؤوس تُشرب .. بينما الجراح تتأزم يوما بعد يوم عصية عن الشفاء .. أما الخيال ورغم لونه الياسميني ورهافته إلا أنه هو أيضا جريح يعاني موت إيقاع الحياة فيه في فضاء مُعاق تسلل إليه كل أشكال التخلف ..
هنا كان الابداع يتحرك وفق منظومة دوافع الذات لينقل تلك الحالة الى الآخر في محاولة من الشاعر لتكوين اتصال جميل لمشاركة ( المتلقي ).. فيجد القارئ نفسه يعيش هذه الحالة على مستوى الدال و المدلول .. كما ان الصور استطاعت بكل بهاء أن تمنطق الرؤى بدقة .. ثم تحفز فضولنا للتعرف على الكأس التالية حيث يقول شاعرنا القدير جميل داري :
إقتباس :
سوف أشرب
صمتي وصوتي
وميلاد شوقي وموتي
وأسبح أيضا
بحمد الجنون
بحمد الخراب
عوضَ استخدام نضام التعرية للواقع الأليم والكشف عن المتراكم في الذات الشاعرة بطريقة مباشرة .. وأمام مشهد الترقب للآتي والرغبة في التغير والتحول .. ومحاولة حثيثة للإنعتاق والغوص في بحر الحقيقة والبوح والتصريح .. اختار الشاعر طريقة أخرى للتعبير عن الرفض وغير متوقعة .. وهي أن يشرب الصمت ويبتلع صوته .. والضغط عليه ليكون بوحه داخليا لا يتعدى حدود الأنا.. ويشيد سدا عاليا أمام طوفان بوحه وأشواقه .. رغم أن البعد عن وطنه بالنسبة له كالموت ..
بل نجده يحاول أن يجبر ذاته على تقبُّل الواقع .. و قد حرص على استخدام (سوف ) لتعبر عن أفكاره المتصارعة داخليا .. وعن قرارته المخنوقة والمتأجلة بقناعة فرضها عليه الوضع المحيط .. رغم أنه يتمنى أن ينفذها لذلك كان لكلمة سوف ايقاع خاص يشي بالقادم أي ربما تنتج حالته هذه (الفعل والتنفيذ) .. كما قال :
اقتباس :
سوف أقطع جزءا كبيرا
من القلب
أرميه للجائعين
وأترك باقيه للكلاب
سوف أمضي إلى الله
حيا وميتا
وأسأله:
من أباح دمي
كي ينال الثواب..؟
ومن الملاحظ إتباع الشاعر التكثيف ليترك للمتلقي مشاركته من خلال رسمه لما تعمد إخفاء من مشاهد في صورة الواحدة التي جاءت مكتظة بالدلالات..هي رؤية مختزلة و مكثفة في النص ساهمت في انتشاء الحرف الذي أبدع في إيصال الرسائل المختلفة ..والعزف ببهاء على إيقاع الشاعر الخاص..
حيث جاءت معالم اللوحة الذهنية والوجدانية لتكمل الفكرة من حيث دقة المعجم البلاغي الصوري ومن حيث ذلك التناغم الفكري الذهني .. لوحة كان الرمزفيها حاضرا ..تأطرها تكوينات درامية وحسية متباينة في وضعيتها مابين الاستسلام للحالة المحيطة (الواقعة لزوما )..وبين الثورة عليها دون الخروج من قالب الرمز..ليكون التناغم الحسي عكس مكامن الذات الشاعرة في محطات عدة ..حرك النص نحو حدود وجودية عميقة ذات نظرة تأملية ورؤية فلسفية خاصة .. من صور هذا النص الباذخة التي علينا الوقوف عندها ونتأمل جمال صياغتها :
- كيف لي أن أعانق آذار وهو دماء معلقة في مشاجب روحي وفي ردهات العذاب..؟
- كيف لي أن أخسر قرآن حزني وآياته مفعمات برائحة الشهداء الشباب..؟
- جاء آذار مزدحما بنجيع الفرح
- سأحلم بالموت بين ذراع الرصاص ولي معه بعد ذاك مرير العتاب
- حين آذار يأتي حيط به الشهداء يسكبون على يده دمهم مثل ماء
- سوف أسرق كحل القصيدة أكتب عنوان قبري على كل باب وأرش على الموت ماء نشيدي
تتأسس التجربة الشعرية عند شاعرنا على حضور الذات كسلطة مشرعة قولا وفعلا .. تردد الذات الشاعرة رؤيتها الموضوعية التي تتماهى تلقائيا مع صور ونماذج خارجية ليتشكل نص منظم الرؤى والافكار..مع بناء لغوي بكل ما يقتضيه من انزياحات و تكثيف .. مما يجعلنا نستنشق الرؤية الحداثوية للقصيدة من خلال التجديد في بلورة الفكرة والبناء المتنامي الحاضن للحالة الجوانية والمصطدم مع المحيط لتتحول الى جمل مكثفة وصور متجددة ..
