مشت بخطى تسابق بعضها .. فتركل كل ما بداخلها من وجل .. وتتخطى الوقت كالريح ..وحقيبتها على ذراعها تدق كالساعة ..مشيرة لموعد جديد وسباق الزمن.
هواء بارد يرتطم بجفنها المكشوف فيغازل رمشها المعلق على ناصية الشارع.. لكنها لا تشعر به .
وتصغي جيداً لهستيريا الضجيج هناك.. وزلزال الصخب ..فتعانق التركيزأكثروتقترب..
كواكب البشر كانت كالارجوحة تتخطفها بين سواد وبياض.. وكثير من الزهور وخصل من شجر تهافتت عليه فصول الربيع.. وعواصف من هياكل آلية تقبل الأيادي وتسبق النظر..
وتدقق ..أقتربت من الصوت ... هناك على مد البصروجاء الخبر..
(صوت أعرفه ..جيداً ..ياالله ...ياله من قدر)
الأرض .. تحملها في ثقل ..وتسرق ذاتها لحنها الخالد والناي الذي طالما عزفت عليه..حزن بعمق يملأ قلوب البشر.. ولحظة وضحاها تبزغ شمس المخبر.
( ليسوا هم .. لا أعتقد انهم متهورون هكذا ..لاداعي لذلك...)
وتتقارب محطات اللقاء ..ويختفي الصخب..في قرع قلبها..وسرعان ماتظهر المفاجأة
(هم ....نعم هم)
وقفت مكبلة اليدين ..تنظر لجرح عميق حفر مجراها طيلة عمر ناهز الزمن بممرات ..وجع تكرر على لوح صورة ومعاناة .. ونخر ماألتأم من قمع فدمى التربة وربى الحزن والتشرد والضياع في عشق لا يصمت .
بين مصدقة لما ترى ومكذبة للواقع .. تتنفس عينها اللقاء
بالغائب الحاضر.
(انهم أخوتي كلهم .... وهي ....هي )
كانوا يحملونها كجسد تسلق على شرنقة من الشوك ..يلتف بشجرة الحقيقة .. ويشدونها على الأرض وينتزعونها كإبرة تغرس أظفارها في وسط القش لتختبئ
.. يمزقونها على الأسفلت ليصرخ من أشلاء المنظر ويحمر خجلاً من ألم الحدث..وترد عليه خصلات شعرها التي عانقت يد القتلة ..تشبثاً بروحها وعددها وعتادها هناك.. وصوت مخنوق بشالها الأسود يقول:
( الى متى وأنا أظلم ..الى متى ؟ وينادونني مطلقة وينعتونني بالسباب.. ويقذفونني بالعار والفضيحة )
جسد تعفن من كثرة رمق المارة عليه بوابل القيل والقال
مع مالاقاه من هالات الضرب صريعاً بالعصي تارةً وبالحديد تارةً أخرى .
تلك الحديدة البيضاء التي أكتحلت بسواد إنثناءاتها لتعانق جسدها أشفاقاً عليها من معاودة الركل بطرفها الحاد.
ولتسكت ما تسمعه من وجه آخرللألم والصراخ.
أفترشت الأرض كحفنة من تراب تراكمت على جبل من هم ووصب ..وتسارع عجيب بين حدث وصوت وإنقلاب.. وأفواه فاغرة يلوكها الأسى وأزدحام المارة وأشمئزاز المنظر .. والخوف.. وكلمات تتردد.
(لعلها عاهرة أمسكو بها ..لا حول ولا قوة إلا بالله)
(حرام عليهم لو ستروها)
(ما هذا ليس في قلبهم رحمة ما هكذا يفعل بالفتاة)
(ياربي ... والله حرام )
وتوقف الجموع .. وكأننا في قيامة قامت وأنا منهم
أختنقت عبرتي حتى كادت تقتلني وتلعثم لساني
وثارت عليٌ أجساد السماء والأرض وزفرت مما أعتراني بين أحضان الموتي .. فأرتجت سواعد الرجال وخارت قلوب العذارى.. وقلت:
(لا......لا .......لا )
ولم يصل صوتي رغم قوته ...وأمتدت الأيدي .. وتناقلت الذكريات شريطها العابر في مسرح لا يهدأ ..وطوت الأوزار بعضها فلم يبقَ من وزرها غيرها.
