نار و ثلج شعر : د. جمال مرسي أحببت أن تكون أولى مشاركاتي مهداة للشاعر القدير و المعلم الجليل عبد الرسول معله و جميع القائمين على هذا الصرح الجميل لا يَعرِفُ الثَّلجَ مَن لَم تَكْوِهِ النَّارُ=و لا الجِوَارَ سِوَى مَن شَانَهُ الجَارُ و لَيسَ يُبصِرُ لَونَ الصِّدقِ ذُو كَذِبٍ=و لا استَشَاطَ لِقَولِ الحَقِّ غَدَّارُ الشَّمسُ تُشرِقُ فِي الإِصبَاحِ ، يَتبَعُهَا=إِذَا غَفَت فَوقَ صَدرِ اللَّيلِ أَقمَارُ و الكَوْنُ أَوجَدَهُ رَبٌّ ، فَسَيَّرَهُ=أَنَّى يَشَاءُ ، و لَم تُدرِكْهُ أَبصَارُ يَا نَافِخَ الكِيرِ : هَل عَادَلتَ نَفثَتَهُ=بِنَفحَةِ العِطرِ إِن بَثَّتهُ أَزهَارُ ؟ و هَل تَسَاوَى لَدَى الظَّمآنِ مُلتَحِفاً=رَملَ المَتَاهَةِ ، بُركَانٌ و أَنهَارُ ؟ أَعُوذُ بِاللهِ مِن شَيطَانِ قَافِيَتِي=مَا كَانَ يَصرِفُهُ وِردٌ و لا زَارُ ! خَمسُونَ شِعراً و نَارُ الشِّعرِ تَلفَحُنِي=و مَوجُ أَبيَاتِهِ فِي الصَّدرِ مَوَّارُ قَد كَان طَوقَ نَجَاتِي حِينَ يُغرِقُنِي=هَمٌّ ، و يُؤْرِقُنِي وَهمٌ و أَفكَارُ يَغفُو عَلَى وَرَقِي ، يُطفِي لَظَى حُرَقِي=يُثنِي عَلَى نَزَقِي ، تَزهُو بِهِ الدَّارُ يَطِيرُ بِي عَبرَ آفَاقٍ و أَخيِلَةٍ=للنِّيلِ ، يَجمَعُنَا شَطٌّ و أَسرَارُ فَأَرسُمُ الوَطَنَ الغَافِي عَلَى كَتِفِي=حَبِيبَةً ، حُسنُهَا لِلحُسنِ مِعيَارُ هِيَ الأَمِيرَةُ و الدُّنيَا وَصِيفَتُهَا=هِيَ الوَحِيدَةُ و الأَترَابُ أَصفَارُ هِيَ السَّمِيرُ ، عُيُونُ القَلبِ تَحرُسُهَا=هِيَ النَّدِيمُ ، لَهَا الدَّقَّاتُ سُمَّارُ هِيَ الهَزَارُ إِذَا مَا غَرَّدَت ، عَجَزَتْ=عَن المُحَاكَاةِ عِيدَانٌ و أَوتَارُ خَمسُونَ شِعراً ، و بَحرُ الشِّعرِ أَركَبُهُ=قَلبِي سَفِينَتُهُ ، و العَقلُ بَحَّارُ كَم جَاءَ فِي وَحشَةِ اللَّيلاتِ يُؤنِسُنِي=و فِي الحَقِيبَةِ أَقلامٌ و أَسفَارُ يَصُبُّ لِي مِن دِنَانِ الشَّوقِ خَمرَتَهُ=فَتَنتَشِي طَرَباً فِي القَلبِ أَطيَارُ و اليَومَ أَطلُبُهُ ، يَأبَى مُنَادَمَتِي=كَأَنَّهُ تَائِبٌ أَعيَتْهُ أَوزَارُ أَقُولُ يَا صَاحِبِي : قَد حَانَ مَوْعِدُنَا=فَهَل سَتَتْرُكُنِي فِي الوَهمِ أَحتَارُ ؟ قَد كَانَ عَهدَ وَفَاءٍ أَنتَ صَاحِبُهُ=و لَيسَ يُقبَلُ فِي الإِخلاصِ أَعذَارُ عَبدَ الرَّسُولِ : لَقَد جَفَّ المِدَادُ ، فَخُذْ=يَا صَاحِبِي يَدَ مَن جَافَتْهُ أَشعَارُ فَقَد عَهِدتُكَ لِلإِبداعِ جَامِعَةً=أُوُلَى مَبَادِئِها : حُبٌّ و إِيثَارُ عِلمٌ و حِلمٌ و صَبرٌ لَيسَ يُدرِكُهُ=إلا قَوِيٌّ عَلَى الأَحمَالِ صَبَّارُ أَقَمتَ بَيتاً ، مَعِينُ الصِّدقِ مَوْرِدُهُ=و البَيتُ دُونَ مَعِينِ الصِّدقِ يَنهَارُ رَأَيتُ دِجلَةَ مُختَالاً بِسَاحَتِهِ=و لِلفُرَاتِ عَلَى الأَعتَابِ إِبهَارُ نَادَى العِرَاقُ ، فَلَم تَبخَل بِقَافِيَةٍ= يَرَاعُكَ الحُرُّ مَا حُمَّ القَضَا نَارُ ثَارَ العِرَاقُ ، فَخَارَ الظُّلمُ مُنهَزِماً=فِي دُبْرِهِ اْلخِزيُ ، فِي أَعقَابِهِ اْلعَارُ غَنَّى العِرَاق ، فَكَان السِّلمُ أُغنِيَةً=لَهَا تَمِيلُ أَفَانِينٌ و أَزهَارُ يَا صَاحِبَ العِلمِ : بَعضُ العِلمِ مَفسَدَةٌ =و كُلُّ عِلمِكِ للطُّلاَّبِ أَشجَارُ يَا كَم تَفَيَّأتُ ظِلَّ الحَرفِ مُستَمِعاً=للدَّرسِ ، نَافِلَتِي شُكرٌ و إِكبَارُ قَطَفتُ مِن رَوضَةِ الأَشعَارِ سَوْسَنَةً=أَهدِي لِمَن ذِكرُهُ فِي النَّاسِ مِعطَارُ غداً أَمُوتُ و يَقتَاتُ الرَّدَى جَسَدِي=فَاْقرَأْ قَصِيدِيَ ،إِنَّ الشِّعرَ تَذكَارُ