رد: آذر بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري \سفانة بنت ابن الشاطئ
آذر بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري
بقلــــم : سفانة بنت ابن الشاطئ
في ثنايا الكلمات .. وعلى تخوم المعاني وقبل الغوص في أعماقها ..وقبل تهيئة الحواس لمتابعة الأفكار من خلال الصور المتلاحقة ..و متابعة الحالة الداخلية المتأزمة وتجسيدها لمشاهد بصرية . حيث تتحول الحواس لتكون العلامة الأولى لكل الرؤى منقادة طوعا ..فتمتد أنامل الذكريات لتلاعب الوعي بخبث وتلامس جسد الواقع بجرأة ..فترتكب عمدا وجهرا إغتصاب الفرح .. وتتفنن في ترسيم الاستعارة لكل الأشياء الموجودة في المحيط الذاتي وعوالمه، هذا ما وشت به كلمات شاعرنا المتميز جميل داري حين قرر قلمه الوارف أن ينزف حروفه بلون الدم .. ويعجنها بطين الهموم .. ويذيلها بخيبات وانكسارات ..أكدتها غصات الأنين..
" آذار "شهر المناسبات الجميلة كــ "عيد الأم ".. يختال في21 منه الربيع مبتهجا يرتدي ثوبه السندسي المزين بشامات حمراء .. تفوح منه عبير الزهور .. فصل تعشقه كل الكائنات.. لكن هنا نجده عند شاعرنا مرسوم بلون الدم القاني .. موشح بالحزن .. معتق بجرار الألم .. يحكي لنا الكثير.." الجديد القديم" صادم في التحول والتغيير والمعنى والدلالة والتعبير.. يقضي على أية تصورات خارجة عن نطاق اليأس وتجسيد الموت واقعا حاضر وبقوة ..
في هذا النص الزاخر بالصور الباذخة أراد الشاعر أن ينقل لنا الحالة الداخلية التي أثقلتها التراكمات المنعكسة حتما من الحالة الخارجية (المحيط) وأول ما نقف عنده تكرار المتعمد للفعل (أشرب ) لإيصال الشاعر لانفعالاته الداخلية وتصوراته .. وتأملاته .. وفي كل مرة يكون الفعل (أشرب ) عميقا في مدلوله وأكثر تعبيرا عما يريده : فنجده يقول :
اقتباس :
سوف أشرب هذا المساء
حليب الذئاب
لدى الشاعر تعطش لشرب ((حليب الذئاب)) .. ولهذه الرغبة دلالات كثيرة لمَ يمتاز به الذئب من صفات معلومة لدينا ..فهو يتمنى أن يتسرب إليه من خلال هذا الحليب صفات لا يمتلكها .. لكنه يجدها توائم الحالة المحيطة .. كــ "القسوة والغدر واللؤم.. إلخ " وقد أراد طبعا أن يعبر عن حالته الداخلية المنهكة وجعا.. وعن المرحلة الصعبة التي عاشها والتي صادفت هذا العام إلتقائها بأحداث جديدة آنية أكثر تعقيدا مؤلمة .. مما يتطلب منه التغير ليتمكن من التأقلم واحتمال الحاضر المحمل بالكثير من الإنكسارات والفقدانات ..