وتلعثم صوت الصخب بهدوء المجريات .. وتقدمت الساعات ببطء ..وسرعان ما نقلوا جسدها الى هيكل السيارة ..وفي صوت البرق خطفت الانظار ورحلت
ولم أرها من يومها تعود..
وأعلن الصمت حداده على الكلام في لغة ترملت على أرض الحديث وسقط الحزن مغشياً عليه ..فأكتحل المكان برطوبة الحدث.. وأتكأ على ميزان علق للأبد ظلماً لا يمحوه القتل.
وتدفق الدم الحار لرئتي المصلوبة .. ليعانق صدري الذى شهق ليتحرك من هناك عائداً يضرب كفاً على كف
ليرى كم من الأموات يعيشون على أمل الرجوع من رحلات...لن تعود.
انتهى
هذه المطلقة .. وقصص لا تعد ولا تحصى بها هالات العين تدمع وألم ينبثق من المجتمع
ليس لدى أكثر مما قلت
اترك لكم التعليق
شاكرة حسن أصغائكم لبؤرة الألم تلك
بقلم
نصف الروح
نسرين الطويرقي
كنت هنا وسأظل
التوقيع
مدني منزوعة التفاصيل .. ولا لجام لشهقاتي
ومستوى الذاكرة عم كل شئ
حتى نهش كف الصباح
فلا مساء ولا فتيل
قتيلة هواك
بقلم
نصف الروح
مشت بخطى تسابق بعضها .. فتركل كل ما بداخلها من وجل .. وتتخطى الوقت كالريح ..وحقيبتها على ذراعها تدق كالساعة ..مشيرة لموعد جديد وسباق الزمن.
هواء بارد يرتطم بجفنها المكشوف فيغازل رمشها المعلق على ناصية الشارع.. لكنها لا تشعر به .
وتصغي جيداً لهستيريا الضجيج هناك.. وزلزال الصخب ..فتعانق التركيزأكثروتقترب..
كواكب البشر كانت كالارجوحة تتخطفها بين سواد وبياض.. وكثير من الزهور وخصل من شجر تهافتة عليه فصول الربيع.. وعواصف من هياكل آلية تقبل الأيادي وتسبق النظر..
وتدقق ..أقتربت من الصوت ... هناك على مد البصر وجاء الخبر..
(صوت أعرفه ..جيداً ..يالله ...ياله من قدر)
الأرض .. تحملها في ثقل ..وتسرق ذاته لحنها الخالد والناي الذي طالما عزفت عليه..حزن بعمق يملأ قلوب البشر.. ولحظة وظحاها تبزغ شمس المخبر.
( ليسوا هم .. لا أعتقد انهم متهورون هكذا ..لا داعي لذلك...)
وتتقارب محطات اللقاء ..ويختفي الصخب..في قرع قلبها..وسرعان ماتظهر المفاجأة
(هم ....نعم هم)
وقفت مكبلة اليدين ..تنظر لجرح عميق حفر مجراها طيلة عمر ناهز الزمن بممرات ..وجع تكرر على لوح صورة ومعاناة .. ونخر مالتأم من قمع فدمى التربة وربى الحزن والتشرد والضياع في عشق لا يصمت .
بين مصدقة لما ترى ومكذبة للواقع .. تتنفس عينها اللقاء
بالغائب الحاضر.
(انهم أخوتي كلهم .... وهي ....هي )
كانوا يحملونها كجسد تسلق على شرنقة من الشوك ..يلتف بشجرة الحقيقة .. ويشدونها على الأرض وينتزعونها كإبرة تغرس أظفارها في وسط القش لتختبئ
.. يمزقونها على الأسفلت ليصرخ من أشلاء المنظر ويحمر خجلاً من ألم الحدث..وترد عليه خصلات شعرها التي عانقت يد القتلة ..تشبثاً بروحها وعددها وعتادهها هناك.. وصوت مخنوق بشالها الأسود يقول:
( الى متى وأنا أظلم ..الى متى ؟ وينادونني مطلقة وينعتونني بالسباب.. ويقذونني بالعار والفضيحة )
جسد تعفن من كثرة رمق المارة عليه بوابل القيل والقال
مع ما لاقاه من هالات الضرب صريعاً بالعصي تارتاً وبالحديد تارتاً أخرى .
تلك الحديدة البيضاء التي أكتحلت بسواد إنثناءاتها لتعانق جسدها أشفاقاً عليها من معاودة الركل بطرفها الحاد.
