((نهر الخلاص))
الساعة مثل رمح قديم , تتصدى لعام بات يحتضر،وليس ثمة أمل بالأجراس , وبتلك الضحكه المتخمة بالهدايا والأمنيات،اقتحم الظلام وتحدى جميع المخاوف،لف بمعطفه كل المخاطر , التي قد يواجهها في مثل هذه الساعة المظلمة،فلربنا هنالك قناصة جندي أميركي تتربصه ،أو بندقية مراهق تغمره لهفة أن يطلق الرصاص. كل شيء هادئ إلا من صفير الرياح , التي تحاول هي الأخرى أن تدفع ببندول الوقت , نحو هاوية التاريخ , وإقصاء السنين،خطواته صارت تتحدى الطرقات،ربما هي الخمرة التي ترك ثمالتها على طاولته , مع القليل من الأوراق , التي زخرفها بمشروع قصة أو قصيدة , أو حتى هذيان؟ربما هي التي جعلته يخرج , ليؤسس مشروعه بعيدا عن القلم وتلك الأوراق،كان يحلم من وقت طويل بزيارة النهر،ذلك الذي يحضنه في نهاية كل عام , وفي غروب آخر يوم من ألسنة , ليحسم رغم برودة الماء , كل تدرنات العام المحتضر،اليوم وبعد انقطاع دام لسنين , لم تسعفه ذاكرته المتصدعة على حصرها،صفير الرياح،خطواته المتسارعه،قرع الأجراس،وضحكات بابانؤيل،كل تلك الدوافع كانت تستدرجه للنهر , الذي كان ينساب بسلاسة , رغم عنف السنوات , وهمجية الأيام , وتفاهة الساعات،استحضر قبل وصوله كل اللحظات المتشابهة , وكل اللحظات المختلفة،وتذكر كذلك أصدقائه وأعدائه , المتشابهين منهم والمختلفين،وحده الآن بمواجهة النهر،تعرى تماما , واستعد لإزالة أدران هذا العام المحتضر،تردد حين تناهت لمسمعيه , زمجرة من سيارة أو عربة،لم يميز حتى مكانها،أكانت على الأرض أم في السماء،فكر بأن الصوت لإرهابي أو قد يكون لبابا نؤيل الذي يحاول أن يحصي هداياه،ولكي يحسم الأمر قرر أن يكون الإرهابي وبابانؤيل متشابهان فكلاهما يستهويه العوم في السماء،تردد بالقفز فساعده على ذلك عصف انفجار شديد في الأرض كان أو في السماء،عانق جسده المتخم بالهدايا والشظايا مياه النهر وأبصر ولأول مرة بأن النهر قد جرف مع الدماء كل أدران السنين الفائتة،ابتسم بأسى وسلم للنهر ماتبقى من جسده المهشم وردد بانكسار(حتى أنت يا بابانؤيل!).
***