وخاصة أن آذار هو ذات الشهر الذي حفر سابقا في الذاكرة ما يهيج المشاعر ويجعله مرتبط ارتباطا وثيق بالمآسي .. ويثيرفي داخله ذلك الشيطان النائم ..
ثم نجد استخدام آخر للفعل ( أشربُ ) فيقول :
إقتباس :
سوف أشرب دمعي
وأجتر شمعي
وأحصي طوال الظلام
نجوم الغياب
يريد الشاعر أن يعبرعن حالته التي وشت بها الدموع الغزيرة .. حالة مترنحة بين اللامكان واللازمان شعور هلامي ملازم للشاعر يلاحقه مثل ظله منذ أن طالت ليالي الغياب عن الوطن .. تتراوحت حالته بين ارتشاف كؤوس الدموع وإجترار شمع الذكريات المحترقة .. وهدير الأفكار .. وتقليب رزنامة الغياب .. ليشرب أيضا :
إقتباس :
سوف أشرب جرحي..
خيالي المضرج
بالياسمين الجريح
بموت الأغاني
بهذا الفضاء المصاب
السؤال الذي لا يستقر على حال : يا لعضم هذه المعاناة التي تسببت في نتئ كل هذه الجراح .. لتتحول لكؤوس تُشرب .. بينما الجراح تتأزم يوما بعد يوم عصية عن الشفاء .. أما الخيال ورغم لونه الياسميني ورهافته إلا أنه هو أيضا جريح يعاني موت إيقاع الحياة فيه في فضاء مُعاق تسلل إليه كل أشكال التخلف ..
هنا كان الابداع يتحرك وفق منظومة دوافع الذات لينقل تلك الحالة الى الآخر في محاولة من الشاعر لتكوين اتصال جميل لمشاركة ( المتلقي ).. فيجد القارئ نفسه يعيش هذه الحالة على المستوى الدالة و المدلول .. كما ان الصور استطاعت بكل بهاء أن تمنطق الرؤى بدقة .. ثم تحفز فضولنا للتعرف على الكأس التالية حيث يقول شاعرنا القدير جميل داري :
إقتباس :
سوف أشرب
صمتي وصوتي
وميلاد شوقي وموتي
وأسبح أيضا
بحمد الجنون
بحمد الخراب
عوضَ استخدام نضام التعرية للواقع الأليم والكشف عن المتراكم في الذات الشاعرة بطريقة مباشرة .. وأمام مشهد الترقب للآتي والرغبة في التغير والتحول .. ومحاولة حثيثة للإنعتاق والغوص في بحر الحقيقة والبوح والتصريح .. اختار الشاعر طريقة أخرى للتعبير عن الرفض وغير متوقعة .. وهي أن يشرب الصمت ويبتلع صوته .. والضغط عليه ليكون بوحه داخليا لا يتعدى حدود الأنا.. ويشيد سدا عاليا أمام طوفان بوحه وأشواقه .. رغم أن البعد عن وطنه بالنسبة له كالموت سيان ..
بل نجده يحاول أن يجبر ذاته على تقبُّل الواقع .. و قد حرص على استخدام (سوف ) لتعبر عن أفكاره المتصارعة داخليا .. وعن قرارته المخنوقة والمتأجلة بقناعة فرضها عليه الوضع المحيط .. رغم أنه يتمنى أن ينفذها لذلك كان لكلمة سوف ايقاع خاص يوشي بالقادم أي ربما تنتج حالته هذه (الفعل والتنفيذ) .. كما قال :
اقتباس :
سوف أقطع جزءا كبيرا
من القلب
أرميه للجائعين
وأترك باقيه للكلاب
سوف أمضي إلى الله
حيا وميتا
وأسأله:
من أباح دمي
كي ينال الثواب..؟
ومن الملاحظ إتباع الشاعر التكثيف ليترك للمتلقي مشاركته من خلال رسمه لم تعمد إخفاء من مشاهد في صورة الواحدة التي جاءت مكتضة بالدلالات..هي رؤية مختزلة و مكثفة في النص ساهمت في انتشاء الحرف الذي أبدع في إيصال الرسائل المختلفة ..والعزف ببهاء على إيقاع الشاعر الخاص..