ولتسكت ما تسمعه من وجه آخر للألم والصراخ.
أفترشت الأرض كحفنة من تراب تراكمة على جبل من هم ووصب ..وتسارع عجيب بين حدث وصوت وإنقلاب.. وأفواه فاغرة يلوكها الأسى وأزدحام المارة وأشمئزاز المنظر .. والخوف.. وكلمات تتردد.
(لعلها عاهرة أمسكو بها ..لا حول ولا قوة إلا بالله)
(حرام عليهم لو ستروها)
(ما هذا ليس في قلبهم رحمة ما هكذا يفعل بالفتاة)
(ياربي ... والله حرام )
وتوقف الجموع .. وكأننا في قيامة قامت وأنا منهم
أختنقت عبرتي حتى كادت تقتلني وتلعثم لساني
وثارت عليا أجساد السماء والأرض وزفرت مما أعتراني بين أحضان الموتي .. فأرتجت سواعد الرجال وخارت قلوب العذارى.. وقلت
(لا......لا .......لا )
ولم يصل صوتي رغم قوته ...وأمتدت الأيدي .. وتناقلت الذكريات شريطها العابر في مسرح لا يهدأ ..وطوت الأوزار بعضها فلم يبقى من وزرها غيرها.
وتلعثم صوت الصخب بهدوء المجريات .. وتقدمت الساعات ببطئ ..وسرعان ما نقلوا جسدها الى هيكل السيارة ..وفي صوت البرق خطفت الانظار ورحلت
ولم أرها من يومها تعود..
وأعلن الصمت حدادة على الكلام في لغة ترملت على أرض الحديث وسقط الحزن مغشياً عليه ..فأكتحل المكان برطوبة الحدث.. وأتكأ على ميزان علق للأبد ظلماً لا يمحوه القتل.
وتدفق الدم الحار لرئتي المصلوبة .. ليعانق صدري الذى شهق ليتحرك من هناك عائداً يصفق كف على كف
ليرى كم من الأموات يعيشون على أمل الرجوع من رحلات...لن تعود.
انتهى
هذه المطلقة .. وقصص لا تعد ولا تحصى بها هالات العين تدمع وألم ينبثق من المجتمع
ليس لدى أكثر مما قلت
اترك لكم التعليق
شاكرة حسن أصغائكم لبؤرة الألم تلك
بقلم
نصف الروح
نسرين الطويرقي
كنت هنا وسأظل
الأديبة الأستاذة / نسرين
نص إجتماعي جميل ، قمت بمعالجته من زاوية بديعة ، زانه الأسلوب الجميل ، وحُسن توظيف الإستعارات
والصور البيانية ، وأعجبني إختيارك للمفردات ، ودقة الوصف ، ربما هنا وجدت الإيقاع سريعا ، وهنا لم تكن سرعة الإيقاع عيبا ، بل ربما أعطت النص روعة وجمالا ...
سعدتُ أن أقرأ لك مجددا ، وأجد داخلك أديبة تُبشر بمستقبل واعد ...
هنيئا للنبع بقلمك الجميل ...
ما لونته بالأحمر ، أخطاء ، صوابها ع النحو التالي ...
تهافتت / يا الله / ذاتها / وضحاها / ما التأم / وعتادها / ويقذفونني / تارةً / تارةً /تراكمت / عليَّ / وقلت : / فلم يبقَ / ببط ء / حداده / يضرب كفا على كف
وسعدت جداً بالتصحيح وشاكرة من قلب هذا النبع الذي أتعلم منه بالفعل الكثير
رائع أن أجد هناك أناس بعمق الفكر هنا
أناس حينما يكتبون هم بالفعل في رقيهم كما سيل جميل من اللفظ والحوار الهادف
بالفعل أفخر بتواجدي بينكم
كنت هنا وممتنة جداً سيدي الوليد
التوقيع
مدني منزوعة التفاصيل .. ولا لجام لشهقاتي
ومستوى الذاكرة عم كل شئ
حتى نهش كف الصباح
فلا مساء ولا فتيل
قتيلة هواك
بقلم
نصف الروح
كل المكونات المستخدمة في البناء الفني
كالايقاع والحدث واللغة والسرد وغيرها
تشي بقاصة مبدعة تعد بالكثير
أين أنت يا صاحبة القلم الذهبي ننتظرك هنا فهل من مزيد
تحياتي وتقديري