حيث جاءت معالم اللوحة الذهنية والوجدانية لتكمل الفكرة من حيث دقة المعجم البلاغي الصوري ومن حيث ذلك التناغم الفكري الذهني .. لوحة كان الرمزفيها حاضرا ..تأطرها تكوينات درامية وحسية متباينة في وضعيتها مابين الاستسلام للحالة المحيطة (الواقعة لزوما )..وبين الثورة عليها دون الخروج من قالب الرمز..ليكون التناغم الحسي عكس مكامن الذات الشاعرة في محطات عدة ..حرك النص نحو حدود وجودية عميقة ذات نظرة تأملية ورؤية فلسفية خاصة .. من صور هذا النص الباذخة التي علينا الوقوف عندها ونتأمل جمال صياغتها :
- كيف لي أن أعانق آذار وهو دماء معلقة في مشاجب روحي وفي ردهات العذاب..؟
- كيف لي أن أخسر قرآن حزني وآياته مفعمات برائحة الشهداء الشباب..؟
- جاء آذار مزدحما بنجيع الفرح
- سأحلم بالموت بين ذراع الرصاص ولي معه بعد ذاك مرير العتاب
- حين آذار يأتي حيط به الشهداء يسكبون على يده دمهم مثل ماء
- سوف أسرق كحل القصيدة أكتب عنوان قبري على كل باب وأرش على الموت ماء نشيدي
تتأسس التجربة الشعرية عند شاعرنا على حضور الذات كسلطة مشرعة قولا وفعلا .. تردد الذات الشاعرة رؤيتها الموضوعية التي تتماهى تلقائيا مع صور ونماذج خارجية ليتشكل نص منظم الرؤى والفكرة ..مع بناء لغوي بكل ما يقتضيه من انزياحات و تكثيف .. مما يجعلنا نستنشق الرؤية الحداثية للقصيدة من خلال التجديد في بلورة الفكرة والبناء المتنامي الحاضن للحالة الجوانية والمصطدم مع المحيط لتتحول لجمل مكثفة وصور متجددة ..
قرأت هذه القراءة الباذخة مرات وكنت اكتشف كل مرة قصيدتي من جديد ..وامام هكذا قراءات عميقة الغور اقف عاجزا عن السباحة في الخضم اللجب من الافكار النقدية التي تغني القصيدة وتجعلني اعيد قراءتها من جديد بناء على ذلك
ولقد اثارت دهشتي قدرتك البارعة على التحليل والغوص في اعماق اللغة حتى شعرت ان قراءتك هي السماء الموازية لنصي الارضي
ادركت تماما ان آذار شهر الالم والامل..شهر الشهداء والولادات الجديدة والربيع المتجدد .. ودائما نردد مع سعدالله ونوس :"نحن محكومون بالامل"
وقد برعت في الدلالات المختلفة للفعل: اشرب .. لا سيما اني قلتها في لحظة انفعالية ولم اشأ تغييرها بعد ذلك وفاء لتلك اللحظة التي انبثق الدم غزيرا من خاصرة الوطن المدجج بالعويل والشهداء..
انت هنا لم تكوني قارئة عابرة لنص عابر بل كنت ناقدة حصيفة قادرة على الولوج الى كل الاماكن القصية في القصيدة مما جعلتها اقرب الى النور واليقين وجعلتني اثق بقدرتي على التعبير عما خالجني لحظة القصيدة الممتدة عبر المكان والزمان
لست هنا في مجال تقريظ قصيدتي المثخنة بالجراح ولكن الحق يقال : انك برعت في قراءة النص ونقده من زوايا عديدة حتى شعرت برغبة جامحة للعودة الى قراءته ليس من منظاري هذه المرة بل من منظارك النقدي الذي اكن له كل تقدير وترحيب
آسف على التاخر عنك لظروف الحياة
ودمت شاعرة وناقدة من الطراز الرفيع
وكل ربيع وانت بخير وسلام
رد: آذر بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري \سفانة بنت ابن الشاطئ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوكب البدري
شكرا لك عزيزتي
فهذه القصيدة قرأتها أكثر مرة وانتابني احساس الفارس المهزوم ولم اتمكن التعليق عليها
لكن لابد من زيارتها مجددا
الف تحية لك
المبدعة القديرة كوكب
يبدو ان فروسيتي المهزومة انتقلت اليك بالعدوى؟؟
يسعدني ان تكوت القصيدة قد اثرت عليك بهذا الشكل المخيف
اتمنى ان تعودي للنص بقلب اقوى فالانسان "قد ينهزم لكنه لا يتحطم" حسب قول بطل همنغواي في العجوز والبحر
رد: آذر بين ربيع الدم و الورد... لــ شاعر الجميل جميل داري \سفانة بنت ابن الشاطئ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميل داري
سفانة الخير
قرأت هذه القراءة الباذخة مرات وكنت اكتشف كل مرة قصيدتي من جديد ..وامام هكذا قراءات عميقة الغور اقف عاجزا عن السباحة في الخضم اللجب من الافكار النقدية التي تغني القصيدة وتجعلني اعيد قراءتها من جديد بناء على ذلك
ولقد اثارت دهشتي قدرتك البارعة على التحليل والغوص في اعماق اللغة حتى شعرت ان قراءتك هي السماء الموازية لنصي الارضي
ادركت تماما ان آذار شهر الالم والامل..شهر الشهداء والولادات الجديدة والربيع المتجدد .. ودائما نردد مع سعدالله ونوس :"نحن محكومون بالامل"
وقد برعت في الدلالات المختلفة للفعل: اشرب .. لا سيما اني قلتها في لحظة انفعالية ولم اشأ تغييرها بعد ذلك وفاء لتلك اللحظة التي انبثق الدم غزيرا من خاصرة الوطن المدجج بالعويل والشهداء..
انت هنا لم تكوني قارئة عابرة لنص عابر بل كنت ناقدة حصيفة قادرة على الولوج الى كل الاماكن القصية في القصيدة مما جعلتها اقرب الى النور واليقين وجعلتني اثق بقدرتي على التعبير عما خالجني لحظة القصيدة الممتدة عبر المكان والزمان
لست هنا في مجال تقريظ قصيدتي المثخنة بالجراح ولكن الحق يقال : انك برعت في قراءة النص ونقده من زوايا عديدة حتى شعرت برغبة جامحة للعودة الى قراءته ليس من منظاري هذه المرة بل من منظارك النقدي الذي اكن له كل تقدير وترحيب
آسف على التاخر عنك لظروف الحياة
ودمت شاعرة وناقدة من الطراز الرفيع
وكل ربيع وانت بخير وسلام
وهل بعد هذا الكلام الذي لونته بالأحمر لدي ما أقوله .....
سوى أني كنت سعيدة أنا أتجول في نصك الباذخ الذي حفز قلمي لنثر ما نثره .. ومن المؤكد الفضل الأول هو براعتك في إيصال الفكرة .. ولأسلوب الذي يتميز بالمزج بين الأصالة والحداثة .. مع اصرارك على أن تبحث دوما خلف الغريب والغير مألوف .. واهتمامك بالكلمة قبل الجملة .. وعمق المعاني وتنوع وتجدد الصورة ..لكي تترجم الفكرة بكل بهاء وتقدمها لنا بأجمل حلة ..
يقول ماثيو أرنولد :
"قوة الشعر الكبرى تكمن في قدرته على الترجمة، ولا أعني بذلك قدرته على كشف سرّ الكون، وإنما أعني قدرته على تناول الأشياء بطريقة توقظ فينا إحساساً كاملاً جديداً أليفاً بها "
من المؤكد أني سوف احتفظ برأيك الذي أعتز به لعلمي الأكيد بقدرتك النقدية وقراءتك المتأنية لكل التفاصيل .. تقديري لك ولقلمك الوارف مع قوافل من الياسمين الدمشقي